رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن اليوم العالمي لذوي الهمم

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن اليوم العالمي لذوي الهمم
بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
“حقوقٌ وإنسانيةٌ وكرامة… رؤيةٌ شرعيةٌ وتربويةٌ وحضارية”
يأتي اليوم العالمي لذوي الهمم ليُجَدِّدَ في العالمِ معنى الرُّحمةِ والتكافلِ الإنسانيِّ، ولِنُؤكِّدَ أنَّ أصحابَ الهممِ ليسوا عبئًا على الحياةِ، بل هم فجرُ إبداعٍ، وطاقةُ نورٍ، وقدرةٌ كامنةٌ إذا وُضِعَتْ في موضعِها أضاءتْ أممًا وبَنَت حضارات.
● أولًا: التعريف والمصطلح
• مصطلح “ذوي الهمم” هو أبلغ وأرقى من مصطلحاتٍ أخرى؛ إذ يركّز على قدراتهم لا إعاقتهم، وعلى طاقتهم لا نقصهم.
• وهو مصطلح يتوافق مع روح الإسلام الذي عظّم قيمة الإنسان لأنه إنسان، لا لأنه كامل البدن.
قال تعالى:
﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا﴾
(سورة الإسراء: 70)
● ثانيًا: الابتلاء ليس نقصًا بل منزلةٌ ورفعة
• من حكمة الله أن يبتلي بعض عباده بنقصٍ في سمعٍ أو بصرٍ أو حركة، لا ليمتهنهم بل ليختبر صبرهم ويرفع درجاتهم.
• وربَّ معاقٍ في الجسد، سليمُ الروح، عظيمُ الإيمان، نافِذُ البصيرة.
قال تعالى:
﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ (سورة البقرة: 286)
وقال تعالى:
﴿وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ﴾ (سورة الذاريات: 21)
● ثالثًا: مكانة ذوي الهمم في السنة النبوية
• كان رسول الله ﷺ يقرب الضعفاء، ويجالسهم، ويسأل عنهم، ويجعل لهم حقًا في المجتمع والاهتمام.
ومن أروع الأحاديث:
قال رسول الله ﷺ:
“هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ”
رواه البخاري
● عبدالله بن أم مكتوم – مؤذن الرسول ﷺ
• رجلٌ أعمى، لكنه كان بصيرَ القلب، قويَّ الإيمان، جعله النبي ﷺ مؤذّنًا وخليفـةً له على المدينة في بعض أسفاره.
وقد خلد الله ذكره بآيات القرآن:
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ﴾ (سورة عبس: 1-2)
● موسى عليه السلام
• واجه صعوبة في النطق، لكنه كان نبيًّا من أولي العزم، وقائدًا لأمة عظيمة.
قال تعالى:
﴿وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي﴾
(سورة طه: 27)
● أيوب عليه السلام
• مثال للصبر على البلاء، فرفع الله شأنه وأثنى على صبره.
قال تعالى:
﴿إِنَّا وَجَدۡنَٰهُ صَابِرٗاۚ نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٞ﴾ (سورة ص: 44)
● حق الكرامة الإنسانية
• لا يجوز السخرية منهم أو التحقير، ومن فعل فقد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب.
قال تعالى:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ﴾
(سورة الحجرات: 11)
● حقهم في التعليم والفرص
• الإسلام لا يمنع العلم عن أحد، بل يجعل العلم حقًّا للناس جميعًا.
قال ﷺ:
“طلب العلم فريضة على كل مسلم”
رواه ابن ماجه
● حق الرعاية والدعم الأسري والمجتمعي
• دعمهم واجبُ الأسرة، وحقٌّ على المجتمع والدولة والمؤسسات.
• من كفل محتاجًا أو مريضًا كان مع النبي ﷺ في الجنة.
قال ﷺ:
“أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْن”
رواه البخاري .
وقياسًا عليه في ذوي الهمم لأنهم أولى بالرعاية.
● على مستوى الفرد
• احترامٌ واحتواء.
• كلمة طيبة ترفع الروح.
• دمج لا تهميش.
قال تعالى:
﴿وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا﴾
(سورة البقرة: 83)
● على مستوى الأسرة
• الصبر على المُصاب، وإشعاره بقيمته.
• توفير العلاج والتأهيل والدعم النفسي.
● على مستوى المجتمع والدولة
• تجهيز المؤسسات بما يناسب استخدامهم.
• فتح فرص العمل المناسبة.
• إنشاء برامج وأنشطة تُظهر قدراتهم.
إن ذوي الهمم ليسوا عالة بل عِماد، ولو عَلِم المجتمعُ كيف يحتضنهم لخرج منهم علماءُ ومبدعون وقادة.
وإن اليوم العالمي لذوي الهمم ليس يومًا للاحتفال فحسب، بل يومُ تجديد عهدٍ مع إنسانيتنا وضمائرنا، ويومُ وقفةٍ مع أنفسنا:
هل أدينا حقهم؟ هل منحناهم الفرصة؟ هل رأينا فيهم النور بدل العجز؟
اللهم اجعلنا مفاتيحَ خيرٍ لقلوبهم، ومساندين لهم، ورِقاقًا في التعامل معهم، واغمرنا وإياهم بفيض رحمتك، واجعل صبرهم رفعةً لهم في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



