“هجوم تدمر”.. غطاء واشنطن السياسي لدمشق وقدرة حكومة الشرع في مكافحة الإرهاب والتطرف

كتبت سوزان مرمر
جاء هجوم تدمر السورية ليكون بمثابة الاختبار الحقيقي الأول لمدى قدرة حكومة دمشق على أن تكون شريكا فعليا وقويا في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وإذا كانت حجة السوريون في أن واشنطن لم تأخذ تحذيراتهم عن هجوم إرهابي وشيك على القوات الأمريكية على محمل الجد قوية في ميزان النقاش، فإن اللافت كان حرص واشنطن على إبقاء زخم دعمها لدمشق قائما وعدم رفع الغطاء عنها باعتبار أن الفرصة لا تزال متاحة أمامها لإثبات حضورها الفاعل في مكافحة التطرف وعدم الاعتماد المطلق على قسد في هذا المسار الأمني الطويل والمعقد والمفخخ بألغام السياسة.
الرهان على دمشق لا يزال كبيرا
ويرى المحلل السياسي السوري سميح الفاضل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حرص منذ اللحظة الأولى لانتشار خبر الهجوم الإرهابي في تدمر على أن يضع الأمور في نصابها الطبيعي حين أشار إلى أن ما حصل هو هجوم شنه تنظيم “داعش” ضد كل من الولايات المتحدة وسوريا.
وفي حديثه لـ RT، أشار الفاضل إلى أن ترامب عمد بشكل جلي وواضح إلى رفع المسؤولية عن الحكومة السورية جراء هذا العدوان حين لفت إلى أن الهجوم نفذه التنظيم في منطقة شديدة الخطورة في سوريا لا تسيطر عليها تماما الحكومة السورية.
ولفت المحلل السياسي السوري إلى أن ترامب أكد أن الرئيس أحمد الشرع غاضب ومستاء للغاية من هذا الهجوم في مسعى منه لإضفاء المزيد من المصداقية على رواية الحكومة السورية التي سبق وحذرت شركاءها في التحالف من هجوم إرهابي وشيك لكن تحذيراتها لم تؤخذ على محمل الجد وإن بقيت حجتها حاضرة على مستوى التنبيه من الخطر الوشيك قبل وقوعه.
وأوضح أيضا أن المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك، سارع إلى التأكيد على دور دمشق في مكافحة الإرهاب، حين قال “سنلاحق إلى جانب الحكومة السورية وبلا هوادة كل فرد وميسر وممول ومتواطئ متورط في هذا العمل الشنيع”.
كما تحدث المحلل السياسي عن ترحيب باراك بالتزام الرئيس السوري أحمد الشرع القوي الذي يشارك عزمهم الراسخ على تحديد هوية مرتكبي هذا الهجوم وملاخقتهم ومحاسبتهم، الأمر الذي يؤكد، وفق المحلل، إجماع القادة في واشنطن على تجديد الثقة بالحكومة السورية في مجال محاربة الإرهاب والتأكيد على وجوب اطلاعها بالدور الأكبر في هذا الشأن خاصة وأن قوات سوريا الديمقراطية تتحمل مسؤولية كبيرة عن الهجوم إن لم تكن متواطئة فيه نتيجة احتكارها لمشروع مكافحة داعش دون الوصول إلى نتائج جذرية فيه.
وأشار الفاضل إلى وجود عدة جهات قد تكون مسؤولة بشكل أو بآخر عن هجوم تدمر، مبينا أن إيران لها مصلحة في استهداف الأمريكيين في سوريا من أجل إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد مجددا، وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل التي تريد أن تقول للأمريكيين بأن الحكومة السورية الحالية عاجزة وربما تكون متواطئة في الهجوم والبديل هو سوريا مقسمة متناحرة تتهافت مكوناتها على تقديم الضمانات لواشنطن وتل أبيب على حساب بعضهم البعض.
ويؤكد المحلل السياسي أن “قسد” هي كذلك أحد المستفيدين الكبار من هذا الهجوم لأنه يقدمها كشريك وحيد موثوق به بالنسبة للولايات المتحدة.
وختم المحل السياسي حديثه بالتأكيد على أن الهجوم الذي تبناه “داعش” في إدلب بعد عملية تدمر مباشرة والذي أسفر عن مقتل أربعة عناصر من قوات الأمن السورية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك وجود دول ومنظمات إرهابية حريصة على ضرب الجهود الجبارة التي تبذلها الحكومة السورية من أجل تمكين حضورها السياسي على المستويين الإقليمي والدولي وحضورها الأمني على المستوى الداخلي.
وأكد في السياق أن دمشق تسير بخطى ثابتة وحثيثة نحو تحقيق الأهداف التي رسمتها لنفسها.
“قسد.. نحن الضمانة والثقة”
المفكر السوري الكردي جمال حمو، رأى خلال مقابلة مع RT، أن أهم استنتاج قفز إلى ذهن الأمريكيين بعد هجوم تدمر تمثل في التأكيد على فكرة أن “قسد” تبقى مصدر الثقة الأوحد بالنسبة لواشنطن فيما يخص ملف محاربة الإرهاب.
وفي حديثه لـ RT، أشار حمو إلى أن القوات الأمريكية كانت قد حاولت أن تحصر التعامل مع الجانب السوري بـ”قوات مكافحة الإرهاب” التي كان قوامها الأساسي هو “جيش سوريا الحرة”، لكن الفشل الذي حصل في تدمر أتى بشكل كبير على سردية دمشق التي تقول إن “قسد” يجب أن تنضوي تحت جناحها باعتبارها الجهة الرسمية الوحيدة المخولة بالانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.
وتوقع حمو أن عملية تدمر قد رفعت من أسهم “قسد” بشكل كبير لدى واشنطن ودفعت هذه الأخيرة للتريث بشأن الاعتماد الكلي على السلطات الإنتقالية في سوريا بشأن مكافحة الإرهاب بعدما تبين حاجة هذه السلطات إلى وضع عناصرها مجددا تحت رقابة التحلل من الإرث الجهادي.
وسخر المفكر الكردي من الأصوات التي ربطت بين “قسد” وعملية تدمر، مشيرا إلى أنها محاولة يائسة للتغطية على فشل حكومة دمشق في أول اختبار حقيقي تتعرض له بشأن التنسيق مع واشنطن بشأن مكافحة الإرهاب.
فيما أعادت إلى الأذهان كما قال المفكر السوري الكردي جمال حمو، “البلاء الحسن الذي أبلته “قسد” في مكافحة التنظيم التكفيري وطرده من مناطق شاسعة كان يسيطر عليها في سوريا وصولا إلى تحويله إلى ذئاب منفردة تستطيع شن هجمات مؤلمة لكنها لا تستطيع تغيير الواقع الميداني على النحو الذي تتمناه وتهدف إليه”.



