السوشيال ميديا… حين تحوّل الاختلاف إلى أذى”

بقلم الاعلامية رانا على
في الأصل، خُلقت السوشيال ميديا لتقريب المسافات، وتبادل الأفكار، وبناء جسور من التواصل الإنساني. لكن ما نراه اليوم يدفعنا لطرح سؤال صادق ومؤلم:
ماذا حدث لنا؟ ومتى تحوّل الرأي إلى إهانة، والاختلاف إلى سبّ وقلة أدب؟
الإنسان الطبيعي لا يخطئ في حق غيره، لا يشتم، ولا يتجاوز، ولا يستخدم ألفاظًا قبيحة، خصوصًا مع أشخاص لا يعرفهم. ومع ذلك، أصبحت منصات التواصل مساحة مفتوحة لكومنتات مهينة، وسخرية جارحة، وتنمّر بلا سبب ولا مبرر، وكأن البعض وجد في الشاشة حصانة تبيح له ما لا يجرؤ على قوله وجهًا لوجه.
الغريب أننا نستسهل الأذى، ونستخصر الكلمة الحلوة.
نستكثر التشجيع، ونبخل بالاحترام، ونضيق بحب الخير للآخرين.
لماذا أصبح نجاح الغير يستفزنا؟
ولماذا صار الصمت المحترم أصعب من تعليق جارح؟
الأخطر من ذلك أن هذا السلوك لا يؤذي الأفراد فقط، بل يُشكّل وعيًا مشوهًا للأجيال القادمة، ويطبع العنف اللفظي كأنه أمر عادي، بينما هو في الحقيقة مرض أخلاقي وسلوكي يحتاج إلى وعي ومحاسبة.
نعم، هناك من يعانون اضطرابات نفسية، لكن هذا لا يبرر الأذى.
ونعم، حرية التعبير حق، لكن الحرية لا تعني الإساءة، ولا تعطي أحدًا الحق في التشهير أو الإهانة أو التهكم، سواء على شخصية عامة أو إنسان عادي.
من حق كل إنسان أن يكون آمنًا نفسيًا على الفضاء الرقمي، تمامًا كما هو آمن في الشارع.
ولهذا، أصبح تطبيق القوانين الرادعة ضرورة لا رفاهية، حتى يدرك الجميع أن الكلمة مسؤولية، وأن التجاوز له ثمن.
والحل في جوهره بسيط جدًا:
إن كان لديك كلام طيب… فقله.
إن لم يكن لديك ما يضيف… التزم باللايك أو بالصمت.
وإن اختلفت… فليكن اختلافك باحترام.
فلنترك كل شخص في حاله،
ولنحترم بعضنا البعض،
ولنتذكر أن الكلمة قد تداوي، وقد تدمّر.
فماذا نختار أن نكون؟ جزءًا من الضجيج… أم جزءًا من الوعي؟



