إيدِكْسُ ٢٠٢٥… خَيْرُ ما أَنْتَجَتْهُ السَّواعِدُ المِصْرِيَّةِ: يَدٌ تَبْنِي وَيَدٌ تَحْمِلُ السِّلاحَ

إعداد: د/شيماء المتعب
يأتي معرض إيدكس 2025 ليقدّم للعالم صورة مكتملة عن الدولة المصرية وهي تُرسّخ موقعها كقوة صناعية وعسكرية يمتد تأثيرها من الشرق الأوسط إلى أفريقيا، وتطرح نفسها مركزًا إقليميًا متقدمًا في الصناعات الدفاعية الحديثة. المعرض لم يعد مناسبة احتفالية أو اقتصادية فقط، بل تحوَّل إلى منصّة استراتيجية تعبّر عن رؤية مصر لبناء قوة شاملة: قوة تبني وتعمر للوطن، وقوة تحمي وتدافع عن الأرض والهوية والموارد.
إن شعار “يدٌ تبني ويدٌ تحمل السلاح” لم يعد عبارة إنشائية؛ بل واقع تتحرك مفاصله عبر آلاف المهندسين والفنيين والضباط والجنود الذين يشكّلون مزيجًا من القدرة الإنتاجية والعلمية والعملياتية التي تجسدت بوضوح في أجنحة المعرض وممراته.
أولًا: مصر قوة صناعية عسكرية صاعدة
أثبتت مصر خلال السنوات الأخيرة أنها لم تعد مجرد “مستهلك للتكنولوجيا العسكرية”، بل أصبحت مُنتِجًا مطوّرًا يمتلك قاعدة صناعية قادرة على تصنيع، تطوير، وصيانة منظومات معقدة تتراوح بين المدرعات والطائرات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى.
ولم يكن إيدكس 2025 مجرد استعراض، بل كان إعلانًا صريحًا عن دخول مصر مرحلة جديدة من القدرة على إنتاج أنظمة سلاح متقدمة تُلبّي احتياجات جيشها وتسمح لها بالتصدير الإقليمي والدولي.
ثانيًا: ما عرضته مصر… ترسانة وطنية تتطور بثبات
١. منظومات الصواريخ والمدفعية الثقيلة
منظومة “رَدَاعَة 300” – الصاروخ بعيد المدى
صواريخ تكتيكية تصل إلى 300 كيلومتر.
دقة إصابة عالية بفضل التوجيه المعتمد على الأقمار الصناعية والقصور الذاتي.
إطلاق من مركبات مدولبة أو مجنزرة.
تصميم مصري معتمد على قدرات بحث وتصنيع محلية.
K9A1 EGY — الهاوتزر ذاتي الحركة 155 مم
أول نسخة مصرية من أكثر مدافع العالم تطورًا.
تصنيع محلي بالاشتراك مع كوريا الجنوبية.
نظام قيادة وإطلاق مصري بالكامل.
قدرة على ضرب أهداف حتى 40 كم بدقة عالية.
٢. المدرعات والمركبات القتالية والدعم اللوجستي
المدرعة “سِيناء 806”
مركبة إصلاح واسترجاع مدرعة (Armoured Recovery Vehicle).
قادرة على سحب/إنقاذ المركبات الثقيلة مثل الدبابات والمدرعات.
مجهّزة برافعة وقدرات دعم ميداني.
مصممة لتكمل منظومات “سينا 200” القتالية.
عائلة المدرعات المصرية (ST-500 / Temsah / Sinai Series)
ناقلات جنود مدرعة.
مركبات قتال خفيفة ومتوسطة.
مقاومة للألغام والعبوات الناسفة (MRAP).
تصاميم محلية بنسبة كبيرة.
٣. الدبابات ومركبات القتال من الشركاء الدوليين
T-90MS – دبابة القتال الروسية المتقدمة
واحدة من أكثر الدبابات تطورًا في العالم.
أنظمة حماية نشطة ودروع مركّبة.
مدفع 125 مم قادر على إطلاق صواريخ موجهة.
BMP-3 — مركبة القتال للمشاة
قدرة قتالية عالية.
صالحة للعمل في المناطق الصحراوية والصخرية.
تسليح متنوع يشمل مدفع 100 مم ومدفع 30 مم.
٤. الطائرات والمروحيات
مقاتلات الجيل الخامس (SU-57E)
تقنية “الشبح”.
قدرة على حمل ذخائر ذكية داخلية.
مناورة متقدمة ومحرك عالي الأداء.
Ka-52 — المروحية الهجومية المصرية
مروحية تُستخدم بالفعل في القوات الجوية المصرية.
قدرات هجوم أرضي واستطلاع.
منظومات تسليح متعددة وصواريخ مضادة للدروع.
الطائرات بدون طيار — UAV / UCAV
هذا كان أحد أكبر أجنحة المعرض، وقد تضمن:
Hamza-1 — طائرة مسيّرة مصرية
للاستطلاع والمراقبة.
مدى كبير وقدرة على التحليق لفترات طويلة.
Jabbar — ذخائر جوّالة (Loitering Munitions)
تُستخدم لضرب أهداف دقيقة خلف خطوط العدو.
فعالة في الحرب الحديثة ضد التحصينات والأفراد والمركبات.
Voltex — طائرة مسيّرة هجومية
مخصصة لمهام الضرب والاشتباك السريع.
أنظمة توجيه متطورة لمواجهة الأهداف المتحركة.
FL350 — طائرة خفيفة للاستطلاع
مصممة لمراقبة الميدان من ارتفاعات منخفضة ومتوسطة.
٥. الدفاع الجوي وأنظمة مكافحة الطائرات المسيّرة
مركبات الدفاع الجوي الخفيفة 4×4
مزودة بمدافع مضادة للطائرات.
قادرة على مواجهة التهديدات المنخفضة والكامنة.
فعّالة في حماية القوافل والوحدات البرية.
أنظمة الحرب الإلكترونية
قدرات تشويش ضد الطائرات بدون طيار.
أنظمة كشف وتحديد مواقع الطائرات المسيّرة المعادية.
وحدات محمولة ومثبتة على مركبات.
ثالثًا: الطائرات المسيّرة… سلاح المستقبل في قلب الصناعة المصرية
أحد أبرز ملامح إيدكس 2025 هو التطور الهائل للطائرات بدون طيار من الاستطلاع إلى الهجوم إلى الذخائر الجوالة، بل حتى تصنيع هياكل وأجنحة وأنظمة تحكم محلية.
وقد أكدت مصر في المعرض أنها تتجه بقوة نحو امتلاك:
طائرات استطلاع بمدايات كبيرة.
طائرات انتحارية دقيقة الإصابة.
طائرات قادرة على حمل ذخائر متعددة.
أنظمة مضادة للمسيّرات.
وهذا يُمثّل نقلة استراتيجية تتناسب مع طبيعة الحروب الحديثة.
رابعًا: دلالات استراتيجية عميقة
١. قدرة مصر على التصنيع المحلي
وجود مدافع، راجمات، مدرعات، وأنظمة استطلاع مصرية خالصة يؤكد قدرة الدولة على:
تقليل الاعتماد على الخارج.
حماية أمنها القومي بقرارات مستقلة.
الدخول في أسواق تصديرية.
٢. تعزيز القوة البرية
معرض إيدكس قدم رسالة بأن مصر تعمل على تطوير قوة برية ضخمة قادرة على:
حماية الحدود الطويلة.
خوض معارك متعددة الجبهات.
تنفيذ عمليات سريعة بعتاد محلي الصنع.
٣. رسالة جيواستراتيجية للعالم
مصر لم تعد دولة هامشية في سوق السلاح، بل مركزًا إقليميًا رئيسيًا ينافس ويؤثر.
وختاما
إن إيدكس 2025 لم يكن معرضًا للسلاح فقط، بل كان إعلانًا واضحًا عن مستقبل جديد تصنعه مصر بوعي وإرادة وثقة.
فالدولة التي تبني شبكات طرق وجسور ومدنًا ذكية، هي نفسها التي تطور راجمات صواريخ بعيدة المدى.
واليد التي تُشيّد المصانع والجامعات هي نفسها اليد التي تطوّر الطائرات المسيّرة وتُشغِّل الدبابات الحديثة.
والجيش الذي يحمي الأرض هو ثمرة هذه الدولة التي اختارت أن تبني وأن تحمي في آن واحد.
إن السواعد المصرية اليوم لا تصنع معدات عسكرية فحسب، بل تصنع مستقبل وطن، وتُرسل للعالم بأكمله رسالة مفادها أن مصر تمتلك إرادة البناء، وقوة الدفاع، ورؤية النهوض.
وهكذا… تبقى مصر كما كانت دائمًا:
يَدٌ تَبْنِي… وَيَدٌ تَحْمِلُ السِّلاحَ.



