سلسلة المذاهب الأربعة .. مذهب الامام أحمد بن حنبل

كتبت سوزان مرمر
ننشر اليوم السيرة الذاتية للامام أحمد بن حنبل
آخر الأئمة الأربعة ومؤسس المذهب الحنبلي (164 – 241هـ / 780 – 855م)
أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ حَنْبَلِ الذهَلِيُّ الشَّيْبَانِيُّ (164هـ – 241هـ / 780 – 855م) هو فقيه ومحدِّث مسلم، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل». ويُعدُّ كتابه «المسند» من أشهر كتب الحديث وأوسعها.
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلِ
اسم الولادة
أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني
الميلاد
164هـ / 780م
بغداد، العراق، الدولة العباسية
الوفاة
الجمعة 12 ربيع الأول 241هـ – 21 مايو 855 (75 سنة)
بغداد، العراق، الدولة العباسية
مكان الدفن
مرقد الإمام أحمد بن حنبل، العراق
معالم
مسجد أحمد بن حنبل
الكنية
أبو عبد الله
اللقب
الإمام المبجَّل، شيخ الإسلام، إمام أهل السنة والجماعة، عالم العصر، زاهد الدهر، مُحدِّث الدنيا، عَلَم السُّنة
الديانة
الإسلام
المذهب الفقهي
مجتهد
الطائفة
أهل السنة والجماعة
العقيدة
أثرية
الزوجة
عباسة بنت الفضل
ريحانة بنت عمر
الأولاد
صالح، وعبد الله، والحسن والحسين (ماتا صغيرين)، والحسن ومحمد، وسعيد، وزينب
عدد الأولاد
8 تعديل قيمة خاصية (P1971) في ويكي بيانات
الأب
محمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني
الأم
صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيبانية
وُلد أحمد بن حنبل سنة 164هـ في بغداد ونشأ فيها يتيماً، وقد كانت بغداد في ذلك العصر حاضرة العالم الإسلامي، تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة، وكانت أسرة أحمد بن حنبل توجهه إلى طلب العلم، وفي سنة 179هـ بدأ ابن حنبل يتَّجه إلى الحديث النبوي، فبدأ يطلبه في بغداد عند شيخه هُشَيم بن بشير الواسطي حتى توفي سنة 183هـ، فظل في بغداد يطلب الحديث حتى سنة 186هـ، ثم بدأ برحلاته في طلب الحديث، فرحل إلى العراق والحجاز وتهامة واليمن، وأخذ عن كثير من العلماء والمحدثين، وعندما بلغ أربعين عاماً في سنة 204هـ جلس للتحديث والإفتاء في بغداد، وكان الناس يجتمعون على درسه حتى يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف.
اشتُهر ابن حنبل بصبره على المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم «فتنة خلق القرآن»، وهي فتنة وقعت في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون، ثم المعتصم والواثق من بعده، إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث، وهو رأي المعتزلة، ولكن ابن حنبل وغيره من العلماء خالفوا ذلك، فحُبس ابن حنبل وعُذب، ثم أُخرج من السجن وعاد إلى التحديث والتدريس، وفي عهد الواثق مُنع من الاجتماع بالناس، فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً. وفي شهر ربيع الأول سنة 241هـ، مرض أحمد بن حنبل ثم مات، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة.
نسبه وأسرته
هو: «أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان». فهو من ولد شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وليس من ولد شيبان بن ثعلبة كما تصور بعض الروايات. فإذا قيل الشيباني لم يفد المطلق من هذا إلا ولد شيبان بن ثعلبة، وإذا قيل الذهلي لم يفد مطلق هذا إلا ولد ذهل بن ثعلبة فينبغي أن يقال أحمد بن حنبل الذهلي على الإطلاق لأنه من ولد ذهل بن ثعلبة. وقد نسبه البخاري إليهما معا فقال: الشيباني الذهلي.
أمه: «صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك بن سوادة بن هند الشيبانية»، كان جدها عبد الملك بن سوادة من وجوه بني شيبان، وكانت قبائل العرب تنزل عليه فيضيفهم.
إن أحمد بن حنبل من أهل العراق، عربي النسب، فهو ذهلي في نسبه لأبيه وشيباني في نسبه لأمه، وشيبان وذهل أخوان من بني بكر بن وائل إحدى قبائل ربيعة العدنانية التي تلتقي مع النبي محمد في نزار بن معد بن عدنان، وقد وُصفت هذه القبيلة بأن فيها همة وإباء وحمية، وكان منها المثنى بن حارثة الشيباني قائد الجيوش الإسلامية الغازية لدولة الفرس بالعراق، في عهد أبي بكر الصديق، كما اشتهرت بالهمة والصبر وحسن البلاء في الجاهلية والإسلام، حتى كانت أبرز القبائل الربعية وفخرها، ولقد قيل: «إذا كنت في ربيعة، فكاثر بشيبان وفاخر بشيبان وحارب بشيبان»، فشيبان في الجاهلية والإسلام أكثر القبائل الربعية عدداً، وأعزها نفراً، وأعظمها أثراً. وكانت منازلهم بالبصرة وباديتها، وقد كانت في الجاهلية قريبة المقام من العراق، فلما بنى عمر بن الخطاب البصرة مطلة على الصحراء لينزل بها العرب نزلوا بها فسكنوها وسكنوا في باديتها، وكانت أسرة أحمد بن حنبل وأسرة أمه تنزل بتلك المدينة وبيدائها.
ولأن أصل أسرة أحمد بن حنبل من البصرة فقد عُرف بأنه «البصري»، وُيروى أن أحمد بن حنبل كان إذا جاء البصرة صلى في مسجد مازن، وهم من بني شيبان، فقيل له في ذلك فقال: «إنه مسجد آبائي». ولكن مقام أسرة أحمد بن حنبل لم يستمر بالبصرة، بل إن جده حنبل بن هلال انتقل إلى خراسان، وكان والياً على سرخس في العهد الأموي، ولما لاحت الدعوة العباسية في الأفق عاون دعاتها وانضم إلى صفوفهم حتى أوذي في هذا السبيل. أما أبو أحمد فهو محمد بن حنبل، وقد كان جندياً، وقيل إنه كان قائداً، فقد روي عن الأصمعي أنه قال: «أبو عبد الله أحمد بن حنبل من ذهل، وكان أبوه قائداً»، وذهل هو ذهل بن ثعلبة بن عكابة، وقال ابن الجزري: «كان أبوه في زي الغزاة».
ويظهر أن أسرته كانت بعد انتقالها إلى بغداد تعمل للدولة العباسية، ولم ينقطع اتصالها بها وإن لم يكن منها ولاة، إذ يُروى أن عم أحمد بن حنبل كان يرسل إلى بعض الولاة بأحوال بغداد ليُعلمَ بها الخليفة إذا كان غائباً عنها، أما أحمد بن حنبل فقد كان يتورع عن المشاركة في ذلك منذ صباه، فقد رُوي أن الوالي داود بن بسطام قال: أبطأتْ علي أخبار بغداد، فوجهت إلى عم أبي عبد الله بن حنبل: «لم تصل إلينا الأخبار اليوم»، وكنت أريد أن أحررها وأوصلها إلى الخليفة، فقال لي: «قد بعثت بها مع أحمد ابن أخي»، قال: فبعث عمُّه، فأحضر أبا عبد الله وهو غلام، فقال: «أليس بعثتُ معك الأخبار»، قال: «نعم»، قال: «فلأي شيء لم توصلها؟»، قال: «أنا كنت أرفع تلك الأخبار! رميتُ بها في الماء»، فجعل ابن بسطام يسترجع ويقول: «هذا غلام يتورع، فكيف نحن؟».
مولده ونشأته
مولده
وُلد أحمد بن حنبل في شهر ربيع الأول من سنة 164 هـ، وهذا هو المشهور المعروف، وقد ذكر ذلك ابنه صالح وابنه عبد الله، قال عبد الله: «سمعت أبي يقول: ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة»، ولم يختلف الرواة في زمن ولادته كما اختلفوا في زمن ولادة الإمامين أبي حنيفة ومالك، وذلك لأنه قد ذكر هو تاريخ هذه الولادة وكان على علم به.
أما موطن ميلاده فقد اختلف فيه المؤرخون، فقيل إنه وُلد بمرو في خراسان، «تقع في تركمانستان حاليا» حيث كان يعمل أبوه وجده من قبل، وقيل إنه وُلد ببغداد بعد أن جاءت أمه حاملاً به من مدينة مرو التي كان بها أبوه، وهذا الأخير هو القول الراجح عند جمهرة المؤرخين، فقد روي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: سمعت أبي يقول: «قدمت بي أمي حاملاً من خراسان، وولدت سنة أربع وستين ومئة».
نشأته
منظر عام لمدينة بغداد، حيث ولد ابن حنبل ونشأ وترعرع
فقد ابن حنبل أباه وهو طفل صغير، فقد قال: «لم أرَ جدي ولا أبي»، والمعروف أن أباه مات بعد ولادته، ولا بد أن ذلك كان وهو صغير لا يعي ولا يدرك شيئاً، بدليل أنه نفى رؤيته لأبيه وجده، وقد ذُكر أن أباه مات شاباً في الثلاثين من عمره، ولقد قامت أمه بتربيته في ظل مَن بقي من أسرة أبيه، وكان أبوه قد ترك له ببغداد عقاراً يسكنه، وآخر يغل له غلة قليلة تعطيه الكفاف من العيش، فاجتمع له بتلك الغلة الضئيلة أسباب الاستغناء عما في أيدي الناس.
نشأ ابن حنبل في بغداد وتربى بها تربيته الأولى، وقد كانت بغداد تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم، وتخالفت مآربهم، وزخرت بأنواع المعارف والفنون، فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة والحكماء، فقد كانت حاضرة العالم الإسلامي، وقد توافر فيها ما توافر في حواضر العالم من تنوع المسالك وتعدد السبل وتنازع المشارب ومختلف العلوم، وقد اختارت أسرة ابن حنبل له منذ صباه أن يكون عالماً بكل العلوم الممهدة له، من علم بالقرآن والحديث واللغة ومآثر الصحابة والتابعين وأحوال النبي محمد وسيرته وسيرة أوليائه الأقربين، وقد اتفقت هذه التربية أو هذا التوجيه مع نزوعه النفسي، وما كانت تصبو إليه همته من غايات، فقد وجهته أسرته إلى القرآن الكريم منذ نشأته الأولى فحفظه، وظهرت عليه الألمعية مع الأمانة والتقى، حتى إذا أتم حفظ القرآن الكريم وعلم اللغة، اتجه إلى الديوان ليتمرن على التحرير والكتابة، ولقد قال في ذلك: «كنت وأنا غُلَيم أختلف إلى الكتاب، ثم اختلفت إلى الديوان وأنا ابن أربع عشرة سنة».
وكان ابن حنبل وهو صبي محل ثقة الذين يعرفونه من الرجال والنساء، وقد كان نُجبه واستقامته أثرين ملاحظين لكل أترابه وآبائهم، يتخذه الآباء قدوة لأبنائهم، حتى قال بعض الآباء: «إني أنفق على أولادي وأجيئهم بالمؤدبين لكي يتأدبوا فما أراهم يفلحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظروا كيف يخرج!»، وجعل يعجب.
أزواجه وأولاده
لم يتزوج أحمد بن حنبل إلا بعد أن بلغ الأربعين، وقيل أن ذلك كان بسبب اشتغاله بالعلم، أو لأن أمه كانت موجودة بجواره ترعى شؤونه، أو لأنه كان يكثر من الرحلات وتطول غيبته عن بلده، فلما أن بلغ الأربعين وأصبح أقرب إلى الاستقرار من ذي قبل فكر في الزواج، وقد قال ابن الجوزي في ذلك: «كان رضي الله عنه شديد الإقبال على العلم، سافر في طلبه السفر البعيد، ووفر على تحصيله الزمان الطويل، ولم يتشاغل بكسب ولا نكاح حتى بلغ منه ما أراد». وكانت أولى زوجاته هي “العباسة بنت الفضل”، وهي فتاة عربية من ربض بغداد أي من ضواحيها القريبة، وقد عاشت مع أحمد بن حنبل ثلاثين سنة، وأنجبت منه ولدهما صالحاً، وقد قال “المروذي” تلميذ أحمد بن حنبل في شأن العباسة: «سمعت أبا عبد الله يقول: أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة فما اختلفتُ أنا وهي في كلمة»، ولما توفيت أم صالح تزوج أحمد زوجته الثانية “ريحانة”، وأنجبت منه ولداً واحداً هو عبد الله، فلما ماتت أم عبد الله اشترى جاريةً اسمها “حُسْن”، فأنجبت له “زينب” ثم توأمين هما “الحسن” و”الحسين”، فماتا بعد ولادتهما، ثم وَلدت “الحسن” و”محمداً”، ثم وَلدت بعد ذلك “سعيداً”. وقد نبغ في الفقه من أولاده صالح وعبد الله، وأما “سعيد” فقد ولي قضاء الكوفة فيما بعد.
طلبه للحديث النبوي
كان بين يدي أحمد بن حنبل علمان من علوم الشريعة الإسلامية عليه أن يختار أحدهما، فهو إما أن يختار مسلك الفقهاء، وإما أن يختار أن يكون راوياً من رواة الحديث وحافظاً من حفاظه، فقد ابتدأت الطريقتان تتميزان في عصره، وابتدأ العلمان ينفصلان، ولقد كان في العراق المنزعان، فقد كان في بغداد فقه العراق، كما كان فيها المحدثون الحفاظ.
اختار أحمد بن حنبل في صدر حياته رجال الحديث ومسلكهم، فاتجه إليهم أول اتجاهه، ويظهر أنه قبل أن يتجه إلى المحدثين راد طريق الفقهاء الذين جمعوا بين الرأي والحديث، فقد رُوي أن أول تلقيه كان على القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ولكنه مال بعد ذلك إلى المحدثين الذين انصرفوا بجملتهم للحديث، فقد قال: «أول من كتبت عنه الحديث أبو يوسف»، ولكنه لم يدم في الأخذ عنه، فقد انصرف إلى المحدثين انصرافاً لم يقطعه عن الاطلاع على ما أنتجته عقول الفقهاء العراقيين من فتاوى وأقضية وتخريج، بل إنه قد اطلع عليها، ولكن همته لم تكن إليها.
في بغداد
طلب أحمد بن حنبل الحديث في فجر شبابه، وكان المحدثون في كل بقاع الأراضي الإسلامية، وكان لا بد للإمام أحمد أن يأخذ عن كل علماء الحديث في العراق والشام والحجاز وتهامة، ولعله أول محدث قد جمع الأحاديث في كل الأقاليم ودوَّنها، وإن مسنده لشاهد على ذلك، فهو قد جمع الحديث الحجازي والشامي والبصري والكوفي جمعاً متناسباً. وقد بدأ اتجاه ابن حنبل إلى الحديث من سنة 179هـ، واستمر مقيماً ببغداد يأخذ من شيوخ الحديث فيها ويكتب كل ما يسمع حتى سنة 186هـ، أي أنه استمر بطلب حديث البغداديين نحو سبع سنين أو أكثر، ثم ابتدأ في هذه السنة رحلته إلى البصرة، وفي العام التالي رحل إلى الحجاز، ثم توالت رحلاته بعد ذلك إلى البصرة والحجاز واليمن وتهامة وغيرها في طلب الحديث.
لازم أحمد بن حنبل منذ أن بلغ السادسة عشرة من عمره سنة 179هـ إماماً من أئمة الحديث، وهو هُشَيم بن بشير بن أبي حازم الواسطي (المتوفى سنة 183هـ)، واستمر يلازمه نحو أربع سنوات، فلم يتركه حتى بلغ العشرين من عمره، وقد رُوي عن ابن حنبل خبرُ تلك الملازمة ومدتها، فقد قال: «كتبت عن هشيم سنة تسع وسبعين، ولزمناه إلى سنة ثمانين، وإحدى وثمانين، واثنتين وثمانين، وثلاث، ومات في سنة ثلاث وثمانين، كتبنا عنه كتاب الحج نحواً من ألف حديث، وبعض التفسير، وكتاب القضاء وكتباً صغاراً»، فسأله ابنه صالح بعد ذلك القول: «يكون ثلاثة آلاف؟»، قال: «أكثر».
ولم تكن تلك الملازمة تامة، أي أنه لم ينقطع له انقطاعاً تاماً ولم يتصل بغيره مدة أربع سنوات، بل كان يتلقى عن غيره أحياناً، ويحضر بعض مجالس سواه، إذ يُروى أنه سمع من عمير بن عبد الله بن خالد سنة 182هـ قبل موت هشيم، كما سمع في هذه الأثناء من عبد الرحمن بن مهدي، فقد رُوي أنه قال: «قدم علينا عبد الرحمن بن مهدي سنة ثمانين وقد خضب، وهو ابن خمس وأربعين سنة، وكنت أراه في المسجد الجامع»، كما كان يستمع إلى أبي بكر بن عباس ويروي عنه. وبعد موت الشيخ هشيم بن بشير، أخذ أحمد بن حنبل يتلقى الحديث حيثما وجده، ومكث ببغداد نحو ثلاث سنوات يأخذ من شيوخها بجد ودأب، ومن غير أن يخص أحداً بفضل ملازمة دون غيره كما كان شأنه مع شيخه هشيم، إذ كان قد بلغ العشرين عاماً أو قاربها عند موت هشيم، فسار في طلب الحديث في دأب وجد وعزم، وأمه تشجعه وترشده وتدعوه إلى الرفق بنفسه إن وجدت منه إرهاقاً لنفسه، وقد قال هو في ذلك: «كنت ربما أردت البكور في الحديث، فتأخذ أمي بثيابي حتى يؤذِّن الناس أو حتى يصبحوا».
رحلته في طلب الحديث
بدأ أحمد بن حنبل رحلاته سنة 186هـ ليتلقى الحديث عن الرجال، فرحل إلى العراق وإلى الحجاز وإلى تهامة وإلى اليمن، وكان يود أن يرحل إلى الري ليستمع إلى جرير بن عبد الحميد، ولم يكن قد رآه قبل في بغداد، ولكن أقعده عن الرحلة إليه عظيمُ النفقة عليه في هذا السبيل. وتوالت رحلاته ليتلقى عن رجال الحديث شفاهاً، ويكتب عن أفواههم ما يقولون، فرحل إلى البصرة خمس مرات، كان يقيم فيها أحياناً ستة أشهر يتلقى عن بعض الشيوخ، وأحياناً دون ذلك وأحياناً أكثر، على حسب مقدار تلقيه من الشيخ الذي رحل إليه.
رحل إلى الحجاز وتهامة خمس مرات، أولاها سنة 187هـ، والتقى في هذه الرحلة بالإمام الشافعي في مكة المكرمة، وأخذ مع حديث أبي عيينة الذي كان مقصده إليه فقهَ الشافعي وأصوله وبيانه لناسخ القرآن ومنسوخه، وكان لقاؤه بالشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها ومعه فقهه وأصوله محررة مقررة، وكان ابن حنبل قد نضج، حتى كان الشافعي يعول عليه في معرفة صحة الأحاديث أحياناً ويقول له: «إذا صح عندكم الحديث فأعلمني به، أذهب إليه حجازياً أو شامياً أو عراقياً أو يمنياً». وقد ذكر ابن كثير تفصيل رحلات حجه فقال: «أول حجة حجها في سنة سبع وثمانين ومئة، ثم سنة إحدى وتسعين، ثم سنة ست وتسعين، وجاور في سنة سبع وتسعين، ثم حج سنة ثمان وتسعين، وجاور إلى سنة تسع وتسعين»، كما قال ابن حنبل: «حججت خمس حجج، منها ثلاث راجلاً، وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهماً، وقد ضللت في بعضها عن الطريق وأنا ماشٍ، فجعلت أقول: يا عباد الله دلوني على الطريق، حتى وقفت على الطريق».
كما رحل أحمد بن حنبل إلى الكوفة، ولقي المشقة في هذه الرحلة مع قربها من بغداد، لأن مقامه في الكوفة لم يكن ليناً رقيقاً، فقد رُوي عنه أنه قال: «خرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لَبِنة فحممت، فرجعت إلى أمي ولم أكن استأذنتها»، وقال: «لو كان عندي تسعون درهماً كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري، وخرج بعض أصحابنا، ولم يمكنِّي الخروج لأنه لم يكن عندي شيء».
وكان أحمد بن حنبل قد رسم لنفسه أن يذهب إلى الحج سنة 198هـ، وبعد الحج والمجاورة يذهب إلى عبد الرزاق بن همام بصنعاء اليمن، وقد كاشف بهذه النية رفيقه وصاحبه يحيى بن معين، وقد توافقت رغبتهما في ذلك، فدخلا مكة، وبينما هما يطوفان طواف القدوم إذا عبد الرزاق يطوف، فرآه ابن معين وكان يعرفه، فسلم عليه وقال له: «هذا أحمد بن حنبل أخوك»، فقال: «حيَّاه الله وثبَّته، فإنه يبلغني عنه كلُّ جميل»، قال: «نجيء إليك غداً إن شاء الله حتى نسمع ونكتب»، فلما انصرف قال أحمد معترضاً: «لِمَ أخذت على الشيخ موعداً؟»، قال: «لنسمع منه، قد أربحك الله مسيرة شهر ورجوع شهر والنفقة»، فقال أحمد: «ما كان الله يراني وقد نويت نية أن أفسدها بما تقول، نمضي فنسمع منه»، ثم مضى بعد الحج حتى سمع منه بصنعاء.
سافر ابن حنبل إلى صنعاء، وناله العيش الخشن والمركب الصعب، إذ انقطعت به النفقة في الطريق، فأكرى نفسه من بعض الحمالين إلى أن وافى صنعاء، ولما وصل إلى صنعاء حاول الشيخ عبد الرزاق أن يعينه، فقال له: «يا أبا عبد الله، خذ هذا الشيء فانتفع به، فإن أرضنا ليست بأرض متجر ولا مكسب»، ومد إليه بدنانير، فقال أحمد: «أنا بخير»، ومكث على هذه المشقة سنتين استهان بهما لأنه سمع أحاديث ما كان يعلمها من قبل.
استمر أحمد على الرحلة في طلب العلم حتى بعد أن اكتملت رجولته ونضج علمه، وقد استمر جِده في طلب الحديث وروايته حتى بعد أن بلغ مبلغ الإمامة، فقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب ويستمع، فقال له: «يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين»، فقال: «مع المحبرة إلى المقبرة»، وكان يقول: «أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر».
رحلته إلى ما وراء النهر
قال شمس الدين السفاريني الحنبلي في كتابه (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب):
«ذكر في حياة الحيوان عن سيدنا الإمام أحمد رضي الله عنه: أنه بلغه أن رجلا من وراء النهر معه أحاديث ثلاثية فرحل الإمام أحمد رضي الله عنه إليه فوجد شيخا يطعم كلبا فسلم عليه فرد عليه السلام، ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب، فوجد الإمام أحمد في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه، فلما فرغ الشيخ من طعمة الكلب التفت إلى الإمام أحمد، وقال له كأنك وجدت في نفسك إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك؟ قال نعم. قال: حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: {من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله منه رجاءه يوم القيامة فلم يلج الجنة}، وأرضنا هذه ليست بأرض كلاب، وقد قصدني هذا الكلب فخفت أن أقطع رجاءه فقال الإمام هذا الحديث يكفيني، ثم رجع.»
جلوسه للتحديث والفتوى
تخطيط لاسم الإمام أحمد بن حنبل ملحوق بدعاء الرضا عنه
بعد أن طلب أحمد بن حنبل الحديث من رجاله واستمع إليهم وكتب عنهم ما استمع، وطوَّف في الأقاليم الإسلامية يطلب الحديث، جلس للتحديث والفتيا، ويُروى إنه لم ينصب نفسه للتحديث والفتوى إلا بعد أن بلغ الأربعين، فقد قال ابن الجوزي: «إلا أن الإمام أحمد رضي الله عنه لم يتصدر للحديث والفتوى، ولم يُنصب نفسه لهما حتى تم له أربعون سنة»، ورُوي أن بعض معاصريه جاء يطلب إليه الحديث سنة 203هـ (أي كان عمره 39 عاماً) فأبى أن يحدثه، فذهب إلى عبد الرزاق بن همام باليمن ثم عاد إلى بغداد سنة 204هـ فوجد أحمد بن حنبل قد حدث واستوى الناس عليه.
يظهر أن أحمد بن حنبل لم يجلس للدرس والإفتاء إلا بعد أن قصده الناس للسؤال عن الحديث والفقه، فاضطر لأن يجلس لإجابتهم في المسجد، وكانت حياته بعد ذلك تنمِّي هذه الشهرة وتقوِّيها، فلقد عاين الناسُ فضله، ووجدوا تعففه عما عند الولاة والأمراء، ومراعاته لحرمة المسلمين، ثم نزلت المحنة التي صهرت نفسه، وبينت مقدار جَلَده وصبره، وتوالت النوازل، فزاده ذلك علواً ورفعة، وزادت مكانته عند الناس. وإذا كان ابن حنبل قد ذاع ذكره في الآفاق الإسلامية قبل أن يجلس للدرس والإفتاء، فلا بد أن يكون الازدحام على درسه شديداً، ولقد ذكر بعض الروة أن عدة من كانوا يستمعون إلى درسه نحو خمسة آلاف، وأنه كان يكتب منهم نحو خمسمئة، ويدل ذلك على عِظم مكانة أحمد بن حنبل عند البغداديين، وإن كثرة هؤلاء الذين كانوا يحضرون درسه في المسجد كانت سبباً في كثرة رواة فقهه وحديثه، ولم يكن كل الذين يحضرون الدرس راغبين في علم ابن حنبل، بل منهم من كان يتيمن به ويريد أن يتعظ به وينظر إلى هديه وخلقه وأدبه، فقد رُوي عن بعض معاصريه أنه قال: «اختلفت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل اثنتي عشرة سنة، وهو يقرأ المسند على أولاده، فما كتبت منه حديثاً واحداً، وإنما كنت أميل إلى هديه وأخلاقه وآدابه».
صفة درسه
كان للإمام أحمد مجلسان للدرس والتحديث: أحدهما في منزله يُحدِّث فيه خاصةَ تلاميذه وأولاده، والثاني في المسجد يَحضر إليه العامة والتلاميذ، وقد كان وقت درسه في المسجد بعد العصر، أي قبل عتمة الليل وبعد وهج النهار، وقد كان يسود مجلسَه الوقارُ والسكينةُ مع تواضع واطمئنان نفسي، وكان في كل مجالسه لا يمزح ولا يلهو، وكان مخالطوه لا يمزحون في حضرته، بل إن شيوخه كانوا لا يمزحون في حضرته، فقد رُوي عن خلف بن سالم أنه قال: كنا في مجلس يزيد بن هارون، فمزح يزيد مع مستمعيه، فتنحنح أحمد بن حنبل، فضرب بيده على جبينه وقال: «ألا أعلمتموني أن أحمد هنا حتى لا أمزح؟»، وقد تجنب ابن حنبل المزاح لأنه كان يرى أن رواية السُّنة عبادة، ولا مزاح في وقت العبادة.
كان أحمد بن حنبل لا يُلقي درسه من غير طلب، بل يسأل عن الأحاديث المروية في موضوع فيستحضر الكتب التي دوَّن فيها تلك الأحاديث، كما كان إذا قال حديثاً نبوياً لا يقوله إلا من كتاب حرصاً على جودة النقل، وإبعاداً لمظنة الخطأ ما أمكن، وفي الأحوال النادرة جداً كان يقول الحديث من غير رجوع إلى كتاب، فقد قال ولده عبد الله: «ما رأيت أبي حدث من حفظه من غير كتاب إلا بأقل من مئة حديث». وقد وصف المروذي صاحب أحمد بن حنبل مجلسه فقال:
أحمد بن حنبل لم أرَ الفقيرَ في مجلس أعزَّ منه في مجلس أبي عبد الله، كان مائلاً إليهم، مقصِّراً عن أهل الدنيا، وكان فيه حِلم، ولم يكن بالعجول بل كان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتى يسأل. أحمد بن حنبل
كانت دروس أحمد بن حنبل من حيث موضوعها على قسمين: أحدهما رواية الحديث ونقله، وهذه يمليها على تلاميذه من كتاب ولا يعتمد على حفظه إلا نادراً، وثانيهما فتاويه الفقهية التي كان يضطر إلى استنباطها، وهذه لا يسمح لتلاميذه أن يدونوها، ولا يسمح لهم أن ينقلوها عنه، إذ إنه ما كان يستجيز التدوين إلا للأحاديث النبوية، وكان أبغض الأشياء إليه أن يرى كتاباً قد دونت فيه فتوى له، فقد بلغه أن بعض تلاميذه روى عنه مسائل ونشرها خراسان، فقال: «اشهدوا أني رجعت عن ذلك كله»، وجاء إليه رجل خراساني يكتب، فنظر في كتاب من بينها فوقع نظره فوجد كلامه، فغضب ورمى الكتاب من يديه. ولم يكن ذلك بالنسبة لآرائه هو فقط، بل بالنسبة لفقه غيره، فقد كان يَكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريغ والرأي، ويحب التمسك بالأثر، وقد رُوي عنه أنه قال لعثمان بن سعيد: «لا تنظر في كتب أبي عُبيد ولا فيما وضع إسحاق ولا سفيان
وفاة ابن حنبل
قال صالح بن أحمد بن حنبل واصفاً مرضَ أبيه قُبيل وفاته:
«لما كان في أول يوم من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، فدخلتُ عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس تنفساً شديداً، وكنت قد عرفت علته، وكنت أمرِّضُه إذا اعتل، فقلت له: «يا أبة، علام أفطرت البارحة؟»، قال: «على ماء باقلَّاء»، ثم أراد القيام فقال: «خذ بيدي»، فأخذت بيده، فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكأ علي، وكان يختلف إليه غيرُ متطبب كلهم مسلمون، فوصف له متطبب يُقال له عبد الرحمن قَرعةً تُشوى ويُسقى ماءها، وهذا يوم الثلاثاء، وتوفي يوم الجمعة، فقال: «يا صالح»، قلت: «لبيك»، قال: «لا تُشوى في منزلك ولا منزل عبد الله أخيك». وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته، وأتى ابن علي بن الجعد فحجبته، وكثُر الناس، فقلت: «يا أبةِ قد كثر الناس»، قال: «فأي شيء ترى؟»، قلت: «تأذن لهم فيدعون لك»، قال: «أستخير الله»، فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار، فيسألونه ويدعون له ثم يخرجون ويدخل فوج آخر، وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق، وجاء رجل من جيراننا قد خضب فدخل عليه فقال: «إني لأرى الرجلَ يُحيي شيئاً من السنة فأفرح به»، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول: «له ولجميع المسلمين»، وجاء رجل فقال: «تلطَّفْ لي بالإذن عليه، فإني قد حضرت ضربه يوم الدار وأريد أن أستحله»، فقلت له: «فأمسك»، فلم أزل به حتى قال: «أدخله»، فأدخلته، فقام بين يديه وجعل يبكي وقال: «يا أبا عبد الله، أنا كنت ممن حضر ضربك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القِصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تُحلَّني فعلت»، فقال: «على أن لا تعود لمثل ذلك»، قال: «نعم»، قال: «قد جعلتك في حل»، فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس، وكان له في خُريقة قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: «انظر في خريقتي شيء؟»، فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: «وجِّه فاقتَضِ بعض السكان»، فوجهت فأعطيت شيئاً، فقال: «وجِّه فاشتر تمراً وكفِّر عني كفارة يمين»، فوجهت فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: «الحمد لله»، وقال: «اقرأ علي الوصية»، فقرأتها عليه فأقرَّها.»
أما وصيته التي كتبها، فقد جاء فيها:
«بسم الله الرحمن الرحيم..
هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وأوصى من أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا الله في العابدين، وأن يحمدوه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين، وأوصي أني قد رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وأوصي لعبد الله بن محمد المعروف بفوران علي نحو من خمسين ديناراً، وهو مصدَّق فيما قال، فيُقضى ما له علي من غلة الدار إن شاء الله، فإذا استُوفي أُعطي ولدُ صالح كل ذكر وأنثى عشرة دراهم.»
مات أحمد بن حنبل في وقت الضحى من يوم الجمعة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241 هـ، وهو ابن سبع وسبعين سنة، ودُفن بعد العصر، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «توفي أبي في يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين». ودفن في مقبرة باب حرب وهذا ما أكده العديد من المؤرخين منهم الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وياقوت الحموي وابن الجوزي في المنتظم، وباب حرب هو الربض الواقع شمال غرب الكاظمية الحالية، والمتواتر عند أهل بغداد نقل رفات الإمام أحمد بن حنبل أيام فيضان نهر دجلة سنة 1937م إلى مسجد عارف أغا في منطقة الحيدرخانة ببغداد في مسجد عارف أغا الواقع بالقرب من جامع حسن باشا وقد كتب عليه «ضريح أحمد بن حنبل».



