هل يحارب قطاع غزة بمفرده؟
يارا المصري
بعد أكثر من عام من القتال الدائر، يبدو أن المجتمع الدولي والدول العربية لم تعد منشغلة بقطاع غزة، ولبنان بدأ مفاوضات لوقف القتال، وإيران ليست في عجلة من أمرها للرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير، ومصر وقطر لا تجد نفعا من محاولة دفع المفاوضات، وأوروبا تستأنف التعامل مع شؤونها الداخلية، والولايات المتحدة لا تهتم إلا بالانتخابات الرئاسية، بينما مازال يعاني قطاع غزة من ويلات الحرب وآلامها بمفرده بعدما تخلت عنه إيران ومحور المقاومة.
فمنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر الماضي وإيران تطلق الوعود بدعم الحركة لكن دون تحرك فعلي على الأرض، وهو ما تكرر مع توسع القتال بين إسرائيل وحزب الله، الأمر الذي اعتبره مراقبون تخليا إيرانيا عن شعار “وحدة الساحات” أملا في الانفتاح على الغرب وتمرير اتفاق نووي بأقل الخسائر.
ورغم اشتعال الأوضاع في لبنان بين إسرائيل وحزب الله واغتيال معظم قيادات الحزب، خرجت التصريحات الإيرانية بلهجة تصالحية تؤكد عدم رغبتها في الدخول في حرب مع إسرائيل في الوقت الحالي.
ورأى عدد من الخبراء أن إسرائيل فتحت جبهة الشمال مع حزب الله على مصراعيها بقدر ما فيه استعراض لقوتها التقنية والعسكرية، لكنه يعكس في المقابل خللا إستراتيجيا وضياعا في الرؤية، والهدف لدى المحور، وأضافوا أنه ومن زاوية أخرى، لم يكن لإسرائيل أن تفتح هذه الجبهة، لو كانت تشعر أن إيران لا تزال لديها أي نيّة لأي رد.
واعتبر آخرون أن إيران تتنازل عن الرد مقابل مكاسب تتعلق بالمشروع النووي أو مشروع التوسع في الشرق الأوسط، مما يطرح السؤال: “ماذا لو أخذ الغرب من إيران ما يريد ثم انقض عليها ودمر منشآتها النووية بعد ذلك؟”.
وفي المقابل، رأى آخرون أن إيران لن تتخلى عن حلفائها، والجبهة اللبنانية ليست بحاجة إليها حتى الآن، وأن عدم انجرارها إلى الحرب لا يعني أنها تخشاها، ولا يعني أنها ابتعدت عن ساحة المواجهة.
إلا أن ترك غزة وحدها واستنزاف مقاومتها والاكتفاء بالإشادة بصمودها مع الصمت وعدم السعي لوقف إطلاق النار بها تجنباً للحرب الإقليمية بأي ثمن، يودي بالقطاع للنتائج الوخيمة على صعيد القضية الفلسطينية ومحور المقاومة والمنطقة.
فالحرب الإقليمية التي لا تريدها ايران وأمريكا بأي ثمن، فإن لم تقع، فإن إيران تبيع الفصائل الفلسطينية بتركها لينتهي وجودها في غزة وكل فلسطين وكذلك احتلال جنوب لبنان وقضم سلاح حزب الله بالمشاركة الأمريكية، فهل إيران تفكر بهذا السيناريو وبأنها ستكون الهدف الأكبر والمستهدف لأساسي كأحد شروط تنفيذ مشروع الشرق الأوسط، ذلك ما لم ترضخ لاحتوائها طواعية.