الحكم الشرعي لقنوت النوازل والفتن والحروب

 كتبت سوزان مرمر

ننشر فتوى قنوت النوازل والفتن والحروب 

السؤال

ما المراد بالنازلة في قنوت النوازل؟ وما صيغة الدعاء فيها؟ وما مدتها؟ وفي أي صلاة يُشرع القنوت؟ وهل يُشرع لكل إمام أن يقنت إذا رأى وقوع نازلة، أم ينبغي أن يكون ذلك برأيٍ واجتهادٍ جماعيٍّ من أئمة البلد، أو من وليّ الأمر، أو من ينوب عنه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمراد بالنوازل: المصائب الشديدة، والوقائع العظيمة التي تنزل بالمسلمين أو بعضهم -كحال الفتن، والحروب، والأوبئة-، فيشرع عند حدوثها القنوت في الصلاة.

قال النووي في شرح مسلم: الصحيح المشهور أنه إن نزلت نازلة ‌-كعدو، ‌وقحط، ووباء، وعطش، وضرر ظاهر في المسلمين، ونحو ذلك-، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة، وإلا فلا. اهـ.

وقال ابن حبان في صحيحه: إنما يقنت في الصلوات عند حدوث حادثة، مثل ظهور أعداء الله على المسلمين، أو ظلم ظالم ظلم المرء به، أو تعدى عليه، أو أقوام أحب أن يدعو لهم، أو أسرى من المسلمين في أيدي المشركين، وأحب الدعاء لهم بالخلاص من أيديهم، أو ما يشبه هذه الأحوال. اهـ.

وأما صيغة الدعاء، فلم يرد في ذلك نص ملزم، وإنما يختار الإمام من ألفاظ الدعاء وصيغه ما يناسب الحال، ونوع النازلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والقول الثالث: أن النبي قنت لسبب نزل به ثم تركه عند عدم ذلك السبب النازل به، فيكون القنوت مسنونًا عند النوازل، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، فإن ‌عمر -رضي الله عنه-: لما حارب النصارى، قنت عليهم القنوت المشهور: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب… إلى آخره.

وهو الذي جعله بعض الناس سنّة في قنوت رمضان، وليس هذا القنوت سنّة راتبة، لا في رمضان، ولا غيره، بل ‌عمر قنت ‌لما ‌نزل ‌بالمسلمين ‌من ‌النازلة، ودعا في قنوته دعاءً يناسب تلك النازلة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت أولًا على قبائل بني سليم الذين قتلوا القراء، دعا عليهم بالذي يناسب مقصوده، ثم لما قنت يدعو للمستضعفين من أصحابه دعا بدعاء يناسب مقصوده.

فسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين تدل على شيئين:

أحدهما: أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه، ليس بسنّة دائمة في الصلاة.

الثاني: أن الدعاء فيه ليس دعاء راتبًا، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه. كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أولًا، وثانيًا. وكما دعا ‌عمر، وعلي -رضي الله عنهم- لما حارب من حاربه في الفتنة، فقنت، ودعا بدعاء يناسب مقصوده. اهـ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى