مصر والسعودية: شراكة تتجاوز الحاضر.. وتصنع المستقبل

بقلم المستشار خالد السيد

في قلب شرق أوسط يموج بالتحديات والفرص، تأتي زيارة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية ولقائه بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، لتؤكد من جديد على حقيقة راسخة بأن القاهرة والرياض تمثلان معاً صمام أمان المنطقة، وأن شراكتهما الاستراتيجية ليست مجرد خيار دبلوماسي، بل ضرورة حتمية لمواجهة الحاضر وصناعة المستقبل، حيث تكشف نظرة فاحصة على تاريخ العلاقات بين البلدين عن عمق الروابط التي لا تقتصر على الجوار الجغرافي، بل تمتد لتشمل وحدة الهدف والمصير. يشكل التنسيق المصري السعودي حجر الزاوية في منظومة الأمن القومي العربي، فكلا البلدين يمتلك ثقلاً سياسياً وعسكرياً وديموغرافياً يجعلهما خط الدفاع الأول في مواجهة الأطماع الخارجية ومشاريع الهيمنة، ويتجلى هذا التعاون في توحيد الرؤى الذي يصل إلى تطابق شبه كامل في وجهات النظر تجاه القضايا الرئيسية، من ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، إلى أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الدول التي تشهد نزاعات، فضلاً عن جهودهما الجبارة في مكافحة الإرهاب على المستويين الفكري والأمني لتجفيف منابعه، وعملهما المتكامل لتأمين البحر الأحمر كشريان ملاحي حيوي. وعلى صعيد آخر، تتجاوز العلاقات الاقتصادية لغة الأرقام لتصل إلى مرحلة التكامل الحقيقي، فالمملكة تعد من أكبر المستثمرين في مصر وتدعم اقتصادها في قطاعات حيوية، وفي المقابل، تمثل مصر عمقاً استراتيجياً وسوقاً واعدة كما توفر خبراتها وكوادرها البشرية دعماً أساسياً للمشاريع العملاقة ضمن رؤية 2030، مما يخلق نموذجاً فريداً للتنمية العربية المشتركة يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. وإن أقوى ما يميز هذه العلاقات هو ذلك النسيج الشعبي المتين الذي يربط بينهما، فملايين المصريين في المملكة كانوا خير سفراء لبلدهم، وهذه الروابط الإنسانية، معززة بالعمق الديني والثقافي المشترك، تخلق حالة فريدة من التناغم تضمن ديمومة هذه العلاقة وتحصينها ضد أي تحديات. وفي الختام، يمكن القول إن زيارة الرئيس السيسي الأخيرة لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل هي تأكيد على أن محور القاهرة-الرياض هو قاطرة المستقبل للمنطقة العربية، فهو تحالف لا يقوم على مواجهة الآخرين، بل على بناء الذات، وتحقيق تطلعات شعبين شقيقين في الأمن والرخاء والتقدم، ليظل في زمن التحالفات الهشة نموذجاً للاستقرار والنمو، وشاهداً على أن قوة العرب تكمن، وستظل دائماً، في وحدتهم وتكاتفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى