بدء اختبارات تشغيل الوحدة الأولى من «محطة الضبعة» 2028

كتبت سوزان مرمر

كشف مصدر مسئول فى هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء عن أحدث تطورات مشروع محطة الضبعة النووية، عقب الانتهاء من تركيب وعاء ضغط مفاعل الوحدة الأولى، فى خطوة محورية بمسار تنفيذ أول محطة نووية لتوليد الكهرباء فى مصر.

 

وقال المصدر، لـ«الدستور»: «مشروع المحطة النووية فى الضبعة دخل مرحلة أكثر تقدمًا، مع تواصل الأعمال داخل الموقع على عدة مسارات متوازية، تشمل الإنشاءات وتركيب المعدات وتجهيز البنية الفنية والتشغيلية للمحطة».

 

وأضاف: «أبرز الخطوات الفنية المنتظرة خلال الفترة المقبلة تتمثل فى استكمال تركيب المعدات الأساسية ووعاء ضغط مفاعل الوحدة الثانية بحلول مايو ٢٠٢٦، وفق الجدول الزمنى المتفق عليه مع شركة (روساتوم) الروسية المنفذة للمشروع»، مؤكدًا أن «الالتزام بالجداول الزمنية يمثل أولوية قصوى، فى ظل المتابعة المستمرة من الجهات المعنية بقطاع الكهرباء والطاقة».

 

وواصل: «الأعمال تسير وفق المخطط حتى الآن. الأعمال المدنية والإنشائية تتواصل بوتيرة مكثفة داخل الموقع، ويتم استكمال بناء عدد من المنشآت الرئيسية، أبرزها مبنى الجزيرة النووية، الذى يحتضن المفاعل، وجزيرة التوربينات المسئولة عن تحويل الطاقة الحرارية إلى كهرباء».

 

وأكمل: «كما يتم إنشاء مجموعة من المنشآت المساعدة والخدمية، التى تدعم تشغيل الوحدات النووية وتكامل البنية التحتية للمشروع، وتشمل مبانى التحكم والورش والمخازن ومرافق الإعاشة والخدمات، بما يضمن جاهزية الموقع لاستيعاب مراحل الاختبارات والتشغيل التجارى لاحقًا».

 

وأفاد بأن الخطة الزمنية للمشروع تتضمن بدء اختبارات التشغيل للوحدة الأولى فى أغسطس ٢٠٢٨، تمهيدًا لربطها بالشبكة القومية وبدء إنتاج الكهرباء وفق أعلى معايير الأمان النووى المعتمدة دوليًا، موضحًا أن هذه الاختبارات تمر بعدة مراحل فنية دقيقة تشمل: فحص الأنظمة الميكانيكية والكهربائية وأنظمة الأمان، ثم تجارب تشغيلية تدريجية بتحميل المفاعل، تحت إشراف الجهات الرقابية الوطنية والدولية، لضمان سلامة التشغيل وموثوقية الأداء قبل الوصول إلى مرحلة التشغيل التجارى الكامل.

 

وكشف المصدر عن أن الهيئة تعمل، بالتوازى، على دراسة شاملة لعدد من المواقع المحتملة لإنشاء محطات نووية جديدة خلال السنوات المقبلة، فى إطار رؤية الدولة لزيادة الاعتماد على الطاقة النووية السلمية ضمن مزيج الطاقة، مشيرًا إلى أن هذه الدراسات تراعى معايير فنية وبيئية وجيولوجية صارمة، تشمل طبيعة التربة، وتوافر مصادر مياه التبريد، والبعد عن الكتل السكنية، والالتزام الصارم بمتطلبات الأمان النووى، إلى جانب التنسيق مع الجهات المعنية بالتخطيط العمرانى والبيئة.

 

وشدد المصدر على أن مشروع محطة الضبعة النووية يمثل ركيزة استراتيجية لدعم استقرار الشبكة الكهربائية المصرية على المدى الطويل، خاصة فى ظل الزيادة المستمرة فى الطلب على الطاقة نتيجة التوسع فى المشروعات القومية والتنمية الصناعية والعمرانية، مضيفًا: «دخول وحدات الضبعة النووية إلى الخدمة يسهم فى تقليل الاعتماد على محطات الكهرباء التقليدية التى تعمل بالغاز والوقود الأحفورى، ما يخفف الأعباء المالية المرتبطة باستيراد الوقود، ويعزز أمن الطاقة فى البلاد».

 

وأكد أن الطاقة النووية تعد أحد مصادر الطاقة النظيفة منخفضة الانبعاثات الكربونية، ما يجعلها أداة مهمة فى مواجهة تحديات التغيرات المناخية والوفاء بالتزامات مصر الدولية فى هذا الملف، مشيرًا إلى أن التوسع فى المشروعات النووية يتكامل مع خطط الدولة للتوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة من رياح وشمس، بهدف بناء مزيج طاقة متوازن يحقق الاستدامة والأمان والجدوى الاقتصادية فى آن واحد.

 

وعن حجم الأعمال الجارية فى الموقع، قال المصدر إن ما يحدث فى «الضبعة» غير مسبوق من حيث حجم التداخل بين الأعمال الإنشائية والفنية، لافتًا إلى أنه يتم تنفيذ نحو ٤٠٠ منشأة مختلفة بالتوازى فى وقت واحد، بين مبانٍ رئيسية وأخرى مساعدة وخدمية، قبل أن يضيف: «هذه الكثافة فى الأعمال تتطلب قدرًا كبيرًا من التنسيق بين هيئة المحطات النووية، والشركة الروسية، وشركات المقاولات المصرية، والجهات الرقابية الفنية، لضمان الالتزام بمعايير الجودة والأمان فى كل مرحلة».

 

وكشف المصدر عن أن عدد العاملين فى موقع محطة الضبعة النووية يبلغ نحو ٢٧ ألف عامل ومهندس وفنى، يشكل المصريون منهم حوالى ٨٠٪، ما يعكس حجم المشاركة الوطنية فى المشروع، ونقل الخبرات والتكنولوجيا النووية إلى الكوادر المصرية.

 

وأضاف: «المشروع لا يقتصر على البناء والتشييد فقط، بل يشمل برامج تدريب وتأهيل مكثفة للعاملين، سواءً داخل مصر، أو من خلال بعثات تدريبية فى الخارج بالتعاون مع الجانب الروسى، بما يسهم فى تكوين جيل جديد من المتخصصين فى مجالات الهندسة النووية وأنظمة الأمان والتشغيل والصيانة».

 

وأشاد بمستوى التعاون القائم بين هيئة المحطات النووية، والشركات العاملة فى الموقع، والجهات الرقابية الوطنية، وعلى رأسها هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، مؤكدًا أن هذا التعاون يضمن تطبيق أعلى معايير الأمان منذ المراحل الأولى للتصميم وحتى التشغيل.

 

واختتم بقوله: «مشروع الضبعة لا يمثل مجرد محطة لتوليد الكهرباء، بل يعد مشروعًا استراتيجيًا لتوطين التكنولوجيا النووية السلمية فى مصر، وفتح آفاق جديدة للتنمية الصناعية، وتشجيع التصنيع المحلى لمكونات المحطات، وتوفير فرص عمل نوعية، وبناء قدرات بشرية قادرة على إدارة وتشغيل مشروعات نووية مستقبلية داخل وخارج مصر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى