توقعات بنمو مبيعات الأدوية فى مصر لـ 5.7 مليار دولار

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء تحليلًا جديدًا تناول فيه أبرز الاتجاهات العالمية في سوق الدواء، وعددًا من التجارب الدولية الرائدة، بالإضافة إلى أهم السياسات والإصلاحات التي تبنتها دول مختلفة للنهوض بهذه الصناعة الحيوية، مع تسليط الضوء على الفرص المتاحة والشراكات الممكنة لتعزيز قطاع الدواء في مصر.
توقعات بنمو مبيعات الأدوية فى مصر 2025 لـ 5.7 مليار دولار
وأكد المركز أن قطاع الدواء يُعد أحد الأعمدة الأساسية لمنظومة الرعاية الصحية حول العالم، نظرًا لدوره المحوري في إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة. وتتخطى أهمية هذا القطاع حدود تصنيع العقاقير لتشمل سلسلة متكاملة من البحث العلمي والتطوير، مرورًا بالإنتاج والتوزيع، وانتهاءً بالاستخدام الآمن والفعّال من قبل المرضى.
مراحل إنتاج الدواء وحجم السوق العالمي
أوضح التقرير أن عملية تصنيع الدواء تمر بعدة مراحل تبدأ بالبحث والتطوير، يليها الحصول على الموافقات التنظيمية، ثم التصنيع والتسويق. وينقسم المنتجون إلى فئتين رئيسيتين: مصنعو المكونات الصيدلانية النشطة (API)، ومصنعو المنتج النهائي الذي يصل للمستهلك.
وفيما يتعلق بالسوق العالمي، أشار المركز إلى أن قيمة سوق الدواء بلغت نحو 1.4 تريليون دولار في عام 2023، وتصدرت أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) الأسواق العالمية بحصة بلغت 53.3%، تلتها أوروبا (22.7%)، والصين (7.5%)، واليابان (4.3%)، وأمريكا اللاتينية (4.2%).
وتوقعت مؤسسة “فيتش” أن تصل مبيعات الأدوية عالميًّا إلى 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي قدره 5.3%. كما يُتوقع أن تستحوذ الأسواق المتقدمة على 64% من تلك المبيعات، بينما تحقق الأسواق الناشئة معدلات نمو أعلى، تبلغ 6.3%، مقابل 4.4% فقط في الأسواق المتقدمة.
وعلى مستوى الدول، ستتربع الولايات المتحدة على رأس السوق بقيمة مبيعات متوقعة تبلغ 491.2 مليار دولار، تليها الصين بـ284.9 مليار دولار، ثم اليابان بـ100.4 مليار دولار. كما من المتوقع أن تتقدم الهند إلى المركز التاسع عالميًا بقيمة مبيعات قدرها 35.5 مليار دولار، متفوقة على إسبانيا التي ستتراجع إلى المركز العاشر.
أما على صعيد الإقليم، فيُتوقع أن يصل حجم سوق الدواء إلى 36 مليار دولار في الشرق الأوسط و28 مليار دولار في إفريقيا بحلول عام 2028.
تجارب دولية ملهمة في قطاع الدواء
استعرض التقرير عددًا من النماذج الدولية الناجحة التي شكّلت مرجعًا مهمًّا في تطوير صناعة الدواء:
المغرب
يمثل ثاني أكبر منتج للدواء في إفريقيا، وضمن أبرز خمس دول في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتبلغ طاقته الإنتاجية 450 مليون وحدة سنويًا، في حين بلغت صادراته من الأدوية 158 مليون دولار عام 2023. وتميزت التجربة المغربية بإصلاحات تشريعية شاملة، وخفض أسعار نحو 2000 دواء، فضلًا عن تحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال دمج نظامي التأمين في برنامج موحَّد عام 2022، مما حظي بإشادة من منظمة الصحة العالمية.
الهند
تُعرف بـ”صيدلية العالم”، وقد أثبتت جدارتها خلال جائحة كوفيد-19 بفضل قدراتها التصنيعية والابتكارية. وأطلقت الحكومة مبادرات لدعم الصناعة، منها إنشاء إدارة مستقلة لتنظيم القطاع، وزيادة ميزانيات دعم الأدوية والمجمعات الصناعية ضمن الموازنة العامة لعام 2024/2025.
السعودية
تمتلك أكبر سوق دوائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن المتوقع أن ترتفع مبيعاتها من 11.9 مليار دولار في 2024 إلى 22.1 مليار دولار بحلول 2034. وتشمل أبرز إنجازاتها افتتاح أول مصنع لأدوية الأورام عام 2023، وتأسيس شركة “لايفيرا” للأدوية الحيوية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية لتعزيز الاكتفاء الذاتي والابتكار الطبي.
مستقبل سوق الدواء في مصر
توقعت “فيتش” أن يرتفع حجم سوق الدواء في مصر من 5.1 مليارات دولار في 2024 إلى 5.7 مليارات دولار في 2025، ليصل إلى 7.8 مليارات دولار بحلول 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.3%. كما يُتوقع أن يرتفع نصيب الفرد من الإنفاق الدوائي من 44.6 دولارًا في 2024 إلى 58.8 دولارًا في 2034، في ظل استمرار الحكومة في ضبط أسعار الأدوية.
جهود مصر لتطوير القطاع
أكد التقرير أن الدولة المصرية وضعت قطاع الدواء ضمن أولوياتها الاستراتيجية، ومن أبرز المبادرات والإنجازات:
مدينة الدواء “جيبتو فارما”*: أحد المشروعات القومية الرائدة التي تستهدف تعزيز الأمن الدوائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017*: يوفّر حوافز ضريبية للمستثمرين في قطاع الأدوية بنسبة تصل إلى 50% من التكلفة الاستثمارية.
التوسع في التصدير: حيث أعلنت “الشركة المتحدة للأدوية” في 2024 بدء تصدير الأنسولين المصري إلى كوبا، في أول دخول رسمي لمصر إلى سوق الأدوية بأمريكا اللاتينية.
تعزيز التواجد الإفريقي: عبر حصول مصر على عضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية، بما يسهم في دعم نفاذ الأدوية المصرية إلى الأسواق القارية.
اختتم التقرير بالتأكيد على أن صناعة الدواء تمثل ركيزة أساسية لأي نظام صحي فعال، ليس فقط لما لها من دور علاجي، بل لأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية. وشدد على أن الاستثمار في هذا القطاع أصبح ضرورة وطنية، خاصة في ظل التحديات الصحية العالمية، داعيًا إلى مواكبة التطورات العلمية، وتبني سياسات داعمة للبحث والابتكار، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان قطاع دوائي مستدام يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية.