مصر على أعتاب إطلاق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل في 5 محافظات جديدة

كتبت سوزان مرمر
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، اليوم، خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية من الملتقى الدولي السنوي السادس للهيئة العامة للرعاية الصحية، بالعاصمة الجديدة، أعرب في مستهلها عن سعادته بالمشاركة في الاحتفال بمرور ستة أعوام على الذكرى التاريخية لإطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي، منظومة التأمين الصحي الشامل في مثل هذا اليوم من محافظة بورسعيد الباسلة، لافتًا إلى أن المنظومة جسدت ولا تزال تجسد إرادة الدولة في الإصلاح الشامل لأحد أهم القطاعات الحيوية التي تمس كل مواطن.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء أن مشروع التأمين الصحي الشامل يُعد أحد أهم المشروعات القومية التي تبنتها الدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية؛ إيمانًا بحق كل مواطن في الحصول على خدمات صحية متكاملة، بأعلى معايير للجودة، وعلى نحوٍ عادل، يُحقق رضا المواطن، ويضمن استدامة التمويل اللازم لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، باعتبارها أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وإحدى ركائز رؤية مصر ٢٠٣٠.
إطلاق المرحلة الثانية من التأمين الشامل
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه انطلاقًًا من التزام الدولة ببناء الإنسان، فقد عملت الحكومة- بتوجيهات من القيادة السياسية، خلال السنوات القليلة الماضية- وفق مساراتٍ متوازية لتطوير القطاع الصحي بشكل كامل؛ تتضمن إعادة حوكمة القطاع الصحي بتشريعات فاعلة، فضلًا عن تطوير شامل للبنية التحتية للمنشآت الصحية، وإعادة توزيع الخدمات الصحية بشكل عادل، يضمن المساواة في الوصول لهذه الخدمات، وكذلك الاهتمام بالكوادر الطبية باعتبارهم حجر الزاوية للنهوض بالمنظومة الصحية.
وأضاف رئيس الوزراء أنه على الصعيد التشريعي، فقد نجحت الحكومة، بالتعاون مع البرلمان المصري بغرفتيه، في إصدار حزمة من القوانين المهمة التي بموجبها تم إنشاء الهيئات المعنية بمنظومة التأمين الصحي الشامل، وهيئة الدواء المصرية، وهيئة الشراء الموحد، والمجلس الصحي المصري، والمجلس الأعلى للبحوث الإكلينيكية، وصندوق مواجهة الطوارئ الطبية، وصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية، بالإضافة إلى تشريعات لتنظيم المسئولية الطبية وسلامة المرضى، وكذلك تشريعات تتعلق بالاستثمار في القطاع الطبي، كمحاور رئيسية ضمن رؤية الدولة الشاملة؛ لإصلاح القطاع الصحي بشكل جذري، يتواكب مع أفضل النظم الصحية العالمية.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه فيما يخص البنيةِ التحتية الصحية، فقد شهدت في الآونة الأخيرة نهضةً لا تخطئها العين، مشيرا إلى أنه من خلال الفيديو الذي تم عرضه نرى مستوى وحجم المنشآت الطبية القائمة حاليا، ليست في القاهرة الكبرى ولا في الإسكندرية، بل نتحدث عن محافظات في الصعيد، ومحافظات حدودية.
ولفت إلى حرصه في أثناء زيارته لأي محافظة على استطلاع آراء المرضى في مستوى الرعاية الصحية المقدمة لهم في مستشفيات التأمين الصحي الشامل، مشيرًا إلى أن المرضى كانوا دوما يؤكدون أنهم أصبح بإمكانهم إجراء التحاليل والأشعة المطلوبة بكل سهولة ويسر وبتكاليف زهيدة، كما يتم إجراء أكبر وأعقد العمليات الجراحية في هذه المستشفيات، وهو إنجاز كبير يحسب لهذه المنظومة التي بدأت عملها في محافظات المرحلة الأولى، ولذا كان اهتمام الدولة بمشروع التأمين الصحي الشامل.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولةُ قامت- خلال المرحلة الأولى لمشروعي التأمين الصحي الشامل والمبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير قرى الريف المصري ـ بإنشاء وتطوير أكثر من 1426 وحدة ومركز طب أسرة و79 مستشفى في 24 محافظة، بالإضافة إلى عدد 1255 مشروعا ضمن الخطة الاستثمارية لوزارة الصحة والسكان، بما أسهم بشكل مباشر في تسريع وتيرة تطبيق المنظومة طبقًا للبرامج الزمنية.
وأوضح رئيس الوزراء أنه امتدادًا لتلك الجهود، حققت مصر بشهادة المنظمات الدولية نجاحًا كبيرًا في تحسين مؤشرات الصحة العامة للمواطنين، من خلال المبادرات التي يتبناها الرئيس السيسي، وفي مقدمتها مبادرة 100 مليون صحة التي استطاعت الدولة من خلالها تقديم أكثر من 250 مليون خدمة طبية، وتوجت تلك الجهود بإعلان منظمة الصحة العالمية حصول مصر على التصنيف الذهبي في مسار القضاء على “فيروس سي”، وأيضًا إعلان مصر خالية من الالتهاب الكبدي الفيروسي سي، والملاريا، والتراكوما، فيما تم في مارس 2025 تجديد الإشهاد الدولي بخلو مصر من الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثاني على التوالي، بما يعكس فلسفة وطنية حقيقية تعتمد على الوقاية، والاكتشاف المبكر، وخفض عبء المرض قبل حدوثه.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة نجحت في تطبيق المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل في ست محافظات باستثمارات تجاوزت 53 مليار جنيه، وقدمت خلالها الهيئة العامة للرعاية الصحية أكثر من 100 مليون خدمة طبية بمحافظات المرحلة الأولى بمنشآتها الطبية المعتمدة طبقًا للمعايير القومية للجودة والاعتماد، التي تم تجهيزها بأحدث التجهيزات الطبية، وتعتمد في تشغيلها على أحدث الأنظمة التكنولوجية وتطبيقات التحول الرقمي للمراقبة المستمرة لمؤشرات الأداء، بما يعزز من ثقة المواطن في جودة الخدمات المقدمة له.
وقال إنه لكون الرعاية الصحية ليست أرقامًا فقط، بل تجارب إنسانية تتغير بها حياة البشر، فإن المنظومة شهدت خلال السنوات الماضية تقديم خدمات دقيقة تمس الاحتياج الإنساني العميق؛ حيث أُجريت عمليات زراعة قوقعة لأكثر من 150 طفلًا استعادت حياتهم أصواتها، ونجحت المنظومة في تمكين 24 مريضًا من استعادة الأمل عبر عمليات زراعة الكلى، فضلًا عن الآلاف من خدمات القلب، والأورام، والأطفال، والعناية الحرجة، والجراحات الكبرى وكلها تعكس جوهر المشروع، وهو أن يصل الدعم لمن يحتاجه، بالكرامة التي يستحقها.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أنه انطلاقًا من هذا الالتزام، أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بغير القادرين عبر الإعفاء من الاشتراكات، وتفعيل آلية التسجيل التلقائي بناءً على قواعد بيانات وزارة التضامن الاجتماعي، وشملت المرحلة الأولى نحو 905 آلاف مواطن غير قادر تتحمل الدولة اشتراكاتهم بالكامل، بنسبة بلغت 17.6% من إجمالي المسجلين، وهو ما يعكس حجم المسئولية التي تتحملها الدولة لضمان عدالة التوزيع وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
وتابع رئيس الوزراء: “إننا اليوم على أعتاب إطلاق المرحلة الثانية في 5 محافظات جديدة، وهي: المنيا، مطروح، دمياط، شمال سيناء، وكفرالشيخ، باستثمارات تتجاوز 115 مليار جنيه، ليصبح إجمالي عدد المواطنيـن الذين تشملهم مظلة التغطية الصحية الشاملة أكثر من 18 مليون مواطن، مع دراسة إضافة محافظة الإسكندرية خلال المرحلة المقبلة، ما يؤكد أن الدولة ماضية بلا تردد في دعم القطاع الصحي، وتسخير جميع الإمكانات لتأمين مستقبل هذا المشروع القومي الرائد، الذي لن يكتمل إلا بمشاركة وتضافر جهود القطاعين الخاص والأهلي مع المؤسسات الحكومية”.
وتوجه الدكتور مصطفى مدبولي بالشكر للهيئة العامة للرعاية الصحية، ولجميع الشركاء والخبراء المشاركين في هذا الملتقى، معربا عن التطلع إلى صدور توصيات بنّاءة تُسهم في تعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا في مجال الرعاية الصحية المتطورة والمستدامة.



