المرأة التونسية تحتفي بذكرى مجلة الاحوال الشخصية

بقلم د. ليلى الهمامي
في يوم عيد المراة 2025: اليوم تحتفل المرأة التونسية بذكرى مجلة الاحوال الشخصية.
تعتبر هذه المجلة بمثابة الثورة التشريعية الثابتة في تاريخ تونس المعاصر. لكنها ايضا ثورة ثقافية بأتم معنى الكلمة.
ًوضع المرأة التونسية تميّز وشكّل استثناء في عموم المنطقة العربية، أخرج المرأة من وضع الدونية، ومن حالة اضظهاد اقتصادي، وجنسي، ومعنوي وسياسي… أخرجها من الاقصاء والاستثناء والتهميش، حتى أصبحت في موقع مرموق. وهذا سياق ما يجب علينا ان نثمنه من هذه المكاسب التي جعلتها الان من ضمن خريجي الجامعات تمثل اغلبيه ما يناهز 56% من حاملي الشهادات العليا: 56%
من خريجي الجامعات هم من الاناث.
المرأة التونسية أيضا تواجه معركة التمكين، بالمعنى الاقتصادي، وهذا المسار هو ما اسطلح على تسميته بايديولوجيا الجندر أو قضية الجندر.
هذه المسألة مسألة هامة باعتبار أن التمييز بمنطق الكوتا في عديد المواقع كالمسؤولية السياسية مثلا للمرأة مسالة هامة لكونها تمثل شكلا من اشكال زرع عقلية، ومفاهيم حديثة، في تراث يملؤه ويحكمه الاستبداد الذكوري، مجتمع باترياركالي هو مجتمع في اخر الامر يعيد ويرجع كل السلطات الى الرجل…
نحن بالطبع نتقدم على مسار التمكين… نتقدم على مسار التمييز الايجابي للمرأة، من اجل ان يكون نظام المكاسب او منظومة المكاسب محصنة ضد الارتدادات، وفي مواجهة التيارات الرجعية المتربصة بالمرأة وبمكاسبها.
لكن هذه النظرة الايجابية، وهذا التاكيد على المكاسب وتثمينها لا يحجب علينا معطيات هامة، ان في تراثنا اضطهاد المرأة ارتبط بوضعها الاقتصادي وبمكانة اسرتها اي بالانتماء الطبقي…
عندما نذكر عزيزة عثمانة او الصادقية، نذكر نساءً كنّ في مواقع سلطة اقتصادية وانتماء طبقي اهّـلهن لان يتحولن الى رموز داخل المجتمع.
تونس في تراثها،،، اكيد انها مرتبطة الى حد كبير برمزية المرأة. اسطورة التاسيس او الاسطورة المؤسسة لعليسة يرفدها الصداق القيرواني وما فرضته اروى القيروانية على ابو جعفر المنصور.
في تراثنا ثمة حضور للمرأة منذ الكاهنة، رمز المقاومة، هذه المعطيات التاريخية لا يمكن حجبها ولا يمكن طمسها ولا يمكن تهميشها ولا يمكن تبخيصها.
أما اليوم فالهاجس الذي يحكمني والذي بالفعل لا يفارقني والذي هو استحقاق حقيقي فعلي وواقعي، ان ننظر الى المجتمع وهو في حاله تأزم، وهو في حالة انشطار، وهو في حاله تفكك… كأن مسالة المرأة وتحرير المرأة تحولت الى حرب ضد الرجل وهنا يكمن المطبّ وهنا تكمن الطامة الكبرى في مجتمع انشق نصفين ، معسكر نسائي ومعسكر رجالي.
مؤسستنا الاسرية مأزومة، علاقاتنا مشحونة ومسمومة… علينا ان نواجه الظواهر الاجتماعية عندما ننظر الى تلك الارقام المخيفة : أعداد الذين يقبعون في السجون من اجل قضايا النفقه، الارقام المزعجة في علاقة بنسب الطلاق… كل هذا يدفعنا الى طرح الاسئلة الحقيقية، الى البحث في عمق الاشكاليات المتصلة بتلك العلاقات التي من المفروض ان تكون المحرك الفعلي لتقدم المجتمع.
المسالة ليست مسالة ديكور، ليست مسالة مساحيق نقدمها من أجل اقناع الغرب باننا في مستوى الحضارة… هذه القضية علينا ان نعالجها بعيدا عن الاحكام المسبقة وفقا لمعطيات ميدانية، وفق معطيات ميدانية، وفق احصاءات فعلية لنعلم اي مستقبل علينا ان ننحته، اي مستقبل علينا ان نبنيه….
أن الاشكاليات الحالية الخطيره هي التي تهدد مستقبل المجتمع: التفكك، تراجع نسب الزواج، العنف… كل هذه المظاهر هي مظاهر في الواقع تهدد مستقبل المجتمع بيولوجيا يعني ديموغرافيا. وهذه مسائل من الضروري ان نواجهها بالشجاعه، بعيدا عن الاحكام المسبقة الاحكام الايديولوجية.
وعلينا ان نتفاعل… علينا ان نتفاعل من اجل تونس، من اجل عموم المنطقة العربية التي بالفعل تتكالب عليها الاطماع الاستعمارية وتخترقها من خلال بوابات منها البيولوجية ومنها الديموغرافية ومنها التعليم والتربية، ومنها الواجهات العالمية التي يعتقد البعض انها بريئة وموضوعية
علينا ان نعالج مشاكلنا بذواتنا، بارادتنا وبصفة مستقلة، لان وضعنا ليس وضع الغرب، ولاننا نواجه هزيمة حضارية عنيفة وعلينا ان ننهض… علينا ان ننهض…
من اجل ان ننهض بشراكه بتازر وتناصر بين الرجل والمرأة.