المتحف المصري الكبير… بوابة الحضارة المصرية إلى العالم

بقلم الدكتورة – رشا العناني
مصر والخروج من المحنة إلى الحياة
“ادخلوها بسلامٍ آمنين”
حين كان العالم يتأمل ظلال التاريخ، كانت مصر تصنع المستقبل من قلب الذاكرة.
المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى عملاق أو صرح أثري؛ إنه إعلان ميلاد جديد، ورمز لانتقال مصر من المحن والضغوط إلى اتساع الحياة، وامتداد لحضارةٍ علّمت الإنسان معنى الخلود.
منذ آلاف السنين، كتب المصري القديم على جدران معابده فلسفة النور بعد العتمة، والانبعاث بعد السكون.
وها هي مصر اليوم تُجسد تلك الفلسفة من جديد:
كل سقوط يعقبه قيام. وكل محنة تُنبت معنى.
المتحف المصري الكبير يقف كجبل الأهرام الذي يجاوره، شاهداً على قدرة الإنسان المصري على تحويل الألم إلى أمل، والضيق إلى أفق.
منظور نفسي: النهوض بعد الألم
في علم النفس، تُسمى هذه الظاهرة بـ**“النمو بعد الصدمة” (Post-Traumatic Growth)** — قدرة الإنسان أو الأمة على اكتشاف قوة جديدة بعد المرور بأوقات عصيبة.
• من المحن تنشأ البصيرة
• من الضغوط يُولد الصبر
• ومن الفوضى تُخلق الحضارة
المتحف المصري الكبير هو تجسيد جماعي لهذه الحقيقة:
لقد عرفت مصر الألم، ولكنها اختارت الحياة.
علم النفس الاجتماعي يؤكد أن الأمم تتعافى عندما:
1. تتذكر مجدها
2. تُعيد تعريف ذاتها
3. تُحوِّل الإرادة إلى إنجاز
والمتاحف الكبرى في العالم كانت دائمًا مرايا الهوية، تعكس من يكون الشعب وما الذي يؤمن به.
أما المتحف المصري الكبير، فهو مراياٌ تعكس هوية بحجم التاريخ الإنساني ذاته.
“ادخلوها بسلامٍ آمنين”… رسالة روحية-إنسانية
هذه الآية تحمل أبعادًا نفسية وروحية عميقة:
• دعوة للطمأنينة بعد الخوف
• احتضان للمستقبل بدون تهديد
• عبور من معاناة الماضي إلى أمن الحاضر
إنها ليست مجرد جملة تُقال؛ إنها حالة نفسية جماعية، تقول للعالم:
هنا مصر… أرض السلام والأمان.
المتحف لا يعرض آثارًا فقط؛
هو يعرض قصة الإنسان حين يُصرّ على الخلود.
كل حجر فيه يقول:
“لسنا أسرى للماضي، ولكن الماضي هو منارة المستقبل.”
ومثلما وقف المصري القديم أمام نهر الحياة والموت، تقف مصر اليوم أمام نهر التحديات والعالم، وتقول:
سنحيا، وسننهض، وسنُدهش العالم من جديد.
المتحف المصري الكبير ليس متحفًا؛ إنه رسالة أمل، وعلاج نفسي حضاري، وطقس عبور وطني.
إنه إعلانٌ بأن مصر — بكل ما حملته من آلام وصراعات — تعود لتُشرق وتقول للإنسانية:
ادخلوها بسلامٍ آمنين.
هنا تبدأ الحضارة… وهنا تستمر الحياة.



