يارا حمدي صالح تكتب: الربوبية المصغرة

عمرك اخدت بالك ان كل واحد فينا بيشوف ربنا اللي شبهه، ايوة، انا قلت شبهه، او شبه الصح من وجهة نظره…
اي شخص بيميل للسيطرة، أو الإرهاب او الدكتاتورية، يرى الله بشكل مهيب، يرى الثواب و العقاب يرى جهنم و درجاتها، يرى رعبه منها حتى اكثر من رؤيته لجنات عدن، يري سياسة الترهيب و لا يؤمن بسياسة الترغيب، الشخص ده لما بيصلي، بيصلي عشان خايف و مرعوب من الشوي و الثعبان الاقرع و الخطيئة أكثر من أي حاجة ..
و اما عن الشخص اللي بيميل إلى الحرية و الديمقراطية، الشخص صاحب القناعة في ان استمالة الحق تلك الآتية من العقل والقلب، تلك الاتية من التعلق، ده يرى الله الرحمن الرحيم الودود، يرى ان الله محبة و كل ما يتأتي من رحم المغفرة
دي ناس لما بتصلي بتروح تقابل حبيبها عن حب مش عن خوف ابدا و اغلبهم يميلون إلى الصوفية باختلاف درجاتها
اما عن الأشخاص التي تؤمن بالمباديء المجردة دون ربطها باي مشاعر و دون فكرة ” الحدود” او فكرة النهايات، فالاشياء ( بما فيها البشر) وجدت في العالم لتظل مستمرة.
الاشياء تتغير فقط في شكلها او طبيعتها. هؤلاء يرون ” الله” و لكن لا يرون الاديان، و الاكثر تطرف منهم لا يرون الله، يرون الأشياء فقط…
احنا بنشوف ربنا اللي احنا عاوزين نشوفه…و اذا قلت كلمة أكثر جرأة و ادق تعبيرا.. احنا بنشوف ربنا اللي بيعكس تفاصيلنا و احتياجنا و املنا و منتهى شخصيتنا.
ايوة بضبط كده كل واحد على الارض بيتصرف كما يرى ربه، كل واحد بيدور في ربوبية داخلية مصغرة جواه، ولكن مين قالك يا سيدي او سيدتي الفاضالة ان ده يعكس الحقيقة…!!!
طيب تعمل ايه لو عرفت انك في آخر يوم في السنه النتيجة بتاعتك هتطلع على الاساس اللي انت تبنيته و قررته بدماغك انت و ارادتك انت و اختياراتك انت اللي كانت متاحة لك و لغيرك بمنتهى التساوي و العدل!!!
هل لو انت من أصحاب الفئة بتاعت الترهيب و العقاب تحب تتحاسب بنفس المنطق الصلب ده !!!
لا تنصب نفسك حكما ولا تفترض ان سياستك و قناعاتك هي الاصح، ده اجتهاد حضرتك اللي ممكن في لحظة تتمنى عكسه.
اجتهد و خليك في ورقتك وبس و لما تختار قانون تمشيه على نفسك و على الناس اللي حواليك، فكر و فكر
كتير و انت بتطبقه لانه محدش فينا عارف اخر يوم في السنه حيحصل ايه