سلسلة بيت آل النبى محمد صلى الله عليه وسلم .. فاطمة الزهراء بنت النبى محمد

كتبت سوزان مرمر
فاطمة بنت النبي محمد وزوجة علي بن أبي طالب وأم الحسن والحسين
فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ بنت الرسول محمد من أول زوجاته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وأم السبطين الحسن والحسين من زوجها وابن عم أبيها علي بن أبي طالب. ولدت يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية بعد حادثة الإسراء والمعراج بثلاث سنوات (حسب الروايات الشيعية)، أو في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية في مكة، والنبي له من العمر خمسة وثلاثين عامًا (حسب روايات أهل السنة والجماعة).
فاطمة بنت محمد
«سيدة نساء العالمين، أم أبيها، أم السبطين»
الولادة
20 جمادى الآخرة 18 ق.هـ الموافق 27 يوليو 604
مكة المكرمة
الوفاة
3 جمادى الآخرة 11هـ الموافق 28 أغسطس 632 (28 سنة)
المدينة المنورة
الإسلام
النسب
من العرب من قريش من ولد إسماعيل بن إبراهيم.
والدها: الرسول محمد
والدتها: خديجة بنت خويلد
أشقاؤها: القاسم، عبد الله، إبراهيم (أخوها)، هند بن أبي هالة (أخوها لأمها)
شقيقاتها: زينب بنت محمد، رقية بنت محمد، أم كلثوم بنت محمد، هند بنت عتيق (أختها لأمها)
زوجها: علي بن أبي طالب
أبناؤها: الحسن، الحسين، المحسن
بناتها: زينب، أم كلثوم
تُعَدُّ فاطمة الزهراء من النساء العربيات اللاتي عرفن بالبلاغة والفصاحة، حتى أن ابن طيفور المتوفى 280هـ، أورد خطبها في كتابه بلاغات النساء ناقلًا عن أبي الحسين زيد بن علي بن الحسين قوله: “رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم”.
بداية حياتها
نسبها
هي: فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة، بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
والدتها: خديجة بنت خُوَيْلِد بن أسَدَ بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة، بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
إخوتها: لفاطمة ثلاثة إخوة وثلاث أخوات، كلهم أشقاء من أبيها النبي محمد وأمها خديجة بنت خويلد إلا أخيها إبراهيم بن محمد فهو من سريِّة النبي مارية القبطية، وإخوتها هم: القاسم بن محمد وزينب بنت محمد ورقية بنت محمد وأم كلثوم بنت محمد وعبد الله بن محمد وإبراهيم بن محمد. وفاطمة هي أصغر بنات النبي.
ولادتها
هناك اختلاف في تاريخ ولادتها، يذهب أهل السنة والجماعة قبل البعثة النبوية بخمس سنين وقريش تبني البيت يوم حكم والدها النبي محمد في النزاع حول الحجر الأسود في مكانه.
بينما ذهب ابن عبد البر والحاكم إلى أنها ولدت وعمر النبي إحدى وأربعون عامًا أي بعد سنة من البعثة النبوية.
وذهب أكثر الشيعة إلى أن فاطمة الزهراء ولدَتْ بعد البعثة النبوية بخمسة أعوام في أول شهر جمادى، لكن الشيخ المفيد في حدائق الرياض وقد نقل عنه الكفعمي في مصباح المتهجد والعدد القوية يرى أنها ولدت بعد عامين من البعثة. وانفرد ابن أبي الثلج البغدادي في تاريخ الأئمة برأي وافق فيه علماء أهل السُّنَّة في أنها ولِدَتْ قبل البعثة بخمس سنوات وقريش تبني البيت.
فبينما يكاد علماء الشيعة يجمعون على أن عمرها عند وفاتها كان ثمانية عشر عامًا ومنهم: المجلسي والطبرسي والكليني والإربلي والنيسابوري والشيخ الصدوق وابن شهر آشوب، يرى أغلب أهل السُّنَّة ومنهم ابن عبد البر أن عمرها كان عند الوفاة تسعة وعشرين عامًا ، غير أن هناك اتفاقًا على أن فاطمة كانت أصغر بنات رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى جانب آخر تقول بعض الروايات الشيعية أن خديجة بنت خويلد ما كانت تشعر بثقل حملها، وكانت تكلّم فاطمة وهي جنين لتؤنسها وتسلّيها.
نشأتها
شَهَدَتْ فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرةً، فقد كان النبي يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تُعِينهُ على ذلك الاضطهاد وتسانده وتؤازره، كما كان يعاني من أذى عَمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته فكانت فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير.
وكان من أشد ما قَاسَته من آلالام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حُوصَرْ فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعاٌ إلا واشتروه، حتى أصاب التَّعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود، وكان لا يصل إليهم شيء إلا مستخفيًا، ومن كان يريد أن يصل قريبًا لهُ من قريش كان يصله سرًا.
وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة، ولكنّه زادها إيمانًا ونضجًا. وما كادت فاطمة الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة فامتلأت نفسها حزنًا وألمًا، ووَجَدَتْ نفسها أمام مسؤوليات ضخمة نحو أبيها مُحَمَّد بنِ عَبد الله، وهو يمرّ بظروف قاسية خاصة بعد وفاة زوجته وعمّه أبي طالب. فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث بصبر، ووقفت إلى جانب أبيها الرسول مُحَمَّد بنِ عبد الله صلى الله عليه وسلم لتقدم له العوض عن أمها وزوجته ولذلك كانت تُكنّى بـ أم أبيها.
هجرتها
حَسَبْ رواية أهل السُّنَّة
هَاجَرَتْ الزهراء إلى المدينة المنورة وهيَ في الثامنة عشرة من عمرها وكَانَتْ مَعَها أخْتَها أم كلثوم وأُم المؤمنين سودة بنت زمعة بصحبة زيد بن حارثة وهاجر معهم: أُم المؤمنين عائشة وأمها أم رومان بصحْبَة عبد الله بن أبي بكر، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة.
حَسَبْ رواية الشيعة
هَاجَرَتْ الزهراء من مكة إلى المدينة المنورة حَيثْ هَاجَرَتْ معَ علي بن أبي طالب وأمهُ فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير وأم أيمن بركة وقوم من ضعفاء المؤمنين، وزاد بعضهم: فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب وفاطمة بنت عتبة. وقد سُمِيَتْ هجْرَتُهم بهجْرَة الفواطم.
زواجها
رسم تُركي عُثماني للرسول مُحمَّد وهو يُزوّج ابنته فاطمة بابن عمّه عليّ، وقد غُطي وجه فاطمة ومُحمَّد باللون الأبيض احترامًا لهما.
في شهر صفر من السنة الثانية من الهجرة زوج النبي ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب، ولم يتزوج بأخرى في حياتها، وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد معركة أحد. وقد رُوي أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر من الله، حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إلا أنه ردهم جميعا حتى أتى الأمر بتزويج فاطمة من علي، فأصدقها علي درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ 480 درهما على أغلب الأقوال. وأنجب منها الحسن والحسين في السنتين الثالثة والرابعة من الهجرة على التوالي، كما أنجب زينب وأم كلثوم والمحسن، والأخير حوله خلاف تاريخي حيث يروى أنه قتل وهو جنين يوم حرق الدار، وفي روايات أخرى أنه ولد ومات في حياة النبي، في حين ينكر بعض السنة وجوده من الأساس. في أكثر من مناسبة صرح محمد أن علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيته مثلما في حديث المباهلة وحديث الكساء، ويروى أنه كان يمر بدار علي لإيقاظهم لآداء صلاة الفجر ويتلو آية التطهير. وقد روى الليث بن سعد: «تزوج علي فاطمة فولت له حسنًا، وحسينًا، ومحسنًا، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، فماتت صغيرة ولم تبلغ» وينقل أبو إسحاق الإسفراييني ويضيف أن علي وفاطمة أنجبا سكينة.
أسماؤها وألقابها
سَبَبْ تَسْمِية الرسول لها بفاطمة
تخطيط لاسم فاطمة الزهراء.
تعددت أسماء فاطمة الزهراء وألقابها. أما تسمية «فاطمة» فقد قال عنها الخطيب البغدادي وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة: «أن الله سمّاها فاطمة لأنه فطمها ومحبيها عن النار»، وفي سنن الأقوال والأفعال روى الديلمي عن أبي هريرة: «إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار». بينما قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: «إن الله فطمها وولدها عن النار».
من ألقابها
الزهراء: هناك أقوال بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية. إذ كانت العرب تسمي الأبيض المشرب بالحمرة بالأزهر ومؤنثه الزهراء، وهناك من يقول أن النبي محمد هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة، وفي ذلك ينقل بعض المحدثين وأصحاب السير عنها عباداتٍ وأدعيةً وأورادًا خاصة انفردت بها، مثل: تسبيح الزهراء، ودعاء الزهراء وصلاة الزهراء وغير ذلك.
البتول: تعددت الأقوال حول هذه التسمية، منها:
قول النووي في شرح مسلم: التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعًا إلى عبادة الله، وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلًا ورغبة في الآخرة.
قول ابن حجر العسقلاني في الفتح: وقيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي، أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف.
قيل: لأنها تبتلت عن دماء النساء.
الحوراء الإنسية: ويستشهدون برواية عن رسول الإسلام أوردها الطبراني في المعجم الكبير: (فاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة). وجاء الحديث برواية عائشة فهو: «إنّي لما أُسري بي إلى السماء، أدخلني جبريلُ الجنّة، فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.» أما الحديث الثاني رواه الطبراني وفيه أبو قتادة الحراني وثقه أحمد وقال: كان يتحرى الصدق، وأنكر على من نسبه إلى الكذب، وضعفه البخاري وغيره، وقال بعضهم: متروك، وفيه من لم أعرفه أيضًا، وقد ذكر هذا الحديث في ترجمته في الميزان وقال فيه ابن حجر: هذا مستحيل، فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء بلا خلاف.
الصديقة: لأنها لم تكذب قط.
المباركة: لظهور بركتها.
الزكية: لأنها كانت أزكى أنثى عرفتها البشرية.
المرضية: لأن الله سيرضيها بمنحها حق الشفاعة.
المحدثة: لأن الملائكة كانت تحدثها.
الحانية: لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين.
أم الأئمة.
الطاهرة.
المنصورة.
الصادقة.
الريحانة.
البضعة: لقول رسول الإسلام محمد: فاطمة بضعة مني.
يعتقد أهل السُّنَّة أنّ فاطمة صَالحَتْ أبا بكر، ورضيت به كخليفة بعد رسول الله قبل وفاتها، في حين يَعْتَقد الشيعة أنّ غضبها عليه ظلّ قائمًا حتى وفاتها.
تذكر مصادر السنّة التاريخية أنّ فاطمة توفيت نتيجة وفاة والدها. يكتب الباحث الصوفي مظفر أوزاك: لم تذق فاطمة بعد وفاة أبيها الطعام، بل وقد نسيت الفرح والضحك، وبقيت في بيتها تبكي أباها ليلًا ونهارًا حتى فارقت الحياة. حيث اغتسلت حين حان فراقها، وتكفنت وأمرت زوجها عليا رضي الله عنهما أن لا يكشفها إذا قبضت، وأن يدرجها في ثيابها كما هي، فدفنها علي رضي الله عنه ليلا ببقيع الغرقد، ونزل في قبرها، العباس، وعلي، والفضيل، سنة إحدى عشرة من الهجرة.
عند الشيعة
بعد أن رجع الرسول محمد من حجّة الوداع استدعى ابنتهُ فاطمة وأبلغها بأنّه سيموت قريبًا وأنّها أوّل من يلحق به من أهل بيته، فلّما توفّي ظلّت فاطمة تعاني من الحزن والألم حتى توفيت بعده بأقلّ من ستّة أشهر في 10 من جمادى الأولى.
و بَقِيَتْ بعد وفاة أبِيها في حالة من الحزن وكانت تنعى أباها كلّ يوم بمجرد أن تؤدّي واجبها تجاه زوجها علي ووُلدها، فَضَعَفْ جسْمَها شيئًا فشيئًا حتى أشْرَفْتْ على الموت.
يَعْتَقِدْ الشيعة أنّ فاطمة توفيت متأثرة بجروح أُصِيبَتْ بِها بعد أن داهَمْ منزلها عمر بن الخطّاب الذي يتّهمهُ الشيعة بأنّه قام بتهديد بيت علي بإشعال النار فيه. فتمّ فتح الباب على يد أحد المهاجمين الذين ضربوا فاطمة فسقطت على الأرض. ويقال إنّ هذا الهجوم سَبّبْ في كسر ضلعها بينما كانت حاملًا ممّا تسبّب في إجهاضها. تَذكُر مصادر الشيعة أنّ فاطمة رأت أباها في عالم الرؤيا يبلغها بأنّها ستموت قريبًا. وأبلغت فاطمة عليًا هذا الخبر بأنّ وفاتها وشيكة. وطلبت منه ألّا يسمح بحضور الظالمين عند صلاة الجنازة أو مشاركتهم في الدفن.
تذكر بعض المصادر أنّها في صباح وفاتها أغتسلت وتلبّست بثياب جُدُدْ، وتَمَدَدَتْ على فِراشَها، فأبلَغَتْ عليًا بأنّ موعد الوفاة قد حان، فأخذ علي بالبكاء وأخذت تُصَبّر عليه وطَلبتْ منهُ أن يدفنها دون إقامة مراسم. ويُقال أنّ ابنيها الحسن والحسين هما أوّل من اطّلع على وفاتها فأسرعا إلى المسجد حَيث يصلّي فيه علي فأخبراه فسقطْ مغشيًا عليه وبعد أن أفاق من غشْيتهِ أخذ بتنفيذ وصيتها ودفنها في ليلة 13 من جمادى الأولى سنة 11 هـ (632م) كما قام بتحضير ثلاثة قبور زائفة لضمان عدم التعرّف على قبرها الحقيقي. وكان معه عائلته وعَدَدْ قليل من الصحابة المقرّبين.



