مأمون الشناوي يكتب: بين التهوين .. والتهويل !!

وهناك توكتوك اصطدم بدراجة في البدرشين ، وكذلك حمار انحرف عن مساره في دكرنس ، ومعزة قفزت من فوق السطوح في دسوق فتهشمت رأسها ، يا إلهي ، ماكل هذه الكوارث ، ياللهول ، البلد تنهار !!.
مصر – ياصديقي – بلد ضخم ، يسكنه مايربو عن المائة مليون من البشر ، ومساحته مليون كيلو متراً مربعاً ، وطبيعي جداً ان تحدث فيه حوادث اصطدام سيارات ، وحرائق في البيوت والمباني ، وانهيار عقارات ، وقتلي علي الطرق ، ومصابون وجرحي !!.
هذا بلد لو ذهبت إلي مستشفياته ، لظننت أن شعبه كله مريض ، ولو خطفت رجلك إلي ثلاجات الموتي ، لتوهمته كله في عداد الموتي ، ولو تفضلت بزيارة السجون ، لحسبت الشعب كله خلف القضبان !!.
هذا شعب ضخم ، وهذه الضخامة تنعكس علي كل شئ فيه ، ولهذا قديماً قالوا ( ياداخل مصر .. منك ألوف ) !!.
المشكلة في استقبالك أنت للحدث ، فإن قدرته بقدره ، فهذا هو عين الصواب والإنصاف والعقل ، أما وإن عكست نفسيتك وهواك وغرضك وضغائنك في تفسيره ، فأنت في خانة مرضية ، وحالة يرثي لها !!.
كل الحوادث – ياصديقي – لاتخرج أسبابها عن ثلاثة : الإهمال والفساد وفشل الإدارة ، هذا في كل الدنيا وليس في بلادنا فقط ، وماعليك إلا أن تبتعد عن التهوين من الأمر ؛ فمعظم النار من مُستصغر الشرر ، فتطالب بالتحقيق وعرض النتائج ومحاسبة المسؤول أياً كان موقعه ، وأن تبتعد – أيضاً – عن التهويل ، وإثارة الخوف ، وبث الهلع ، وتصدير الرعب بين الناس ، والانسياق وراء مايلوكه الأعداء من فبركات وأضاليل !!.
ويحضرني هنا موقف ساخر لذيذ ، ذو دلالة ، لسائقي الميكروباص ، الذين أعلنوا عن إضرابهم عن العمل ، مطالبين برفع الأجرة ترتيباً علي زيادة السولار والبنزين !!.
وتجمعوا أمام مبني المحافظة ، وفي غمرة الغضب وحمية الانفعال ، انفلت أحدهم ، وراح يهتف في حماسة [ الشعب .. يريد .. إسقاط النظام ] ، فماكان من السائقين إلا أن تركوا شكواهم ، وانهالوا علي زميلهم الموتور هذا صفعاً وركلاً ، وطردوه من ساحة الاضراب !!.
دعونا نتعامل مع مايحل بنا بقدر كبير من المنطق ، والعلم ، والموضوعية ، والإنصاف ، وبمشاعر يغلفها الحب والحرص علي هذا البلد العظيم ، وألا ننجر وراء دعاة التهويل ، والمتربصين ببلادنا ، في الداخل والخارج ، وأن نميز الخيط الرفيع بين المعارضة والخيانة ، بين النقد وإهالة التراب علي كل شئ ، مثل سائق الميكروباص الأرعن !!.