الجنيه المصري يقفز لأعلى مستوى في 2025 أمام الدولار.. وخبراء يفسرون

 

سجل الجنيه المصري، أداء قويا أمام الدولار الأمريكي، ليرتفع لأعلى مستوى منذ 8 أشهر، ليقترب سعر العملة الأمريكية من مستوى 49 جنيها، في معظم البنوك، وجاء هذا التحسن مدفوعا بعدة عوامل أبرزها زيادة تدفقات النقد الأجنبية للبلاد من مصادر السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وعزز من هذه التدفقات حجم المشتريات الخليجية للعقارات المصرية.

وأظهرت الشاشات الإلكترونية في البنوك تراجع سعر الدولار إلى مستويات هي الأدنى منذ مايو/ أيار، وبلغ متوسط سعر الشراء نحو 49.02 جنيه، بينما استقر سعر البيع في حدود 49.12 جنيه، وذلك مقارنة بمستويات الاثنين التي تراوحت بين 49.17 و49.30 جنيه للدولار، ما يعكس انخفاضا بنحو 15 إلى 18 قرشا في أقل من 24 ساعة.

وتصدر مصرف أبوظبي الإسلامي قائمة البنوك الأعلى سعرا للشراء عند مستوى 49.14 جنيه، بينما بلغ أعلى سعر بيع 49.24 جنيه، في حين تساوت معظم البنوك الحكومية والخاصة في معدلات التداول حول مستوى 49.04 جنيه للشراء و49.14 جنيه للبيع، يأتي ذلك في وقت ثبت فيه البنك المركزي المصري السعر الرسمي للدولار عند 49.00 جنيه للشراء و49.14 جنيه للبيع.

ووفقا للبيانات التاريخية لتحركات الجنيه أمام الدولار، فقد كسر الدولار حاجز الـ50 جنيهًا لأول مرة هذا العام في 25 يونيو/ حزيران، ليبدأ بعدها مسارا هبوطيا تدريجيا استمر لأسابيع متتالية، هذا الاتجاه النزولي بلغ ذروته في جلسة 22 يوليو/ تموز، إذ سجل الجنيه المصري أعلى مستوياته وبلغ متوسط سعر الصرف لدى البنك المركزي 49.02 جنيه للشراء و49.12 جنيه للبيع، وهو أفضل أداء للعملة المحلية منذ جلسة 4 نوفمبر 2024

ويرى الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي محمد عبدالعال أن تحركات سعر الجنيه المصري أمام الدولار صعودا وهبوطا يثبت استمرار تطبيق البنك المركزي سياسة سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار، مدللا على حديثه بارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ليصل إلى مستوى 50 جنيها مع نهاية 2024، ولكن مع بداية العام الحالي واصلت العملة المحلية تحسنها التدريجي مدفوعة بعدة عومل.

وتبنى البنك المركزي المصري منذ 6 مارس/ آذار 2024 تطبيق سياسة سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار، استجابةً لمتطلبات صندوق النقد الدولي لتوسيع شريحة القرض المقدم للبلاد إلى 8 مليارات دولار، ودعم هذه السياسة توقيع اتفاقية تطوير مشروع رأس الحكمة، بإجمالي استثمارات 24 مليار دولار.

وعدد عبدالعال، في تصريحات خاصة ، أسباب ارتفاع الجنيه المصري أمام الدولار وأبرزها نمو التدفقات الأجنبية الواردة من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة تجاوزت على حد تقديراته أكثر من 35 مليار دولار، ونمو صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي ليتحول من صافي سالب إلى صافي إيجابي بأكثر من 14 مليار دولار، وكذلك نمو احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ليتجاوز 48 مليار دولار، علاوة على تحسن عوائد السياحة والتصدير مما انعكست أثرها على ميزان المدفوعات.

ووفق بيانات البنك المركزي، انخفض عجز حساب المعاملات الجارية خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس 2025 بنسبة 69.3% مقارنة بالربع المناظر من العام الماضي، مدفوعًا بالزيادة الملحوظة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 86.6%، ونمو الفائض في الميزان الخدمي بفضل ارتفاع الإيرادات السياحية بنسبة 23%، وكذلك نمو الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 56.9%.

وأشار عبدالعال إلى عوامل أخرى قد تسهم في استمرار تحسن أداء الجنيه المصري أمام الدولار، وأهمها عدم تأثر العملة المحلية بشكل كبير بالتوترات الجيوسياسية، وانخفاض الالتزامات الدولية خلال النصف الثاني من العام الحالي والتي تتراوح من 8-11 مليار دولار، وهذا أقل كثيرا من حجم الالتزامات المسددة خلال النصف الأول، مما يمنح الجنيه المصري فرصة للتحسن، خاصة في ظل التقارير الدولية التي صدرت مؤخرا وأظهرت تقدير الجنيه بأقل من قيمته العادلة، وهو ما قد يشجع المستثمرين إلى بناء مراكز شرائية أمام الدولار.

ونقلت وسائل الإعلام المحلية، تقريرًا لبنك “جولدمان ساكس” أكد فيه أن الجنيه المصري لا يزال مقومًا بأقل من قيمته العادلة بنسبة 30%، متوقعا تحقيق ارتفاع في سعره خلال الفترة المقبلة مستندًا على تدفقات المحافظ الاستثمارية وتحسن المؤشرات النقدية.

غير أن الخبير المصرفي محمد عبدالعال توقع استمرار تداول الجنيه المصري أمام الدولار في المستويات بين 49-51 جنيها؛ مضيفا أن الاقتصاد المصري ليس في صالحه زيادة سعر الجنيه؛ معللا بأن المستوى الحالي للعملة المحلية يرفع من الميزة التنافسية للسياحة والصادرات المصرية، وكذلك جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مستفيدة من حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وعددا من الدول المصنعة، والتي قد تنقل خطوط إنتاجها لمصر للاستفادة من انخفاض الرسوم.

وأرجع الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة الأسبق محمد بدرة أسباب ارتفاع الجنيه مقابل الدولار إلى زيادة عوائد قطاع السياحة، ونمو حجم مشتريات المستثمرين الخليجيين للعقارات المصرية التي تشهد تطورا ملحوظا في الجودة والانتشار هذا علاوة على الاستقرار الأمني والسياسي، وزيادة حجم الصادرات المصرية خاصة من الحاصلات الزراعية، ونمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج، نتيجة تعزيز ثقتهم في الاقتصاد المصري، متوقعا أن تحقق التحويلات طفرة خلال 2025 تفوق المحققة العام الماضي.

وحققت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال الفترة من يوليو إلى أبريل من السنة المالية 2024/2025، قفزة تاريخية غير مسبوقة بنسبة نمو 77.1% لتصل إلى نحو 29.4 مليار دولار مقابل نحو 16.6 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالي السابق، وفقا لبيانات البنك المركزي.

وتوقع بدرة، في تصريحات خاصة ، استمرار تحسن الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وربط هذا التحسن بزيادة حجم العوائد من السياحة، وطرح حوافز للمصريين العاملين بالخارج للاستثمار في أوعية ادخارية بالدولار، مما يشجع المزيد من التدفقات الدولارية للبلاد، متوقعًا أن يتراوح سعر الدولار ما بين 45-50 جنيه خلال النصف الثاني من هذا العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى