مأمون الشناوي يكتب:  لتجيبلي “السبلايز” .. لابلاش ياوله !!

لأنني تعلمت في زمن الدواية والقلم الحبر الأبنوس ، فقد كنت أحسبه نوعاً من الأحذية ، أو أسماك التونة ، عندما سمعت به لأول مرة ، حتي جاءني عجوز مثلي يلطم الخدين ، ويشق جيوبه الخاوية علي عروشها ، ويخبرني بأن ( السبلايز ) هذا – كما أنبأه حفيده – هو مكونات الأدوات المدرسية ، التي باتت تطلبها غالبية الحضانات والمدارس الخاصة والتجريبية والانترناشيونال من التلاميذ عند بداية العام الدراسي !!.

وأخبرني صديقي العجوز – وهو يكاد يفقد عقله – بأن هذا ( السبلايز ) إجباري ، كجزء من المصروفات المدرسية ، وأن المدرسة تشترط أنواعاً معينة ، وماركات محددة من الأقلام والمناديل المُبللة والمُطهرات ، بل وتحدد أعداد المنادبل في كل علبة !!.

ثم أخذ نفساً طويلاً ، كمن يتأهب لعبور المانش ، أو للغطس تحت الماء ، وقال ، وتخيّل – يا محترم – كم ثمن هذا ( السبلايز ) الملعون ، تمطعت أنا وكأني أبو العريف ، وقلت له ، مائة جنيه مثلاً ، صرخ الرجل المكلوم في وجهي ، وسدد أصابعه النحيلة نحوي حتي كاد يفقأ عيني ، وقال ، أربعة آلاف جنيه يا سيد ، قالها وكأنه ينوح ، ثم رمي بنفسه فوق أقرب مقعد مُجاور !!.

إنها الرأسمالية المتوحشة – ياسادة – تتجلي في وجهها القبيح ، وتسفر عن حقيقتها المُرعبة ، وكأن الأسرة المصرية مهما كان دخلها يمكنها أن تواكب هذا الابتزاز المريع ، والاستنزاف البشع لمواردها ، والتحايل علي شفط آخر جنيه في حوزتها !!.

لقد صارت لدينا ثلاثة محددات توضح الطبقة التي تنتمي إليها الأسرة المصرية ، المدرسة ، والنادي ، ومكان تصييفها ؛ فالمدارس تبدأ من الحكومية المُتهالكة حتي الانترناشيونال بتاع الدولار واليورو ، والنادي من نادي دكرنس وحتي نادي الجزيرة ، أما المصايف فمن شاطئ ترعة قريتنا وحتي الساحل الشمالي الشرير وبورتو مارينا والعلمين !!.

وعندي سؤال واحد لمبتدعي هذا ( السبلايز ) ، يقف في حلقي ، هل اختراعكم هذا له علاقة بتعليم وتربية التلميذ ، هل سيخرج لنا نماذج مثل أحمد زويل أو مجدي يعقوب أو طه حسين أو نجيب محفوظ أو جمال حمدان ، وماذا لو لم يكن !!.

ياسادة ، في حضانة مصرية مصروفاتها مائة ألف جنيه ، والباص ثلاثون ألفا ، وهذا المدعو ( السبلايز ) أربعة آلاف جنيه ، لا أظن أن المستقبل يُنبئ بخير ، وأن هناك خطأ ما لابد من تداركه ، قبل اتساع هوة الطبقية بين أبناء الوطن الواحد ، وتكون تلك بداية تمزيقه !!.

اللهم بلغت !!.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى