سلسلة المحاربون فى الاسلام .. خالد بن الوليد سيف الله المسلول الجزء ٣

كتبت سوزان مرمر
ننشر اليوم الجزء ٣ من حلقات خالد بن الوليد سيف الله المسلول نتناول فيها عزله و وفاته
عزل سيف الله المسلول خالد بن الوليد
تحدث الناس بفعال خالد في أرمينية، وتحدثوا بانتصاراته في الشام والعراق، فتغنّى الشعراء بفعاله، فوهبهم خالد من ماله وأغدق عليهم، وكان ممن وهبهم خالد الأشعث بن قيس الذي وهبه خالد عشرة آلاف درهم. بلغ عمر في المدينة خبر جائزة خالد للأشعث، فكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يستقدم خالد مقيدًا بعمامته، حتى يعلم أأجاز الأشعث من ماله أم من مال المسلمين، فإن زعم أنها من مال المسلمين، فتلك خيانة للأمانة. وإن زعم أنها من ماله، فقد أسرف، وفي كلتا الحالتين يُعزل خالد من قيادته للجيوش. تحيّر أبو عبيدة، فترك تنفيذ تلك المهمة لبلال بن رباح رسول الخليفة بالكتاب. أرسل أبو عبيدة يستدعي خالد من قنسرين، ثم جمع الناس وسأل بلال خالدًا عما إذا كانت جائزته للأشعث من ماله أم من مال المسلمين؟. فأجاب خالد أنها من ماله الخاص، فأعلنت براءته. فاجأ أبو عبيدة خالدًا بأن الخليفة قد عزله، وأنه مأمور بالتوجه للمدينة.
ذهب خالد للمدينة المنورة للقاء عمر، محتجًا على ما اعتبره ظلمًا، إلا أن عمر أصر على قراره. كثر اللغط في الأمصار حول عزل عمر لخالد، فأذاع في الأمصار:
خالد بن الوليد إني لم أعزل خالدًا عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويُبتلوا به. فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، وألا يكونوا بعرض فتنة. خالد بن الوليد
لما قدم خالد على عمر قال عمر متمثلا:
صَنَعْتَ فَلَمْ يَصْنَعْ كَصُنْعِكَ صَانِعٌ
وَمَا يَصْنَعُ الأَقْوَامُ فَاللَّهُ يَصْنَعُ
فأغرمه شيئا، ثم عوضه، وكتب فيه إِلى الناس بهذا الكتاب ليعذره عندهم وليبصرهم. وكانت تلك هي نهاية مسيرة خالد العسكرية الناجحة.
وفاة خالد بن الوليد سيف الله المسلول
هناك إجماع على أن خالد توفي عام 21هـ/ 642م، إلا أنه هناك خلاف على مكان وفاته. فقد ذكر ابن حجر العسقلاني في الإصابة قولين في وفاته، قول بأنه توفي بحمص وآخر أن وفاته في المدينة المنورة، وأن عمر بن الخطاب حضر جنازته. في حين ذهب أبو زرعة الدمشقي في تاريخه أن وفاته في المدينة. أما ابن عساكر فنقل في كتابه تاريخ دمشق الكبير عدَّة روايات ترجِّح وفاته بحمص، واستأنس بقول أبي زرعة الدمشقي في وفاته بالمدينة. ونقل ابن كثير في البداية والنهاية قول الواقدي ومحمد بن سعد بأنه مات بقرية تبعُد نحو ميل عن حمص، وكذلك نقل الرأي الآخر في وفاته بالمدينة، ولكنَّه رجَّح موته بحمص، وأيَّد الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء رأيَ ابن كثير بترجيح وفاته بحمص. ولخالد بن الوليد جامع كبير في حمص، يُزعَم أن قبره فيه. رُوي أن خالدًا قال على فراش موته:
خالد بن الوليد لقد شهدتُّ مئة زحف أو زُهاءها، وما في بدني موضعُ شِبْر، إلا وفيه ضربةٌ بسيف، أو رميةٌ بسَهْم، أو طعنةٌ برُمْح. وها أنا ذا أموتُ على فِراشي حَتْفَ أنفي، كما يموتُ البعير، فلا نامَتْ أعينُ الجُبَناء. خالد بن الوليد
حزن المسلمون لموت خالد أشدَّ الحزن، وكان الخليفة عمر من أشدهم حزنًا، حتى إنه مرَّ بنسوة من بني مخزوم يبكينه، فقيل له: ألا تنهاهنَّ؟. فقال: «ما على نساء قريش أن يَبكِينَ أبا سليمان، ما لم يكن نقع أو لقلقة، على مثله تبكي البواكي.»



