السيسي .. نرفض اى اجراءات أحادية على نهر النيل تخالف الاعراف والاتفاقات الدولية

كتبت سوزان مرمر

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة مُسجلة خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه قائلا فيها

” إن مصر تؤمن إيمانًا لا يتزعزع، بأن الأنهار الدولية، لم تخلق لتكون خطوطًا تفصل بين الأوطان، بل شرايين حياة تنبض بالتكامل، وجسورًا من التعاون، تربط الشعوب وتوحد المصائر.

فالأمن المائي ليس ترفًا، والتنمية المستدامة ليست خيارًا، بل هما حقان أصيلان، لا يصانان إلا من خلال شراكة عادلة، قائمة على مبادئ القانون الدولي، تجسد روح المنفعة المتبادلة، وتعلى من شأن عدم الإضرار، وتقر بأن الحق في الانتفاع، يقترن دومًا بالواجب في احترام الحقوق.

ومن هذا المنطلق؛ تعلن مصر، وبكل وضوح وحزم، رفضها القاطع، لأي إجراءات أحادية تتخذ على نهر النيل، تتجاهل الأعراف والاتفاقات الدولية، وتهدد مصالح شعوب الحوض، وتقوض أسس العدالة والاستقرار، فالتنمية؛ ليست امتيازًا لدولة بعينها، بل مسئولية جماعية لكافة شعوب النهر، وحق يصان بالتعاون لا بالتفرد.

لقد انتهجت مصر على مدار أربعة عشر عامًا، من التفاوض المضني مع الجانب الإثيوبي، مسارًا دبلوماسيًا نزيهًا، اتسم بالحكمة والرصانة، وسعت فيه بكل جدية، إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، يراعي مصالح الجميع، ويحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.

وقدمت مصر خلال هذه السنوات، العديد من البدائل الفنية الرصينة، التي تلبي الأهداف المعلنة لإثيوبيا، كما تحفظ مصالح دولتي المصب، إلا أن هذه الجهود، قوبلت بتعنت لا يفسر، إلا بغياب الإرادة السياسية، وسعي لفرض الأمر الواقع، مدفوعة باعتبارات سياسية ضيقة، بعيدة عن احتياجات التنمية الفعلية، فضلًا عن مزاعم باطلة، بالسيادة المنفردة على نهر النيل، بينما الحقيقة الثابتة، أن النيل ملكية مشتركة لكافة دوله المتشاطئة، ومورد جماعي لا يحتكر.

ومرت أيام قليلة، على بدء تدشين السد الإثيوبي، وثبت بالدليل الفعلي؛ صحة مطالبتنا، بضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم لأطرافه، لتنظيم تشغيل هذا السد، ففي الأيام القليلة الماضية، تسببت إثيوبيا، من خلال إدارتها غير المنضبطة للسد، في إحداث أضرار بدولتي المصب، نتيجة التدفقات غير المنتظمة، والتي تم تصريفها، دون أي إخطار أو تنسيق مع دولتي المصب، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي بصفة عامة، والقارة الأفريقية بصفة خاصة، مواجهة مثل هذه التصرفات المتهورة من الإدارة الإثيوبية، وضمان تنظيم تصريف المياه من السد، في حالتي الجفاف والفيضان، في إطار الاتفاق الذي تنشده دولتا المصب، وهو السبيل الوحيد لتحقيق التوازن، بين التنمية الحقيقية لدول المنبع، وعدم الإضرار بدولتي المصب.

السادة الأفاضل،

وإذ اختارت مصر طريق الدبلوماسية، ولجأت إلى المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، فإنها تؤكد أن هذا الخيار، لم يكن يومًا ضعفًا أو تراجعًا؛ بل تعبيرًا عن قوة الموقف، ونضج الرؤية، وإيمان عميق بأن الحوار هو السبيل الأمثل، والتعاون هو الطريق الأجدى، لتحقيق مصالح جميع دول حوض النيل، دون تعريض أي منها للخطر، إلا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي، أمام النهج غير المسئول الذي تتبعه إثيوبيا، وستتخذ كافة التدابير، لحماية مصالحها وأمنها المائي.

الحضور الكريم،

إن مستقبل الأمن المائي، مرهون بالتعاون الدولي الفعال، القائم على الالتزام بقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، علاوة على الاعتماد على التطوير والابتكار والبحث العلمي.

فلنكن جميعًا شركاء، في تحويل الرؤى إلى واقع، والأفكار إلى مشروعات، والتوصيات إلى مبادرات ملموسة، لنحافظ على الماء هذا المورد الوجودي، وليكن “أسبوع القاهرة للمياه”، نقطة انطلاق حقيقية، نحو عالم، يكون فيه الماء جسرًا للتعاون لا ساحة للصراع، ومصدرًا للأمل لا سببًا للنزاع.

وختاما، فإنني أدعوكم إلى نقاش جاد، وحوار فعال، خلال فعاليات هذا الأسبوع، من أجل التوصل إلى حلول مبتكرة، تواجه التحديات المتزايدة، التي تعصف بمواردنا المائية، والعمل على توفير الأمن المائي لشعوبنا والتنمية لبلادنا.

وفقكم الله

وكلل جهودكم بالنجاح والتوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى