الولايات المتحدة الامريكية تضغط لتصفية جمعية القرض الحسن

كتبت سوزان مرمر

تزيد الولايات المتحدة الضغوط على حزب الله اللبناني، وعادت لتستهدف مؤسساته المالية والمصرفية وشبكة نفوذه الاقتصادية، مطالبة الحكومة اللبنانية بتصفية مؤسسة القرض الحسن التابعة للحزب، في محاولة لضرب الموارد المالية للحزب، ولإفقاده الحاضنة الشعبية التي تشكل الظهير الشعبي للحزب.

 

وبحسب وسائل إعلام لبنانية، تمكّنت الجمعية من ترسيخ حضورها داخل مجتمع الجنوب اللبناني الذي تخدمه، مستفيدة من غطاء سياسي واضح ومن شبكة مالية فاعلة تتجاوز النظام المصرفي التقليدي. ولكن مع تزايد الضغوط الرقابية والإلحاح الدولي على ضبط القطاع المالي اللبناني، تصبح “القرض الحسن” تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى، ما يضع الدولة اللبنانية أمام استحقاق بالغ الحساسية؛ فالتعاطي مع هذا الملف لا يتصل فقط بالجانب القانوني أو المالي. فالجمعية تمثّل بُعدًا اجتماعيًا وأمنيًا معقّدًا، وأي إجراء بحقها قد يشعل توترات سياسية وربما أمنية، في بلد اعتاد أن تكون فيه المصارف والمال عناوين لصراعات أوسع.

 

وماذا لو خضعت الدولة اللبنانية لمطلب تصفية الجمعية؟

إذا قررت الدولة اللبنانية الاستجابة لمطلب تصفية “جمعية القرض الحسن”، فإنها ستدخل حقل ألغام متعدد الأبعاد، يحمل في طياته مخاطر أمنية واجتماعية وسياسية واقتصادية يصعب احتواؤها بسهولة.

 

فمن الناحية الأمنية، ستجد الدولة نفسها أمام احتمال تفجر توترات اجتماعية حادة، خصوصاً في الأوساط التي تعتمد بشكل شبه كامل على خدمات الجمعية في تسيير شؤونها اليومية، في ظل غياب بدائل مصرفية موثوقة بعد انهيار القطاع المصرفي التقليدي، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 200 ألف مستفيد يعتمدون سنوياً على قروض الجمعية، وأن حجم التعاملات السنوية يناهز 4 مليارات دولار، ما يجعلها شرياناً اقتصادياً أساسياً لمناطق واسعة، خاصة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وعليه، فإنّ أي خطوة نحو إغلاق المؤسسة قد تُفسَّر في هذه البيئات كاستهداف مباشر لأمنها الاقتصادي والاجتماعي، ما يهدد باندلاع احتجاجات أو حتى مواجهات مع الأجهزة الرسمية.

والأمر نفسه يترجم على المستوى السياسي، إذ إنّ أي تدخل لأجل تصفية المؤسسة التي تعاني أصلا وسط الأوضاع الاقتصادية الحالية، فلا نستبعد أن يذهب حزب الله نحو تعطيل عمل المؤسسات الدستورية حيث تعتبر أن المساس بالمؤسسة يعتبر خطًا أحمر.

 

هل تؤثر العقوبات؟

 

في العامين 2007 و2021 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المؤسسة ويُترجم ذلك عملياً بتجميد الأصول التابعة للمؤسسة الخاضعة للعقوبات كالأموال والحسابات والممتلكات وغيرها كما تمنع العقوبات الشركات والمصارف الأمريكية من التعامل مع المؤسسة أو الأشخاص الخاضعين للعقوبات وينسحب وقف التعامل على منع التحويلات المالية أو فتح حسابات مصرفية أو الاستفادة من أي خدمات مالية ومصرفية.

 

لكن بالنظر الى كون مؤسسة القرض الحسن غير مرتبطة بالنظام المصرفي اللبناني أو بالنظام المالي العالمي، فإن العقوبات التي فرضتها عليها وزارة الخزانة الأمريكية فقدت فعاليتها المباشرة لاسيما أن مؤسسة القرض الحسن وكل من ذّكر في قرار العقوبات لا يملكون حسابات خارج لبنان، وليس لديهم أي ودائع مصرفية بأي بلد في العالم، لذلك لن تطالهم العقوبات بشكل مباشر، كما أن المؤسسة لا تعتمد شبكة تحويل الأموال العالمية سويفت Swift، وبالتالي فالتأثير المباشر للعقوبات يكاد يكون معدوماً بالمقارنة مع فعالية العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى