عام 2025.. من “حرب الظل” إلى المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل

كتبت سوزان مرمر
شهد عام 2025 تحولا مفصليا في طبيعة الصراع بين إيران وإسرائيل، بعدما انتقل من مرحلة “حرب الظل” والاشتباكات غير المباشرة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة ذات طابع إقليمي ودولي.
وقد مثلت أحداث يونيو 2025 ذروة هذا التصعيد، وأعادت رسم معادلات الردع والأمن في الشرق الأوسط، مع ما حملته من تداعيات سياسية وعسكرية وإنسانية بعيدة المدى.
انطلاق الحرب المباشرة في يونيو 2025
في 13 يونيو 2025، دخل الصراع الإيراني الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة عندما شنت إسرائيل، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، عملية جوية واسعة استهدفت مواقع داخل إيران.
شملت هذه العملية منشآت نووية وبنى تحتية عسكرية استراتيجية، في خطوة هدفت –وفق القراءة الإسرائيلية– إلى إضعاف القدرات العسكرية الإيرانية ومنعها من تحقيق تفوق استراتيجي طويل الأمد.
هذا الهجوم مثل كسرًا واضحًا لقواعد الاشتباك التي حكمت العلاقة بين الطرفين لسنوات، حيث كانت المواجهة تدار عبر وكلاء أو عمليات سرية محدودة.
الرد الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة
لم يتأخر الرد الإيراني، إذ أطلقت طهران مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة باتجاه أهداف داخل إسرائيل.
وصفت هذه الضربات بأنها من أوسع الهجمات المباشرة التي تنفذها إيران ضد إسرائيل، وحملت رسالة سياسية وعسكرية مزدوجة: أولًا، تأكيد القدرة على الردع المباشر، وثانيًا، الإشارة إلى أن أي استهداف للأراضي الإيرانية سيقابل بتصعيد واسع النطاق. هذا الرد أدخل الصراع في دائرة مواجهة مفتوحة، وأثار مخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية أوسع.
إيران تطور رؤوسًا حربية غير تقليدية لصواريخ باليستية وسط مخاوف غربيةإيران تطور رؤوسًا حربية غير تقليدية لصواريخ باليستية وسط مخاوف غربية
التداعيات القتالية داخل إسرائيل
أسفرت الضربات الإيرانية عن إصابة مواقع متعددة داخل إسرائيل، كان من أبرزها استهداف مستشفى رئيسي في مدينة بئر السبع، ما أدى إلى إصابات واسعة واضطراب في الخدمات الصحية.
شكل هذا الحدث صدمة للرأي العام الإسرائيلي، إذ نقل المواجهة من إطار عسكري صرف إلى تأثير مباشر على البنية المدنية. واعتبرت هذه الضربة رمزًا لتصعيد غير مسبوق، وأظهرت هشاشة الجبهة الداخلية في ظل صراع عالي الكثافة يعتمد على الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة.
العمليات الاستخبارية والسرية داخل إيران
كشفت تقارير لاحقة عن دور محوري للعمليات الاستخبارية الإسرائيلية في تمهيد الطريق للتصعيد العسكري. فقد نفذ جهاز الموساد عمليات سرية داخل إيران، شملت استخدام طائرات من دون طيار لتخريب أجزاء من منظومات الدفاع الجوي والصاروخي.
ساهمت هذه العمليات في تقليل فاعلية الرد الدفاعي الإيراني خلال الضربات الجوية الإسرائيلية، وأبرزت مرة أخرى الدور الحاسم للاستخبارات والتكنولوجيا في حروب القرن الحادي والعشرين، حيث لا تقل العمليات الخفية أهمية عن المواجهات العلنية.
أكبر ضربة إسرائيلية داخل إيران: سجن إيفن
في 23 يونيو 2025، نفذت القوات الإسرائيلية ضربة استهدفت سجن إيفن في طهران، وهو ما اعتبر من أخطر محطات التصعيد. أثارت هذه الضربة غضبًا دوليًا واسعًا بسبب عدد الضحايا والأسرى الموجودين داخل السجن، ووصفتها منظمات حقوقية بأنها خرق للقانون الإنساني الدولي. سياسيًا، وضعت هذه العملية إسرائيل تحت ضغط أخلاقي وقانوني متزايد، وفتحت باب الانتقادات حول حدود استخدام القوة العسكرية في النزاعات الحديثة.
ردود الفعل الدولية وضغوط التهدئة
مع تصاعد العنف، تكثفت التحركات الدولية لاحتواء الأزمة. دعت روسيا والصين إلى وقف فوري للتصعيد والعودة إلى المسار الدبلوماسي، محذرتين من تداعيات الحرب على الأمن الإقليمي والدولي.
في المقابل، شهد الموقف الغربي تباينًا واضحًا؛ فبينما استمرت بعض الدول في دعم إسرائيل أمنيا، ارتفعت أصوات ناقدة للانتشار العسكري الإسرائيلي ولآثاره الإنسانية. هذا الانقسام عكس عمق الخلافات الدولية حول كيفية إدارة الصراعات في الشرق الأوسط.
نهاية مؤقتة للصراع وتداعيات ما بعد 2025
بحلول أواخر يونيو 2025، وبعد نحو 12 يوما من القتال المفتوح، أعلن عن وقف مؤقت لإطلاق النار. ورغم توقف العمليات العسكرية المباشرة، فإن آثار الصراع لم تنته.
فقد خلفت الحرب توترات استراتيجية جديدة، ورسخت واقعا أكثر هشاشة في العلاقات الإيرانية–الإسرائيلية. وتشير التحليلات إلى أن ما جرى لم يكن نهاية للصراع، بل بداية مرحلة أقل استقرارا، تتسم بتراجع الخطوط الحمراء وزيادة احتمالات المواجهة المباشرة مستقبلا.
تنياهو يسعى لضوء أخضر أمريكي بشأن إيران
ومؤخرا، كشفت تقارير إعلامية عبرية عن سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحصول على ضوء أخضر سياسي وأمني من الولايات المتحدة لتنفيذ ضربة جديدة مستقبلية محتملة ضد إيران، وذلك ضمن إطار التنسيق المستمر بين تل أبيب وواشنطن حول إيران وبرنامجها النووي.
وقالت قناة «كان» العبرية بأن نتنياهو طرح هذا الملف خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
في المقابل، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من محاولات إيرانية محتملة لإعادة بناء قدراتها التسليحية في مواقع جديدة غير تلك التي استهدفتها الضربات الأمريكية السابقة، مشددًا على أن بلاده تراقب التحركات الإيرانية عن كثب.
وأكد ترامب، خلال وقوفه إلى جانب نتنياهو، أن أي توجه إيراني لإعادة بناء برنامج الصواريخ الباليستية سيقابل بعواقب وخيمة، موضحًا أنه رغم عدم اعتقاده بسعي إيران حاليًا لتوسيع برنامجها النووي، إلا أنه لا يستبعد تصرفات وصفها بـ«السيئة»، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك السريع إذا رصدت أي تهديد جديد.



