تحديات واجهتها الدولة المصرية في استعادة الوعي والهيبة المصرية في ظل الأحداث الراهنة في المنطقة

 

إعداد ورؤية : د/شيماء المتعب

شهدت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة مجموعة كبيرة من التحديات الداخلية والإقليمية، أثرت بشكل مباشر على مشروع استعادة الوعي الوطني وترسيخ الهيبة المصرية، ومن أبرز هذه التحديات:

1. تعدد بؤر الصراع المحيطة بمصر إقليمياً
المنطقة العربية تمر بحروب ونزاعات متواصلة، مما وضع مصر دائمًا في حالة يقظة سياسية وأمنية للحفاظ على أمنها القومي وحدودها واستقرارها، وهذا جعل ملف الوعي مرتبط أيضًا بتحصين المجتمع ضد تأثيرات الفوضى الخارجية.

2. الحرب الإعلامية وحروب الجيل الرابع والخامس
لم تعد التحديات عسكرية فقط، بل أصبحت حربًا على الوعي والفهم والوجدان.
هناك محاولات مستمرة لتشويه الإنجازات، ونشر الإحباط، وصناعة الوعي الزائف، وبث الشائعات، وهذا شكل عبئًا ضخمًا على الدولة المصرية في بناء مناعة فكرية وتحليلية داخل المجتمع.

3. تأثيرات السوشيال ميديا على المشهد الثقافي والفكري
منصات التواصل أصبحت مصدرًا رئيسيًا للمعلومة لدى فئات كثيرة، أحيانًا بدون تحقُّق أو تدقيق، مما صعّب من مهمة بناء الوعي الصحيح، لأن مواجهة معلومة مضللة اليوم أصعب من مواجهة حدث واقعي.

4. العبء الاقتصادي والضغوط العالمية
الإصلاح الاقتصادي ضروري لكنه مؤلم. وفي وجود أزمات عالمية (كورونا – الحرب الروسية الأوكرانية – اضطرابات سلاسل الإمداد – ارتفاعات الأسعار العالمية)… أصبح الضغط النفسي والاقتصادي على المواطنين بيئة خصبة للشائعات والتيارات السلبية، مما جعل مهمة الدولة في استعادة الوعي تحتاج خطابًا واقعيًا متوازنًا ومصداقية عالية.

5. الإرهاب ومحاولات ضرب الاستقرار الداخلي سابقًا
مواجهة الإرهاب استنزفت وقتًا وجهدًا وموارد، وفي نفس الوقت كان مطلوب بناء وعي الشعب بأن الأمن شرط أساسي لأي دولة تستعيد مكانتها وهيبتها.

6. اختلاف مستويات الفهم بين الأجيال
هناك فجوة واسعة في طريقة فهم الأحداث بين الجيل القديم والجيل الرقمي الحالي الذي يرى العالم بمنطق السرعة واللحظة، لذلك بناء وعي مشترك موحد في دولة بحجم مصر أصبح تحديًا، لأنه يحتاج تغيير في أدوات التواصل، واللغة، وآلية تقديم المعلومة.

وأمام هذه التحديات، سعت الدولة إلى إعادة بناء الوعي الوطني عبر:

تطوير المناهج وبناء شخصية الطالب.

مشروعات تنموية ملموسة تؤكد قدرة الدولة واسترجاع الثقة.

مواجهة الشائعات بالمعلومة الرسمية السريعة.

تعزيز دور الثقافة والفنون والإعلام الوطني الهادف.

استعادة دور مصر الإقليمي سياسيًا،واقتصاديا.

وختاما أحب أن أختصر واختزل هذا الحوار الذى طالما يشغل الرأى العام على حضراتكم فى هذا السياق فى الأسطر التاليه :
إن معركة الوعي في مصر ليست معركة معلومات عابرة، وليست نقاشًا إعلاميًا لحظيًا يتشكل وفق انفعال يوم أو حدثٍ واحد، بل هي معركة وجود وهوية وذاكرة ومسار تاريخي كامل، تواجه خلاله الدولة المصرية تحديات مركّبة داخليًا وخارجيًا، في ظل ظرف إقليمي شديد التعقيد والأكثر اضطرابًا منذ عقود. فاستعادة الوعي ليست رفاهية فكرية، بل هي شرط أساسي لاستعادة الهيبة الوطنية، وترسيخ الثقة بين المواطن والدولة، وتأمين الداخل المصري ضد موجات التشكيك والتشويه والضغط النفسي والحروب المعرفية التي تستهدف عقل ووجدان المجتمع قبل أن تستهدف قدرات الدولة نفسها.

ومع ما حققته مصر من خطوات واضحة وملموسة على الأرض، واستعادت به مكانة ودورًا وحضورًا؛ إلا أن المرحلة القادمة أكثر حساسية وعمقًا، لأن الحفاظ على الوعي أصعب من استعادته، واستدامة الثقة أصعب من بنائها، واستمرار الهيبة أصعب من لحظة تجلّيها في حدثٍ تاريخي أو افتتاح عظيم. إن بناء وعي أمة يحتاج تنسيقًا مستمرًا بين التعليم والثقافة والإعلام والفن والسياسة والخطاب العام، ويحتاج في جوهره إلى مشاركة شعب يعيد اكتشاف نفسه وقيمته ودوره أمام العالم، ويؤمن أن مشروع الدولة ليس مشروع حكومة بل مشروع وطن وأجيال قادمة.

اليوم أمام مصر فرصة تاريخية لتتحول الإنجازات المادية إلى قوة ناعمة مستمرة، ولتحويل الأحداث الكبرى إلى سردية وطنية دائمة تُربّي الوعي وتحصّنه، وتُثبت أن مصر قادرة على أن تقود وتؤثر وتبني وتُكمل. وفي ظل كل التحديات الراهنة، تبقى هذه المعركة الأخطر… لأنها معركة على العقل قبل الأرض، وعلى الفهم قبل السلاح، وعلى الهوية قبل السياسة. إنها معركة الدفاع عن الحضور المصري الحقيقي في التاريخ وفي المستقبل. وإن نجاح مصر فيها ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية لوطن يريد أن يبقى، ويستمر، ويرفع رايته عاليًا في منطقة لا يستقر فيها إلا من يمتلك الوعي قبل القوة، والهيبة قبل الصوت، والرؤية قبل الخطاب.
عاشت مصر قويه بقوه وحكمه أبنائها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى