مصر واستعادة تاريخها المسلوب في عهد الرئيس السيسي

بقلم: يوسف عبد القادر – بروكسل

 

في كل مرة تعود فيها قطعة أثرية مصرية إلى أرض الوطن، نشعر وكأن جزءا من روح مصر قد عاد إلى مكانه الطبيعي، إلى حضن حضارة تمتد لآلاف السنين، إلى قلب أم الدنيا

 

كنت شاهدا بالأمس 11 يوليو 2025، وبكل فخر، على إحدى هذه اللحظات التاريخية في متحف الفن والتاريخ بالعاصمة البلجيكية بروكسل، حيث أقيمت مراسم رسمية رفيعة المستوى لتسليم قطعتين أثريتين مصريتين تم استردادهما من بلجيكا

 

جزء من لحية تمثال فرعوني نادر، مصنوع من الخشب

 

وتابوت “با دي با حور هرد” المذهب والذي يعود للعصر البطلمي، منقوش عليه كتابات هيروغليفة واضحة وكأنها نقشت بالأمس ورسومات مذهبة تعكس حضارة ما زالت تبرق لتظهر تاريخ ذهبي ومستقبل باهر لأبناء هذا الحضارة التي يعلم العالم كله حجمها

 

هذه القطع ليست مجرد آثار، بل رموز حية لحضارة صنعت التاريخ، وشهادات على قدرة المصريين القدماء على الإبداع في فنون النحت والكتابة

 

جهود الدولة المصرية في استرداد التراث

 

هذا الإنجاز الجديد هو ثمرة تعاون مثمر بين السفارة المصرية في بلجيكا وعلى راسها معالي السفير احمد ابو زيد والسلطات القضائية البلجيكية، وامتداد لجهود الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي وضعت ملف استرداد الآثار على رأس أولوياتها الوطنية والدبلوماسية

 

فمنذ عام 2014، تم استرداد ما يزيد عن 29 ألف قطعة أثرية خرجت من مصر بطرق غير شرعية، وتم استردادها عبر تحركات رسمية ودبلوماسية وقانونية منسقة. هذه الجهود تدار باحترافية عالية من خلال التعاون بين، وزارة الخارجية المصرية،وزارة السياحة والآثار

 

وزارة العدل المصرية ممثله في الجهات القضائية

 

،السفارات والقنصليات المصرية بالخارج

 

والمنظمات الدولية المختصة، وعلى رأسها اليونسكو

 

أبرز إنجازات الاسترداد في عهد الرئيس السيسي:

 

2019:

 

استعادة التابوت الذهبي للكاهن “نجم عنخ” من متحف المتروبوليتان بنيويورك، بعد تحقيقات كشفت تهريبه باستخدام وثائق مزورة.

 

2021:

 

استرجاع أكثر من 5,000 قطعة

 

أثرية من الولايات المتحدة في واحدة من أكبر عمليات الاسترداد في التاريخ المصري.

 

2020–2023:

 

استرداد قطع من بلجيكا فرنسا،

 

إنجلترا، ألمانيا، كندا، إيطاليا، السعودية، أستراليا، وحتى أمريكا اللاتينية.

 

إغلاق مزادات دولية ومنع بيع العديد من القطع المصرية، بعد تدخل رسمي مباشر من السفارات المصرية ووزارة الخارجية

أهمية هذه الجهود

 

هذه المعركة الدبلوماسية القانونية لا تتعلق فقط بالماضي، بل بالحاضر والمستقبل. فاستعادة الآثار المسروقة هي استعادة للكرامة الوطنية، ورفض لفكرة أن التراث المصري يمكن أن يباع ويشترى.

 

وهي كذلك رسالة للعالم تؤكد أن مصر تعرف تاريخها، وتحترم تراثها، ولن تتهاون في استعادته.

 

كما أكد السفير المصري لدي بلجيكا ولوكسمبورج ورئيس البعثة الدبلوماسية المصرية الي الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو

 

علي ضرورة رفع الوعي بأهمية مكافحة الاتجار غيرالمشروع في الممتلكات الثقافية، والتي تمثل تراثاً إنسانياً مشتركاً للعالم أجمع، مُشدداً على اهتمام مصر باستعادة كافة آثارها المهربة للخارج، بما يتوافق مع أحكام اتفاقية اليونسكو لعام 1970.

 

المتحف المصري الكبير… بيت الكنوز المستردة

 

جميع هذه الآثار التي تم استردادها تنقل بعناية لعرضها في المتحف المصري الكبير (GEM)، والذي يعد من أضخم المشاريع الثقافية في القرن الحادي والعشرين.

 

يقع المتحف بالقرب من أهرامات الجيزة، ويمتد على مساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع. عند افتتاحه الكامل، سيضم

 

أكثر من 100,000 قطعة أثرية،

 

مجموعة توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة،

 

قاعات عرض حديثة مزودة بأحدث تقنيات العرض التفاعلي، ومساحات تعليمية ومراكز ترميم على مستوى عالمي.

 

المتحف المصري الكبير ليس مجرد معرض، بل هو واجهة حضارية جديدة لمصر، ويُجسد رؤية الدولة المصرية في تقديم حضارتها بأسلوب يليق بها أمام العالم.

 

في الختام…

 

كل التحية لوزارة الخارجية المصرية، ولمسؤولي الآثار والقانون، ولكل من يقف خلف الكواليس في هذه المعركة النبيلة.

 

هم لا يعملون فقط على استرداد قطعة حجر أو خشب، بل يعيدون إلى مصر مجدها وهيبتها وحضورها العالمي

 

وكلما عادت قطعة أثرية إلى مصر، نقترب أكثر من استعادة الرواية المصرية الحقيقية، من كتابتها بأيد مصرية، ومن عرضها بفخر في متاحفها، أمام أبنائها وضيوفها، لا في مزادات مجهولة أو قاعات مغلقة في الخارج فتراثنا ليس للبيع… والتاريخ لا يسرق وهويتنا لن تتكرر علي مدي الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى