المنوفية تنزف وجعًا.. ومصر تودع بناتها في صمت موجع.. لقمة العيش والمقابل موت وحسرة

رانا علي

في مشهدٍ يُدمي القلوب ويُغلف السماء بالحزن، استفاقت محافظة المنوفية – بل ومصر كلها – على كارثة إنسانية بكل المقاييس. حادث مروّع على الطريق الإقليمي بالقرب من الخطاطبة راح ضحيته 19 فتاة من العاملات البسطاء، خرجن في ساعات الفجر الأولى بحثًا عن لقمة عيش لا تُكلف غير التعب، فعُدن أجسادًا بلا روح، ضحايا لحادث دامٍ لا يرحم.
التفاصيل مؤلمة، والقلوب لا تتحمل.
سائق تريلا محمّلة بالجاز غلبه النعاس، فانحرفت مركبته الثقيلة إلى الاتجاه المعاكس على الطريق. في لحظة قاتلة، اصطدم بسيارة ميكروباص كانت تقل الفتيات في طريق عودتهن من يوم شاق في أحد المصانع، مقابل يومية لا تتجاوز 130 جنيهًا. لم يكن في الميكروباص نجاة لأحد، فالموت كان أسرع من كل صرخة، وأقسى من كل دعوة أم تنتظر عودة ابنتها.
بنات في عمر الزهور.. خرجن ولم يعدن
هؤلاء الفتيات لم يحملن سلاحًا، لم يكنّ في طريق حرب، لم يخرجن إلا بحثًا عن حياة كريمة تسند أسرًا كاملة. لكن القدر، أو بالأحرى الإهمال واللامبالاة، حوّل رحلتهن إلى رحلة موت جماعي.
المسؤولية موزعة.. لكن من يُحاسب؟
نام السائق، لكن من سمح له أن يسوق محمّلًا بالجاز على هذا الطريق؟
أين الرقابة على الطرق؟
لماذا لا توجد آليات صارمة تضمن أن السائق في وعيه قبل أن يقود مركبة قاتلة؟
وأين التأمين؟ وأين كرامة العامل والعاملة في بلد من المفترض أنه يحمي أبناءه؟
مصر حزينة.. والعدالة مطلوبة
المنوفية تودع بناتها في جنازات صامتة، والقلوب تنزف.
لا نريد كلمات مواساة فقط، نريد تحقيقًا جادًا ومسؤولين يُحاسبون، وقوانين تُنفذ، وحماية حقيقية للفقراء الذين يدفعون حياتهم ثمنًا للفوضى والإهمال.

رحمة الله على الأرواح البريئة

نودعكم يا بنات مصر، وأنتم في أعيننا شهيدات العمل والكد والكرامة.
نسأل الله أن يجعلكم مع النبيين والصديقين والشهداء، وأن يُلهم أهاليكم الصبر والسلوان.
وإن لم يوقظ هذا الحادث الضمير الجمعي، فمتى إذًا ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى