الحكم الشرعى لطلب الطبيب فحوصات ليست ضرورية

كتبت سوزان مرمر

السؤال

أنا طبيبة التحقتُ قبل أسبوع بالعمل في مصحّةٍ خاصّة، لكنني أشكّ في حرمة بعض المعاملات الجارية فيها، وأريد رأيكم.

تستقبل هذه المصحّة حوادثَ الشغل والمرضى الأجانب الذين يتمتّعون بالتغطية الصحية، أي إنهم لا يدفعون أيَّ شيء. ولكن مدير المصحّة يطلب إجراء فحوصاتٍ غالبُها غير ضروري، ويطلب من المريض البقاءَ ليلًا في المستشفى للمراقبة، مع أنّ حالته لا تستدعي ذلك دائمًا. فهل يحلّ لي، بعد أن علمتُ هذا، إتمامُ العمل معهم؟ وماذا إن لم أُحصِ هؤلاء المرضى ضمن لائحة المرضى الذين عاينتُهم؛ لأنّي أتقاضى الأجرَ بحسب عدد المرضى؟

 

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 

فطلب الإدارة إجراء فحوصات غير ضرورية، أو إبقاء المريض في المستشفى دون حاجة طبية؛ يعد غشًّا، وفعلاً محرمًا؛ لأنه يدخل في التزوير، وأكل أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني، رواه مسلم.

 

وإلزام المريض أو شركة التأمين بدفع مقابل خدمات لا حاجة لها – يُعد أكلاً للمال بالباطل، قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة: 188].

 

فإذا كنتِ تعلمين أن هذه الفحوصات أو المبيت لا داعي له طبيًّا؛ فلا يجوز لكِ المشاركة فيه، أو الموافقة عليه؛ لأن المشاركة في الإثم ولو بأمرٍ إداري هي من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].

 

وإن كان عملُكِ يمكن أن يقتصر على ما هو مشروع وضروري طبيًا، فابقي في عملك، وأدي وظيفتك بأمانة، وتجنبي المشاركة فيما لا يحل.

 

أما إن أُجبرتِ على المشاركة في الغش، أو الكذب، أو تزوير الفواتير، ولم تستطيعي الامتناع عنه، فحينها يجب عليكِ ترك هذا العمل، والبحث عن رزقٍ حلال، ولو كان أقل، ومن ترك شيئًا لله عوّضه الله تعالى خيرًا منه.

 

وأما الأجر الذي تأخذينه مقابل العمل الصحيح المباح، فهو حلال.

 

وأما ما كان على عمليات، أو فحوصات لا حاجة لها، أو إقامة غير لازمة، فذلك أجرٌ غير مستحَق، ولا يحل لكِ.

 

والمرضى الذين يحتاجون إلى فحص، وتقومين بفحصهم فعلاً، فإن أجرك على فحصهم ثابت لك؛ لأنك أديت الواجب عليك، بقطع النظر عن كونهم يحتاجون علاجًا، أو إقامة في المستشفى أم لا.

 

وأما المرضى الذين لا يتطلب عملك فحصهم لكونهم غير مصابين حقيقة – فلا يجوز أن يُضافوا إلى قائمة مرضاك.

 

والذي نوصيكِ به هو: أن تلتزمي بالأمانة في تشخيص الحالات، ولا تطلبي فحوصات أو إقامة لا حاجة طبية لها، وبلّغي الإدارة بلطف إن استطعتِ، أو اكتفي بعدم المشاركة، وراقبي الله تعالى في عملك، ولا يضرك إن قلّ دخلك بسبب الصدق، فالرزق بيد الله.

والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى