الشباب…الثقافة المصرية نسيج واحد وشراكة ممتدة عبر الأجيال

سارة صلاح

على مدار السنوات الماضية، أولت القيادة السياسية في مصر، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتماما استثنائيا بالشباب، من خلال إطلاق مؤتمرات الشباب الدورية، وتأسيس منتدى شباب العالم، وإتاحة مساحات للحوار الوطني والمجتمعي. كما دعمت الدولة المبادرات الثقافية، والتعليمية، والتنموية، إدراكا منها لأهمية الاستثمار في وعي الأجيال الجديدة وبناء الإنسان المصري.

وفي بلد كمصر، لا يمكن الحديث عن الثقافة باعتبارها منتجا أحادي المصدر أو محدود الزمن. فالثقافة المصرية هي نسيج حي، تشكل عبر لاف السنين، وشارك في غزله المصري القديم، والمسيحي، والمسلم، والعربي، والنوبي، والصعيدي، والحضري، وساهم في توارثه الجد والحفيد، والكاتب والمغني، والفلاح والمثقف.

الثقافة المصرية… بناء تراكمي لا يُلغي ولا يُقصي
منذ فجر التاريخ، كانت مصر مهدا لحضارة ذات عمق ثقافي فريد.
فثقافة المصري القديم لم تمحَ، بل شكلت أساسا لمراحل لاحقة، حيث جاءت المسيحية وأضاءت جوانب جديدة في الضمير المصري، تلتها الثقافة الإسلامية التي أضافت بعدا روحيا ولغويا، فتحولت مصر إلى بوتقة حضارية تنصهر فيها المعتقدات، والقيم، والهوية، دون تصادم أو إنكار.

اليوم، نحن أمام لحظة ثقافية جديدة، تتطلب نفس الروح: الانفتاح والتكامل والشراكة، لا سيما مع الأجيال الجديدة.

الشباب.. ركيزة أساسية لا يمكن تأجيلها
إذا كانت الثقافة تبنى من خلال التفاعل بين الإنسان والواقع، فإن الشباب هم الأكثر اتصالا بالواقع وتحولاته.
هم الفئة التي تختبر العالم بلغة جديدة، وتعبّر عن ذاتها بوسائل لم تعتدها الأجيال السابقة: من الراب إلى البودكاست، من الكتابة الحرة إلى السينما المستقلة.

وهم لا يحتاجون إلى “دعوة شكلية” للمشاركة، بل إلى اعتراف حقيقي بأن صوتهم جزء أصيل من المشهد الثقافي الوطني، وبأن مساهماتهم ليست ظواهر شبابية، بل روافد جديدة لنهر ثقافي كبير.

المشاركة الثقافية… مسؤولية ومصلحة وطنية
تمكين الشباب من المشاركة في صناعة الثقافة لا يعني فقط فتح الباب لهم، بل الاقتناع بأن بناء الوعي الجمعي لا يتم بجيل واحد، بل بتراكم الأجيال.
كما أن إدماجهم لا ينتقص من دور الرموز والخبراء، بل يعزز الحوار بين الرؤية والخبرة، بين الحلم والتجربة.

وفي هذا السياق، فإن القيادة السياسية قدمت نماذج واضحة في إشراك الشباب في مؤتمرات الحوار، والمبادرات التنموية، والمشروعات الوطنية، وبقي أن تترجم المؤسسات الثقافية هذا النهج إلى ممارسات مستدامة.

ما تحتاجه مصر اليوم هو نموذج ثقافي يدمج التنوع لا يخشاه، يحتفي بالماضي ولا يجمده، يفسح مساحة للمستقبل دون التنازل عن الجذور.
إن الثقافة ليست رفاهية، بل ركيزة أمن قومي ومرآة للوعي المجتمعي.
وإذا كنا نؤمن بأن مصر وطن يتسع للجميع، فيجب أن تكون ثقافته أيضًا منصة يتكلم فيها الجميع، وبالأخص شبابها الذين يشكلون أكثر من 60% من سكانها.

وختاما يجب إن نعي أن بناء الثقافة المصرية ليس مهمة وزارة أو نخبة، بل قضية مجتمع يكتب تاريخه بيده.
وما بين أصالة الماضي، وروح الحاضر، وطموح الغد، يبقى الشباب هم جسر العبور الحقيقي إلى ثقافة قادرة على مواجهة التحديات، وصناعة الوعي، وتثبيت الهوية وسط عالم لا يعترف إلا بالأصوات الحية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى