فيضانات تايلاند: مقتل 33 وتشريد مليوني شخص بعد أمطار تاريخيةفيضانات

كتبت سوزان مرمر

ضربت أمطار موسمية غزيرة جنوب تايلاند على مدى أيام، مما أدى إلى فيضانات كارثية أودت بحياة ما لا يقل عن 33 شخصاً وشرّدت قرابة مليوني شخص في عشر محافظات جنوبية.

الأرقام المحدّثة للضحايا (بارتفاع حاد عن 13 قتيلاً) تشير إلى صعوبة بالغة واجهت فرق الإغاثة في الوصول للمناطق المنكوبة بسبب انقطاع الاتصالات وارتفاع منسوب المياه.

أعلنت السلطات التايلاندية إقليم سونغكلا بالكامل منطقة كوارث، وتُعد مدينة هات ياي، مركز تجارة المطاط، المنطقة الأكثر تضرراً.

 

سجلت هات ياي 335 ملم من الأمطار في يوم واحد (الجمعة 21 نوفمبر)، وهو أعلى معدل رصدته المدينة في 300 عام. أوضح تحليل إدارة الري أن الكارثة نجمت عن تأثير قناة منخفض جوي موسمي قوي وخلية ضغط منخفض، مما أسفر عن هطول تراكمي بلغ 630 ملم في ثلاثة أيام فقط.

 

يتجاوز هذا المعدل التراكمي فيضانات هات ياي التاريخية عام 2010 (428 ملم)، مؤكداً أن تدابير الحماية الهندسية باتت غير كافية لمواجهة الشدة المتزايدة للأحداث المناخية المتطرفة.

 

كما يشير وقوع الفيضان في أواخر نوفمبر، أي خارج موسم الأمطار الاعتيادي، إلى تزايد عدم انتظام الأنماط المناخية الإقليمية.

 

الشلل الاقتصادي وتأثيره على قطاعات حيوية

أدى ارتفاع منسوب المياه، الذي وصل في بعض مناطق هات ياي إلى 2.5 متر، إلى شلل واسع النطاق في الخدمات الأساسية.

 

وتوقفت محطة “تشانا” للطاقة في سونغكلا عن العمل مؤقتاً، وتضررت شبكات الكهرباء والاتصالات في مناطق عديدة.

 

تشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر اليومية للتجارة والسياحة في المحافظات العشر المنكوبة قد تصل إلى 1.5 مليار بات.

 

وبلغت الخسائر المباشرة في قطاع التصنيع بسونغكلا أكثر من 1.28 مليار بات، وتضرر 715 مصنعاً.

 

ونظراً لأهمية هات ياي لتجارة المطاط، تقدر وكالة المطاط الحكومية أن الفيضانات قد تخفض إنتاج تايلاند، وهي من أكبر منتجي هذه السلعة، بنحو 10,300 طن. كما يضع وجود 7,000 سائح أجنبي محاصرين في المدينة ضغطاً على الحكومة لضمان الإجلاء السريع وحماية سمعة قطاع السياحة.

 

تعبئة عسكرية ولوجستية غير مسبوقة

لمواجهة الكارثة، أعلن رئيس الوزراء التعبئة الشاملة للموارد، مع إنشاء مركز قيادة أمامي في هات ياي لتنسيق الإنقاذ. وأظهرت الاستجابة استراتيجية لوجستية غير عادية، حيث استعدت البحرية الملكية لنشر حاملة الطائرات “تشاكري نارويبيت” (Chakri Naruebet)، برفقة أسطول من 14 سفينة، كمركز دعم لوجستي متكامل.

 

وتُجهّز الحاملة لتكون مستشفى عائم وقاعدة إمداد، بمطابخ ميدانية توفر 3,000 وجبة يومياً، لضمان استمرارية الدعم الطبي والإغاثي بعيداً عن البنية التحتية المتضررة.

 

وعلى صعيد جهود الصرف الهندسي، حشدت إدارة الري مواردها من جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مضخات المياه المتنقلة، ونشرت 58 قارباً دافعاً للمياه لزيادة طاقة التصريف في القنوات بنسبة 30%.

 

ويُعد هذا الجهد التقني المكثف محاولة عاجلة لإنقاذ المنطقة التجارية من الأضرار الرأسمالية طويلة الأمد التي يسببها بقاء المياه راكدة.

 

وفي سياق وطني، تزامنت هذه الأزمة مع استمرار الفيضانات في شمال ووسط تايلاند، حيث تأثر 480 ألف شخص وسُجلت 28 وفاة إضافية، معظمها في أيوثايا. ويفرض هذا تحدياً مضاعفاً على الموارد الوطنية المتاحة لإدارة الكوارث على جبهتين.

 

امتداد الأزمة إقليمياً

امتد تأثير المنخفض الجوي الذي تسبب في كارثة تايلاند إلى ماليزيا المجاورة، حيث تضرر أكثر من 12,000 شخص في ولاياتها الشمالية. وفي استجابة سريعة، أمر ملك ماليزيا، السلطان إبراهيم، بتوفير مساعدة طارئة كاملة وعاجلة للنازحين، موجهاً الوكالات الفيدرالية لتسريع الإجلاء وضمان توافر جميع الاحتياجات الأساسية. يشير هذا التزامن في الكوارث إلى الحاجة الملحة لتفعيل آليات التنسيق الإقليمي لمواجهة هذه الظواهر الجوية واسعة النطاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى