معارضاتنا العربية مشبوهة

 

كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن

هنالك من ينتظر من الطبقة السياسية أن تكون متقدمة في بنيتها النفسية وفي مسلكيتها على المجتمع الذي تنتمي اليه اعتبارا الى ان النخبة بطبيعتها تتقدم المجتمع معرفيا، أي أنها تتجاوزه…
المأزق العربي يكمن تحديدا في أن النخبة في مزاجها وفي نظام سلوكها، أكثر بشاعة من أحط الفئات الاجتماعية من حيث الجشع، وحب الذات والتقلب والانقلاب على المواقف والطروحات …

لقد فشلت جل المشاريع الحزبية في السياقات العربيه على اختلافها لأنها لم تكن في الواقع إلا مشاريع شخصية تنهار برحيل الشخص أو بخلعه باستثناء بعض الأحزاب الحاكمة التي لم تكن إلا واجهة الدولة العميقة…
لقد تابعت عدد التجارب السياسية في المنطقة العربية، وأيقنت أننا بالفعل لا نزال في مشهدية السيد والعبد وان البنية العمودية للعلاقة بين القائد والمُريد متطابقة في مشهدية السلطة وفي مشهدية المعارضة.

هذا التطابق يؤكد ان الازمة ازمة ثقافة بمعنى انها أزمة نمط مجتمعي ونظام قيمي وان الافق الديمقراطي يبتعد عنا يوما بعد يوم ما دمنا نعيد انتاج هيكلية النمط الاقطاعي القروسطي.
تابعت تجارب سياسية محددة، وتبين لي أن قواعد بعض الاحزاب يقومون مقام الأقنان، الذين يكابدون كل مشاق الوجود دون أن يكترث بهم أحد… في حين أن الآلة الإعلامية وكل المحيط السياسي يُستنفَـر متى أصاب عطب ما أحد الاسياد…

هكذا وجدت بعض زعماء المعارضة المصرية في منفاه يحي حياة الأمراء أمثال أيمن نور، كذلك الشأن بالنسبة لمعارضات تونسية وجزائرية ولن أمر على هذا الفصل من الكتاب تاريخ السياسة العربية المعاصرةردون ان اذكر وأن أذكّر امراء الحرب في لبنان، أو من تبقى منهم “وليد بيك”، ورئيس البرلمان الأزلي “نبيه بري”.

أعجب أن أجدهم في واجهة الاحداث بعد ان فعلوا ما فعلوه في الحرب الاهليه اللبنانيه، وعجبي يمتد ليشمل “سمير جعجع” زعيم القوات اللبنانية الذي يجهد نفسه يوميا لإقناع العالم بأنه بريء من كل جرم في حق لبنان وأنه لم يكن وراء أي تخابر مع إسرائيل…. وأنه آسف لتصفية رفيق دربه “إيلي حبيقة”…

هو بالفعل ركن من أركان الماساة العربية ان تنكشف حقيقة السياسة العربية كقصة خيانة لا تنتهي…
في تاريخ روما خان بروتوس مرة أما عندنا ف”بروتوس” ، جعل من الخيانة طقسا يوميا …
للتوضيح : أنقد كل شخوص ومظاهر الحياة السياسية العربية وأنا على نفس المسافة من أنظمة الحكم ومن المعارضات إيمانا مني بأن سبيل النجاة لن يكون إلا مع نهج ثالث يقطع مع الطرفين.
د. ليلى الهمامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى