الإمارات تقود صناعة الإعلام الرقمي نحو القمة

بقلم الاعلامية – هاجر اسامة
في عالم يتحرك بسرعة الضوء، لم يعد الإعلام كما كان المشاهد لم يعد يجلس أمام شاشة تلفزيون في وقت محدد منتظرًا نشرة الأخبار، والمستمع لم يعد يضبط ساعته على مواعيد البث الإذاعي. اليوم، نحن أمام الإعلام الرقمي، حيث المحتوى متاح دائمًا، وفي أي مكان، وبأي صيغة يفضلها الجمهور.
الإعلام الرقمي هو منظومة واسعة تشمل المواقع الإخبارية، منصات الفيديو، المدونات، شبكات التواصل الاجتماعي، والبودكاست. ما يميزه عن الإعلام التقليدي أنه يتيح التفاعل الفوري، والتحليل اللحظي، وإمكانية تخصيص المحتوى بحسب اهتمامات كل مستخدم. كما أن أدواته متاحة للجميع، فلم يعد الوصول إلى الجمهور حكرًا على المؤسسات الكبرى.
وسط هذا المشهد الرقمي المتغير، برز البودكاست كواحد من أكثر أشكال المحتوى تأثيرًا وانتشارًا. هو مساحة صوتية تمنح المستمع حرية الاختيار في الزمان والمكان، وتسمح لصانع المحتوى بطرح أفكار بعمق وهدوء، بعيدًا عن ضغوط الوقت والخوارزميات. قوته تكمن في الحميمية التي يخلقها بين المقدم والمستمع، وفي القدرة على بناء مجتمع من المهتمين حول فكرة أو قضية معينة.
الإمارات اليوم تعد بيئة مثالية لازدهار الإعلام الرقمي بجميع أشكاله، بما في ذلك البودكاست. بفضل البنية التحتية المتطورة، والدعم المؤسسي للمبدعين من خلال مبادرات مثل “أكاديمية الإعلام الجديد” و”مقر المؤثرين”، أصبحت الدولة منصة لانطلاق الأفكار والمشاريع الإعلامية المبتكرة. هذا الدعم لا يتوقف عند توفير التقنية، بل يمتد إلى فتح قنوات للوصول إلى الجمهور وتشجيع المحتوى الهادف. بالنسبة لي كصانعة محتوى وباحثة في الإعلام الرقمي، وجدت في الإمارات مساحة آمنة ومحفزة لتطوير أعمالي والوصول بها إلى مستمعين ومتابعين من مختلف أنحاء العالم العربي.
لكن مع هذه الفرص، يواجه الإعلام الرقمي تحديات حقيقية، منها زخم المحتوى وضعف المعايير المهنية في بعض الإنتاجات، إضافة إلى صعوبة التميّز وسط المنافسة الشديدة. وفي الوقت نفسه، تبقى الفرص كبيرة أمام من يمتلك رؤية واضحة ومحتوى أصيل، خاصة مع الدعم المتزايد لهذا القطاع في المنطقة.
المستقبل للإعلام الذي يعرف كيف يوظف التكنولوجيا لخدمة الرسالة، لا الذي يطارد الترند فقط. وفي عالم تتزاحم فيه الصور والمقاطع، ربما يكون الصوت الصادق والمحتوى العميق هو ما يصنع الفارق… سواء جاء عبر شاشة، أو عبر ميكروفون بودكاست