سبب نزول سورة عبس واعراض النبي عن عبد الله ابن مكتوم

كتبت سوزان مرمر
نَزَلَت سورةُ عَبَسَ عندما قَدِمَ وفدٌ من قريشٍ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وكان يَضُمُّ زعماءَ قريشٍ عُتبةَ وشيبةَ ابنا ربيعةَ، وأبا جهلٍ، والعبّاسَ؛ ليدعوهم إلى الإسلام.
فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على إسلامهم؛ لأنَّ إسلام صناديد قريشٍ سيكون سبباً لإسلامِ غيرهم وأتباعهم، وبينما هو يدعوهم أقبَلَ إليه عبد الله ابنُ أمِّ مكتوم -رضي الله عنه-، وكان ضريراً لا يعلم انشغاله بهم، فجعل ينادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويطلب منه أن يُعلِّمهُ بعض أمور الدِّين. وأخَذَ يكرّر النِّداء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والرَّسول غير مستجيبٍ له وملتفتاً لمن عنده من قريشٍ ومنشغلاً بدعوتهم، فنزلت الآيات من سورة عَبَسَ.
إكرام النبي لعبد الله ابن أم مكتوم تعددت مظاهر إكرام النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن أم مكتوم، منها ما يأتي: روى جماعة من أهل العلم بالنَّسبِ والسيرِ أنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلّم- استحلفَ ابن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة: في الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز ابن جابر، وغزوة السّويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرّقاع، وفي خروجه في حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر.
كان مؤذناً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع بلال وسعد القرظ، وأبي محذورة مؤذن مكة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحترمه ويستخلفه على المدينة فيصلي بالناس.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقبله بحفاوة عندما يأتي إليه، وذكر بعضهم أنه كان يقول له: «هل لك حاجة؟».
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَبسُطُ له رداءه ويُجلسه عليه.ولَّاه بعد ذلك على المدينة المنوَّرة مرَّتين
مقاصد سورة عَبَسَ الأهداف الأساسية من سورة عَبَسَ هي:
عتاب الله لرسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- لإعراضه عن ابن أم مكتوم فقد أقبل إليه طالباً العِلم والتوجيه، لكنَّه أعرَض عنه منشغلاً بمن يدعوهم للدخول في الإسلام.
إبراز ما في القرآن الكريم من الموعظة للمتدبّر في آياته. ذِكر مجموعةٍ من الأدلة على وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، والتي تتجلَّى من خلال خلق الإنسان، والنَّظر في طعامه وشرابه
وقدرته -سبحانه وتعالى- على إحياء الموتى من خلال ذِكره لإنبات النَّبات من الأرض، على اختلاف أنواعه وألوانه وأطعمته.
أحداث يوم القيامة،وفرار الإنسان من أخيه وأمِّه وأبيه. ذكرُ حالِ النَّاس يوم القيامة؛ فمنهم الفائز ومنهم الخاسر،وذكر ما يعلو وجه كلّ منهما من النور أو الظلمة، وقد كان سبب خسران الخاسرين وهلاكهم أنَّهم جحدوا بآيات الله -تعالى- ونعمهِ عليهم، وكذّبوا بالبَعث والحِساب والجَزاء. إبراز حفظ الله -سبحانه وتعالى- للقرآن من التحريف والتغيير وجوب المساواة بين النَّاس على الرَّغم من الاختلاف فيما بينهم في الدَّعوة إلى الله.
معلومات عن سورة عَبَسَ تعدُّ سورة عَبَسَ من السُّّور المكيَّة بلا خلاف.يبلغ عدد آياتها اثنتان وأربعين آية. تُسمَّى أيضاً بسورة الصَِّاخَّة، وسورة السَّفَرة، وسورة الأعمى،وسمَّاها ابنُ العربي في كتابهِ سورة ابن أم مكتوم. تعدُّ أوَّل سورةٍ من أواسط المفصَّل، ونزلت بين سورة النَّجم والقدْر.
يقع ترتيبها في المصحف الرابعة والعشرون.ترتبط بما قبلها من حيث إنَّ الله -سبحانه وتعالى- ذكر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنذر الناس ودعاهم، وحالُ من استجاب لهذا الإنذار من المؤمنين، ومن أعرض عنه، وهم من جاء ذكرهم في سورة عَبَسَ. توضِّح السورة أن المهم في الدَّعوة إلى الله -تعالى- وتعليم دين الإسلام؛ هو تعليم الساعي لها رغبةً في التَّعَلُّمِ وخشيةً من الله -تعالى-، فمثل هذا تنفعهُ الذِّكرى.

