إيطاليا تطلق مجموعة نقدية استثنائية تحتفي بالتعايش الديني في روما

شيرين صفوت – ايطاليا

 

شهدت قاعة جوليو سيزاري في الكامبيدوليو في العاصمة الإيطالية روما، اليوم الأربعاء، حدثاً تاريخياً بالإعلان عن إصدار نقدي تذكاري جديد تحت عنوان: “ثلاثة أديان، مدينة واحدة: ثلاثية الأديان التوحيدية تحت سماء روما”. ويأتي هذا الإصدار الاستثنائي كرمز ثقافي ومدني قوي في زمن تتصاعد فيه الانقسامات، ليؤكد على قيم الحوار والتعايش السلمي.

المجموعة النقدية، التي تتكون من ثلاث عملات فضية بقيمة 3 يورو لكل منها، هي ثمرة تعاون فريد بين المؤسسات الحكومية الإيطالية والممثلين الروحيين للأديان التوحيدية الثلاثة: المسيحية والإسلام واليهودية.

رسالة سلام بوحدة الأديان في روما

حضر حفل الإطلاق كوكبة من الشخصيات السياسية والدينية الرفيعة، كان في مقدمتها:

جيانكارلو جورجيتي، وزير الاقتصاد والمالية ،روبرتو جوالتيري، عمدة روما ، باولو بيروني، رئيس معهد الصك والطباعة الحكومي (IPZS)، الأب فينتشنزو باليا (رئيس الأساقفة) ، الإمام نادر العقاد (المرجع الديني في الجامع الكبير بروما) ، الحاخام الأكبر ريكاردو دي سيني.

 

إلى جانبهم، حضر ممثلون عن الجالية الإسلامية، بما في ذلك رئيس المركز الثقافي الإسلامي لإيطاليا دكتور نعيم نصر الله وأمينه العام معالي الدكتور عبد الله رضوان والامام الرفاعي مبعوث الأزهر الشريف وأعضاء مجلس الادارة لمسجد روما الكبير والعديد من الصحفيين العرب.

.

تصريحات رسمية تؤكد أهمية المبادرة

أكد الوزير جورجيتي على أن المشروع ولد كـ”استجابة مدنية وثقافية في وقت يبدو فيه الانقسام أسهل من اللقاء”. مشيراً إلى أن الفكرة نضجت داخل الوزارة “اقتناعاً بأن الرمز يمكن أن يكون له وزن حقيقي عندما يخاطب القلب والعقل”.

من جانبه، أعرب عمدة روما جوالتيري عن فخره باستضافة هذا الحدث، مؤكداً: “نحن فخورون برسالة الأخوة والسلام والاندماج التي تريد هذه العملات الجميلة الثلاث إيصالها، وربطها بمدينتنا على وجه الخصوص… إنه لأمر بالغ الأهمية أن نذكر بإمكانية التعايش السلمي بين الشعوب، كما يحدث ‘تحت سماء روما'”.

قادة الأديان: “الأبراج الثلاثة تتعانق”

شكلت كلمات القادة الدينيين جوهر الحدث، حيث شددوا على الوحدة المتأصلة من الجذر الإبراهيمي المشترك.

علق الإمام نادر العقاد قائلاً:

 

“إن وجود مساجدنا وكنائسنا ومعابدنا جنباً إلى جنب على هذه القطع النقدية ليس مجرد تصميم فني، بل هو تجسيد حي لواقع التعايش في عاصمة مثل روما. هذه العملات تحمل رسالة عالمية مفادها أن السلام والتفاهم المتبادل هما الطريق الوحيد لأتباع الديانات الإبراهيمية”.

وقال:

“إن المئذنة، وبرج الأجراس، وقبة الكنيس تتعانق معاً بشكل أخوي. إن فكرة حضور التعددية الدينية من خلال إنتاج مبانينا الثلاثة هي رسالة قوية وتاريخية”.

 

وأضاف الإمام مشيراً إلى النقش المحفور على حافة كل عملة: “في إبراهيم ثلاثة أديان ورؤية واحدة”:

“هذه الرؤية هي رؤية الأخوة الإنسانية والاحترام المتبادل. إنها شهادة على أن روما هي منارة للحوار، حيث تثري الاختلافات ولا تفرق، وهي تذكير دائم لأجيالنا القادمة بضرورة التمسك بهذه القيمة النبيلة”.

 

كما وصف رئيس الأساقفة باليا الحصول على “رؤية موحدة، هي رؤية السلام بين هذه الأديان العظيمة الثلاثة” بـ”الحلم الاستثنائي”. وأضاف الحاخام الأكبر دي سيني أن “إصدار هذه العملات الثلاثة، التي يمثل وجهها مبنى العبادة وظهرها يمثل فكرة السماء المرصعة بالنجوم ووعد إبراهيم، هو أمر يظهر أنه يجب، ومن الجميل، العيش معاً بالاختلافات في نفس المدينة”.

واختتم رئيس معهد الصك بيروني قائلاً: “لقد نجحنا في تمثيل معنى الحوار بين الأديان من خلال ثلاث عملات وإرسال رسالة سلام في سياق صعب”.

تفاصيل القطع النقدية: “في إبراهيم ثلاثة أديان ورؤية واحدة”

تحمل كل عملة من العملات الفضية تصميمها الخاص في الوجه (Dritto) لتمثيل المعلم الديني الأبرز:

* المسيحية: بازيليك القديس بطرس.

* الإسلام: الجامع الكبير بروما مع المئذنة والساحة الأمامية.

* اليهودية: المعبد اليهودي الأكبر بروما.

أما الخلف (Rovescio) فهو موحد للعملات الثلاث، ويصور:

* سماء مرصعة بالنجوم: ترمز إلى “حلم إبراهيم” ووعده بالنسل الكثير كالنجوم.

* ثلاث دوائر متحدة: تمثل الأديان الثلاثة المتصلة في نقطة مركزية.

* خريطة ساحة الكابيتوليو الميكيلانجلوية: ترمز إلى روما كمدينة محورية وملتقى للثقافات والأديان.

وتحمل حافة كل عملة النقش القوي والعميق: “IN ABRAMO TRE FEDI UNA VISIONE” (في إبراهيم ثلاثة أديان ورؤية واحدة)، كدعوة للحوار والتفاهم المتبادل وأفق السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى