مصر تحقق قفزة قياسية في طاقة الرياح بإضافة 1150 ميجاوات خلال شهر واحد

حققت مصر إنجازًا غير مسبوق في مجال الطاقة المتجددة، مع دخول محطتين عملاقتين لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر، خلال فترة زمنية قياسية لا تتجاوز شهرًا واحدًا، بإجمالي قدرات تصل إلى 1150 ميجاوات، وهو ما يُعد أكبر إضافة شهرية على الإطلاق في تاريخ قطاع الطاقة في البلاد.

محطتا “ريد سي” و”أمونت”.. إنجازات غير مسبوقة
أول الإضافات الكبرى جاءت من محطة Red Sea Wind Energy، التي تُصنّف كأكبر مزرعة رياح في إفريقيا والشرق الأوسط، بقدرة إنتاجية تبلغ 650 ميجاوات. نفذ المشروع تحالف دولي ضم أوراسكوم للإنشاءات (مصر)، إنجي الفرنسية، وشركتي Toyota Tsusho وEurus Energy اليابانيتين، وفق نموذج BOO، ويكفي إنتاجه السنوي لتغذية أكثر من مليون منزل، مع تقليل نحو 1.5 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

تم تشغيل المحطة على ثلاث مراحل، ودخلت الخدمة الكاملة في يونيو 2025، أي قبل موعدها بستة أشهر، وهو ما يعكس كفاءة التنفيذ وسرعة الإنجاز على أعلى مستوى.

أما المحطة الثانية، فهي أمونت، التي نفذتها مجموعة النويس الإماراتية عبر شركتها إيميا باور بالشراكة مع Sumitomo اليابانية، بقدرة 500 ميجاوات. وبدأ تشغيلها الفعلي في نهاية مايو 2025، قبل الجدول المقرر بحوالي شهرين ونصف، ما يعزز قدرة مصر على رفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني بسرعة قياسية.

إمداد ملايين المنازل وخفض الانبعاثات
تنتج المحطتان معًا نحو 4,800 جيجاوات/ساعة سنويًا، ما يكفي لتلبية احتياجات 1.5 مليون أسرة مصرية. كما يساهم هذا الإنتاج في خفض ما يقارب 3 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، مما يضع مصر في موقع متقدم على خريطة التحول الأخضر إقليميًا وعالميًا، ويعكس التزام الدولة بالاستراتيجية الوطنية للطاقة النظيفة وتحقيق أهداف المناخ المستدامة.

تمويل دولي وثقة عالمية بمشاريع الطاقة المصرية
حظي المشروعان بتمويل من مؤسسات مالية دولية رفيعة المستوى، منها:

البنك الياباني للتعاون الدولي (JBIC)

البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)

مؤسسة التمويل الدولية (IFC)

بنكي Sumitomo Mitsui وSociété Générale

ويأتي التمويل ضمن مشروعات مبادرة NWFE للطاقة والمناخ، التي أطلقتها مصر خلال قمة المناخ COP27، بما يعكس الثقة الدولية في مشاريع الطاقة المتجددة المصرية وقدرة الدولة على إدارة وتنفيذ مشروعات ضخمة وفق أعلى المعايير العالمية.

خطوة نحو ريادة إقليمية في الطاقة النظيفة
مع دخول 1150 ميجاوات إضافية للخدمة، ارتفعت قدرات طاقة الرياح العاملة في مصر إلى مستويات تاريخية، مدعومة بموارد طبيعية متميزة على سواحل البحر الأحمر وخليج السويس. وتستهدف الدولة تنفيذ مشروعات جديدة لرفع إجمالي القدرات إلى 13,700 ميجاوات بحلول 2030، ضمن استراتيجية تهدف إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من مزيج الكهرباء الوطني.

أثر اقتصادي وبيئي واضح
يرى خبراء الطاقة أن هذه المشاريع لا تعزز الأمن الطاقي لمصر فحسب، بل تخلق أيضًا فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتدعم الاقتصاد الوطني من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما يساهم توسع قدرات طاقة الرياح في تحسين مزيج الطاقة المصري، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتعزيز التزامات مصر تجاه أهداف المناخ العالمية.

دروس وخبرات للتوسع المستقبلي
نجاح محطتي رأس غارب يمثل نموذجًا للتعاون الدولي والمحلي في تنفيذ مشروعات طاقة متجددة ضخمة، ويُبرز أهمية التخطيط السليم، وإدارة المخاطر، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لضمان تنفيذ المشروعات ضمن الجداول الزمنية المحددة وبكفاءة عالية.

وأكدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أن التوسع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية سيواصل بوتيرة متسارعة خلال السنوات القادمة، مع التركيز على مناطق الغطاء الصحراوي والسواحل البحرية، لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة في الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى