يد الدولة القوية.. أقوى الإجراءات لمواجهة «حرب الشائعات»

كتبت سوزان مرمر

بدأت الحكومة التحرك بقوة لمواجهة الحجم الهائل من الشائعات التى تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعى بصفة يومية، بالإضافة إلى كم الأخبار الزائفة التى تنشرها وسائل الإعلام الخارجية المعادية للدولة المصرية، ويتم الترويج لها باعتبارها حقائق بهدف إحداث بلبلة فى المجتمع، حيث تقرر تفعيل عمل جهات رصد الشائعات والأخبار الكاذبة على مختلف المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى، واتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة، مع بحث تغليظ العقوبات ضد كل من يتعمد الإساءة للمجتمع، والإضرار بالاقتصاد الوطنى عبر نشر أكاذيب، واختلاق وقائع مفبركة.

وبالتوازى مع اتخاذ الإجراءات القانونية تم التوافق على توحيد جهود جميع الوزارات والأجهزة والجهات المعنية بالدولة فى التصدى لمختلف الشائعات المنتشرة عبر بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى المختلفة، من خلال استراتيجية وطنية متكاملة للتصدى للأكاذيب والشائعات.

وأكد الدكتور خالد شريف، خبير الاتصالات، أهمية الإسراع فى إنشاء المنصة الحكومية للرد على الشائعات والأخبار الكاذبة، مضيفًا: «المنصة يمكنها أن تكون مصدرًا موثوقًا للمعلومات الصحيحة، ما يتيح للمواطنين الحصول على الأخبار الدقيقة من مصدر رسمى، ويُسهم فى تصحيح المعلومات المغلوطة المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعى. والذكاء الاصطناعى يمكن أن يلعب دورًا مهمًا فى تحديد الأخبار الكاذبة من خلال تحليل سريع ودقيق للمحتوى المنتشر».

 

ونبه «شريف» إلى ما تتضمنه القوانين الحالية من عقوبات رادعة ضد من يتعمد نشر الأخبار المغلوطة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، موضحًا أن هذه العقوبات تشمل الغرامات المالية الكبيرة والسجن، ما يساعد فى ردع مروجى الشائعات التى تهدد الأمن والسلم العامين.

 

واتفق الدكتور عمرو صبحى، خبير أمن المعلومات، على ضرورة استخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعى» فى الكشف عن الأخبار والصور المفبركة، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا الحديثة توفر أدوات قوية لتحليل البيانات بشكل سريع، ما يسمح بتحديد مصادر الشائعات وتتبع انتشارها، إلى جانب التفريق بين الأخبار الحقيقية والكاذبة فى وقت قياسى، ما يساعد فى تقليل تأثير الشائعات على الرأى العام.

 

وأضاف «صبحى»: «محركات البحث السريعة والمتطورة تسهم فى العثور على المعلومات المضللة بشكل أسرع، وبالتالى يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل أكثر فاعلية، بالتزامن مع ضرورة تفعيل القوانين الرادعة بشكل سريع وفعال، خاصة فى ظل زيادة نشر الأخبار الكاذبة التى تضر بمصلحة الدولة وتؤثر على الاقتصاد الوطنى».

 

وشدد خبير الاتصالات على أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص فى تطوير الأدوات اللازمة لمكافحة الشائعات، مشيرين إلى أن «التعاون مع الشركات المتخصصة فى تكنولوجيا المعلومات يساعد فى تطوير أدوات للكشف السريع عن الأخبار الزائفة».

«الشباب والرياضة»: «تصدوا معنا» لكشف «المحتوى المزيف»

أطلقت وزارة الشباب والرياضة مبادرة «تصدّوا معنا» باعتبارها أحد أهم البرامج القومية الرامية إلى تعزيز الوعى المجتمعى ومواجهة الشائعات، التى باتت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى، وتحصين المجتمع من حملات التضليل التى تستهدف استقرار الدولة وإثارة البلبلة بين المواطنين، خاصة فى ظل الطفرة الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى كمصدر رئيسى للمعلومات.

 

تعمل المبادرة من خلال محورين أساسيين، الأول يستهدف رفع الوعى لدى الشباب تجاه مخاطر الشائعات وكيفية تمييزها، والثانى يركز على بناء شبكة من الشبان المدربين ليكونوا قادرين على نقل المعرفة داخل مجتمعاتهم المحلية، وذلك عبر تصميم برامج تدريبية متخصصة تتناول مفاهيم الأمن القومى، وأساليب تزييف المحتوى على الإنترنت، وطرق التحقق من المعلومات، إضافة إلى مهارات التواصل الفعّال لنشر الوعى وتصحيح المفاهيم المغلوطة.

 

ومنذ انطلاقها، نفذت «تصدّوا معنا» سلسلة واسعة من الندوات وورش العمل داخل مراكز الشباب والجامعات فى مختلف محافظات الجمهورية، بمشاركة خبراء فى الأمن المعلوماتى والإعلام الرقمى، مع تركيز على مناقشة آليات انتشار الشائعة، وتأثيرها على الرأى العام، وتقديم أمثلة عملية على كيفية تحليل الرسائل المتداولة على المنصات الإلكترونية، بهدف تحويل الشباب إلى عنصر فاعل فى مواجهة حملات التضليل.

 

وتوسعت المبادرة لتشمل شراكات مع مؤسسات تعليمية وثقافية، إلى جانب تدريب مجموعات من المدربين المعتمدين الذين يعملون على تنفيذ أنشطة ميدانية داخل المجتمعات المحلية، ما أسهم فى خلق قاعدة شبابية واسعة تمتلك أدوات الوعى الرقمى، وتشارك بفاعلية فى رصد الشائعات والرد عليها بشكل صحيح وموضوعى.

 

وتسعى وزارة الشباب والرياضة من خلال هذا المشروع القومى إلى ترسيخ ثقافة الوعى والانتماء، وتأكيد دور الشباب فى حماية المجتمع من المعلومات المضللة، خاصة مع تزايد محاولات التشويه واستهداف الدولة من خلال المحتوى الزائف.

 

وتؤكد المبادرة فى كل أنشطتها أن التصدى للشائعات ليس مهمة حكومية فقط، بل مسئولية مشتركة تتطلب مشاركة واعية من الأفراد، وإدراكًا جماعيًا لخطورة المعلومات غير الموثوقة على استقرار المجتمع.

«الأوقاف»: توسيع «صحح مفاهيمك».. وقوافل دعوية وندوات لكشف أساليب الفبركة

شدد الدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف، على أن الأمن الفكرى يمثل جزءًا أصيلًا لا يتجزأ من منظومة الأمن القومى لأى دولة، مؤكدًا أن مواجهة الشائعات والتضليل الإعلامى لم تعد مجرد عمل توعوى، بل أصبحت ضرورة لحماية الوعى العام وصون استقرار المجتمع.

 

وقال «رسلان»، إن خطورة التضليل جعلت الأمم المتحدة تخصص أسبوعًا كاملًا فى نهاية أكتوبر من كل عام لمواجهة هذه الظاهرة، فى دلالة واضحة على حجم التهديد الذى يمثله نشر المعلومات المضللة على الأوطان والعقول، بعدما تحولت الشائعات إلى أداة تستخدم للتأثير على الرأى العام وإرباك المجتمعات.

 

وأكد أن مصر عانت طويلًا من موجات الشائعات وعواصف التضليل التى استهدفت إضعاف الثقة وزعزعة الأمن، وهو ما دفع الدولة إلى حشد جهودها بقوة لحماية الأمن الفكرى والإعلامى، حفاظًا على وعى المواطنين ومنع العبث بعقولهم أو استغلالها فى توجيهات سلبية تمس استقرار الوطن.

 

وأشار إلى أن وزارة الأوقاف كانت فى مقدمة المؤسسات التى بادرت إلى بناء خطاب واعٍ يواجه التضليل ويوضح آثاره، مع تقديم تأصيل شرعى يرسخ أهمية التثبت من المعلومات ورفض الشائعات، مضيفًا أن الوزارة تعتمد على الوازع الدينى كركيزة أساسية لتحصين المواطنين ضد محاولات الخداع والتلاعب بالوعى.

 

وأوضح أن جهود الوزارة تتجسد فى أنشطتها الميدانية والإعلامية عبر الوسائل التقليدية والحديثة، إلى جانب دورها الممتد فى المساجد على مستوى الجمهورية، تحت مظلة المبادرة الوطنية الجامعة «صحح مفاهيمك» التى تحظى برعاية الدولة، وتتكامل مع جهود المؤسسات الأخرى لصون الوعى وحماية الجبهة الداخلية.

 

وأضاف أن وزارة الأوقاف بدأت بالفعل فى تكثيف برامجها الفكرية والدعوية للحد من انتشار الأخبار الكاذبة، من خلال تطوير خطبة الجمعة وإطلاق قوافل دعوية وندوات تثقيفية وأمسيات دينية، تُركّز على كشف أساليب الفبركة، وتحصين المجتمع ضد المعلومات المضللة.

قانونيون: عقوبات الإضرار بمصالح البلاد تصل إلى السجن المشدد

تعتزم النيابة العامة ووزارة الداخلية تعزيز إجراءات التصدى لما يُنشر من شائعات على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال وحدات الرصد التى تتولى متابعة ما يُنشر على المواقع وصفحات السوشيال ميديا، والتأكد من مضمونه، وتحديد القائمين على نشره، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد مروجى الأخبار الكاذبة.

 

وقال الخطيب محمد، الخبير القانونى، إن نشر الأخبار الزائفة والشائعات يضر بمصلحة المجتمع ويدمر الاقتصاد، ومن ثم لا بد من معاقبة كل من يتعمد الإضرار بالاقتصاد الوطنى عبر نشر الأكاذيب، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المواد القانونية التى تعاقب ناشر الأخبار الكاذبة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى فى قانون العقوبات وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون الصحافة وجميعهم بهم مواد تخصص نشر أخبار كاذبة.

 

فيما قال المحامى مصطفى جاد إن المادة ١٨٨ من قانون العقوبات نصت على: «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبارًا أو بيانات أو شائعات كاذبة لتكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة».

 

وتابع أن المادة ٣٤ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنص على: «إنه إذا وقعت أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى تكون العقوبة السجن المشدد»، موضحًا أن السجن المشدد يتراوح بين ثلاثة سنوات و١٥ سنة.

 

وأشار إلى أهمية توعية المواطنين من خلال مبادرات للنائب العام والأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ومجلس الوزراء، لتوضيح الضرر من نشر الأخبار الكاذبة والشائعات وكذلك تفعيل وحدات الرصد والرد على الشائعات حتى يتم إبطال صداها وتأثيرها، وتصحيحها لمنع غياب المعلومة أو نقصها.

 

وفى السياق ذاته، أكد عمرو عبدالسلام، المحامى بالنقض، أن أحكام التشريعات الجنائية الحالية كافية لمواجهة جرائم نشر الأخبار الكاذبة، لما تسببه من أضرار بالاقتصاد القومى والإساءة للمجتمع التى تصل فيها العقوبات على جرائم نشر وترويج الشائعات الكاذبة إلى السجن مدة خمس سنوات، وإلى السجن المشدد الذى يصل إلى ١٥ سنة إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.

انتقد عدد من نواب البرلمان ما شهدته الآونة الأخيرة من محاولات لنشر الشائعات وترويج الأخبار الكاذبة، لاستهداف ثقة المصريين فى مؤسسات دولتهم وإنجازاتها، مشيدين بتحرك حكومة الدكتور مصطفى مدبولى نحو اتخاذ قرارات حاسمة للتصدى لهذا الخطر المتصاعد، الذى بات يمس الأمن القومى والاقتصاد الوطنى بصورة مباشرة.

وفى هذا الإطار، أشاد النائب حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد»، بالخطوات الحاسمة التى اتخذتها الحكومة لتفعيل آليات التصدى للشائعات والأخبار الكاذبة، التى تستهدف الإضرار بمصالح البلاد وتقويض الثقة فى الاقتصاد الوطنى.

 

وأوضح أن اجتماع رئيس الحكومة مع الوزراء والمسئولين المعنيين بهذا الملف يعد خطوة استباقية وضرورية فى الوقت الراهن، مشددًا على أن التصدى للشائعات بات مسئولية وطنية تتجاوز حدود الأداء الحكومى إلى صميم الأمن القومى والاقتصادى للدولة.

 

وقال: «الحكومة أبدت ترحيبًا كبيرًا بالنقد البنّاء والموضوعى الموجّه لأدائها، وهو ما يمثل جوهر الديمقراطية، ولكن يجب أن نفرّق بوضوح بين النقد الهادف للتصحيح وبين التعمد الخبيث لاختلاق الوقائع الكاذبة ونشر الأكاذيب المفبركة التى هدفها الوحيد إثارة البلبلة والتشكيك فى الإنجازات الوطنية الكبيرة التى تحققت على مدار السنوات الماضية، وتتحقق حتى الآن».

 

وأضاف: «التقزيم من إنجازات الدولة المصرية أو محاولة ضرب الثقة فى اقتصادها الوطنى من خلال نشر الأكاذيب الممنهجة يمثل اعتداءً مباشرًا على مصالح كل مواطن مصرى، وهذه الأفعال لا تضر الحكومة فحسب، بل تعرقل مسيرة التنمية وتؤثر سلبًا على قرارات الاستثمار، وبالتالى تضرب فى عمق استقرارنا الاقتصادى والمعيشى والأمن القومى للبلاد».

 

ودعا «الجندى» جميع القوى الوطنية ووسائل الإعلام المخلصة إلى التكاتف والالتزام بأعلى معايير المصداقية المهنية لتبنى «استراتيجية وطنية متكاملة» تُعلى من شأن الحقيقة وتكشف زيف الأكاذيب، مؤكدًا أن الحقيقة هى السلاح الأقوى لدعم مسيرة الإصلاح والبناء فى مصر.

 

فيما أوضح النائب أحمد سيد، أمين سر لجنة السياحة بمجلس الشيوخ عن حزب «العدل» عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن التعامل مع ظاهرة الشائعات والأخبار الكاذبة التى تستهدف تقويض الإنجازات الاقتصادية والمجتمعية للدولة المصرية يتطلب تكاملًا بين التحديث التشريعى والتحصين الرقمى للمواطن، خاصة أن الشائعات والأكاذيب باتت تهدد الأمن القومى وتستهدف الإنجازات الاقتصادية للدولة وتهدد استثماراتها المحلية والأجنبية.

 

وشدد على أن استهداف الاقتصاد الوطنى، عبر الأخبار الكاذبة والتشكيك فى المشروعات القومية أو المؤشرات المالية، لم يعد مجرد خطأ إعلامى عابر، بل أصبح شكلًا جديدًا ومتطورًا من أشكال العدوان المتعمد عبر الحملات المنظمة، أو غير المتعمد من خلال استغلال الفضاء الرقمى لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية معادية، وعرقلة جهود الدولة لجذب الاستثمار وتحسين معيشة المواطنين.

 

بدوره، اعتبر النائب عادل ناصر، عضو مجلس الشيوخ، أن توجيهات الحكومة لمواجهة الشائعات تمثل خطوة حاسمة وضرورية لحماية المجتمع المصرى من موجات الشائعات المنظمة التى تستهدف ضرب استقرار الدولة والإضرار بالاقتصاد الوطنى.

 

وقال: «حجم الشائعات المتداولة يوميًا يعكس وجود حملات ممنهجة تسعى لإثارة البلبلة وتشويه الحقائق، وهو ما يتطلب تعزيزًا لآليات الرصد السريع، واتخاذ إجراءات قانونية رادعة ضد من يتعمدون نشر أخبار كاذبة بقصد الإضرار بمصالح الدولة».

 

أما النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، فرأت أن القرارات التى أقرها اجتماع رئيس مجلس الوزراء بشأن تفعيل آليات التصدى للشائعات تمثل تحولًا مهمًا فى إدارة ملف الوعى العام ومواجهة حملات التضليل التى تستهدف الدولة.

 

وقالت: «الاتفاق على اتخاذ إجراءات قانونية مباشرة ضد من يتعمد نشر أخبار كاذبة يعكس إصرار الدولة على وقف الفوضى المعلوماتية، فى ظل حجم الأكاذيب المتداولة يوميًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى