مأمون الشناوي يتساءل: هل يموت الحب ؟!

الحب الصادق لايموت أبداً !!.
ربما تخبو جذوته ، تبرد ناره ، يكمن فى حنايا النفس البعيدة ، يسكن منزوياً فى سويداء القلب ، يقول واحد من العاشقين الوالهين الكبار مناجياً حبيبته :
« ياسَلوّة الأيام موعدك الحشر » !!.
أى سوف يبقى حُبه ملازماً روحه ، حتى يوم العرض الأكبر ، يوم القيامة !! .
وكانت السيدة { عائشة } رضى الله عنها تطمئن كل حين على حب { رسول الله } لها ، بعدما سألته ذات يوم عن حالة هذا الحب فى قلبه فقال لها :
« مثل العُقدة » !!.
فظلت بين الحين والآخر تسأله فى دلال :
« كيف حال العُقدة يارسول الله » !!.
فيُجيبها الرسول المُحب مُبتسماً :
« بخير ، بخير » !! .
ورفضت كوكب الشرق { أم كلثوم } أن تتزوج من شاعر الشباب { أحمد رامى } ، الذى أحبها حتى الثُمالة ، وقالت له حين سألها عن السبب ، مستعيدة تراثها الريفى فى طماى الزهايرة :
« عشان يفضل الفُرن حامى ، يارامى » !!.
أى لكيّ يظل قلبه متلهفاً عليها ، فيبدع من القصائد مايعكس حبه ، وشغفه ، ولوعته ، واشتياقه ، فتتلقفها هى وتشدو بها ألحاناً تسحر القلوب والعقول ، كان آخرها فى خريف العمر ، وبعدما باعدت بينهما الأيام ، حيث ناجاها وناشدها معاتباً عتاب العاشق الصبّ :
« مخطرتش على بالك يوم تسأل عنى ، وعنيّّه مجافيها النوم ، يامسهرنى » !! .
ثم رثاها في قصيدة باكية بعد وفاتها ، ألقاها في حضرة الرئيس السادات !!.
فالحب الحقيقى الذى تأسس على تلاقى الأرواح ، والتضحية ، وإنكار الذات ، والإيثار ، والتسامح ، والعفوّ ، والمغفرة ، والعطاء ، والتشوّق ، والتشوّف ، والحنوّ ، والتجمل ، والإسعاد ، والتراضى ، أبداً لايموت !! .
لكن الحب يمكن له أن يُقتل ، أن يُخنق ب « اسفكسيا » الجهل ، بالإصرار على الغباء ، والحماقة ، والتعالى، والغرور ، والمن ، والأذى ، بالإهمال ، باختلاق مبررات التشاحن ، بعدم الاحترام ، بالشك السام ، بالغيرة العمياء ، بالتربص والترصد ، بإفشاء سره للعوازل والشامتين !! .
فقد يُغفر للعاشقين أن يكمن حبهما ، وتهدأ شعلته فى قلبيّهما قليلاً ، ولكن لايُغفر لهما أن يقتلاه عمداً أو سهواً أو جهلاً ، فتظل روحه تلعنهما ، ويطارهما شبحه ودمه المراق إلى الأبد !! .
فاحرصوا كل الحرص على أحبائكم ، وعضوا عليهم بالنواجذ ، فمن يعثر على حُب صادق ، فقد حاز الدنيا وما فيها ، فالحب فى زماننا هذا بات شحيحاً ، نادراً ، غريباً ، مثل غُربة أصحابه !! .