ثورة 23 يونيو وخطاب الرئيس: من” الحلم إلى الفعل”.

بقلم: عبير العربي.
في تاريخ الأوطان، تبقى لحظات تصنع الفارق بين حاضر ينهض ومستقبل يُبنى، ومن بين هذه اللحظات جاءت ثورة 23 يونيو، التي مثلت تعبيرًا صادقًا عن إرادة شعب اختار أن يصحح المسار، ويحمي كرامته وهويته بعد سنوات من الصبر على التحديات والأزمات. لم تكن هذه الثورة مجرد احتجاج عابر، بل كانت صرخة أمة قررت أن تقف لتعيد بناء نفسها من جديد، وتحمي مؤسساتها، وتستعيد ثقتها في قدرتها على مواجهة الصعاب، ليخرج الشعب إلى الميادين حاملًا حلم العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مؤمنًا بأن الأوطان لا تُصان إلا بالإرادة والعمل المشترك.
في هذه المناسبة، جاء خطاب الرئيس السيسي يعيد التأكيد على أن ثورة 23 يونيو لم تكن مجرد ذكرى تُحتفى بها، بل محطة فارقة أطلقت مسيرة جديدة نحو البناء، فقد أكد الرئيس في خطابه أن الثورة جسدت شرعية الإرادة الشعبية، وأن ما تحقق كان انتصارًا على محاولات التفتيت والعبث بأمن الدولة واستقرارها. وأوضح أن الثورة تحولت إلى خطوات واضحة، ترجمت مطالب الناس في واقع ملموس من خلال إطلاق المشروعات القومية الكبرى التي أعادت الحياة للبنية التحتية، وأتاحت فرص العمل، ووفرت مشروعات الإسكان للملايين من الشباب، وأطلقت برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا، إلى جانب جهود تطوير التعليم والصحة وبناء الإنسان المصري على أسس الوعي والمعرفة والانتماء الحقيقي.
كما ربط الرئيس في خطابه بين الثورة وأهمية حماية الأمن القومي، مبينًا أن الأوطان لا تُبنى في فراغ، بل تحتاج إلى قوة تحميها من المخاطر الداخلية والخارجية، وإرادة سياسية تحافظ على القرار الوطني المستقل، ومجتمع متماسك يرفض الانقسام أو التفريط في ثوابته مهما كانت الضغوط.
وأكد أن الثورة لم تكن نهاية الطريق، بل كانت بداية مسؤولية جديدة على عاتق كل مواطن يحب وطنه، مشيرًا إلى أن الشباب هم قلب هذه المسؤولية وعماد المستقبل، داعيًا إياهم إلى العمل والانضباط والاجتهاد وتحمل المسؤولية حتى يكتمل البناء.
إن ذكرى ثورة 23 يونيو تعلمنا أن الشعوب قادرة على تجاوز الأزمات حينما تتوحد حول هدف نبيل، وأن التغيير الحقيقي لا يتحقق بالشعارات وحدها، بل بالصبر والوعي والعمل المستمر والقدرة على مواجهة التحديات بروح وطنية عالية. إنها ذكرى تذكرنا بأن حب الوطن ليس كلمات نتبادلها، بل هو فعل يومي وإيمان بأن بناء الأوطان مهمة مقدسة تحتاج إلى جهد وإخلاص وصبر. فالثورة كانت بداية الوعي بحجم المخاطر وحجم الحلم في الوقت نفسه، وأصبحت مسؤولية كل فرد بأن يكون جزءًا من هذا البناء الوطني، وأن يدافع عن حلم وطن قوي وعادل يليق بأبنائه.
وفي هذه الذكرى، نجد أن خطاب الرئيس لم يكن مجرد كلمات رسمية، بل كان دعوة للتفكير في المستقبل برؤية واضحة، وإدراك أن ما تحقق يحتاج إلى حماية، وأن التنمية لا تكتمل إلا بالاستقرار، وأن الأمن لا ينفصل عن العدالة، وأن الأوطان تُبنى حينما تلتقي القيادة الواعية مع إرادة الشعب الصادق في حماية بلاده وصناعة مستقبله، لتصبح ثورة 23 يونيو صفحة مضيئة في تاريخ الوطن، تفتح الطريق لجيل بعد جيل ليواصل البناء، ويكتب فصولًا جديدة من الأمل والإنجاز في وطن يستحق منا جميعًا أن نحميه وننهض به ونفخر به أمام العالم.