ميرال المنصوري تكتب: قنبلة رقمية تهز قلب القاهرة

شهدت منطقة رمسيس، مساء الاثنين 7 يوليو 2025، حادثًا مفجعًا بعد اندلاع حريق هائل داخل مبنى سنترال رمسيس، أحد أقدم وأكبر مراكز الاتصالات في مصر. وأدى الحريق إلى توقف شبه كامل لخدمات الإنترنت والمكالمات الأرضية في عدد من المناطق الحيوية بالعاصمة، بالإضافة إلى تأثيرات واسعة على قطاعات مصرفية وإعلامية وخدمية.
تفاصيل الحادث
بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية، فإن الحريق نشب في الطابق السابع من المبنى نتيجة ماس كهربائي داخل إحدى غرف أجهزة الاتصالات. وعلى الفور، دفعت الحماية المدنية بأكثر من 14 سيارة إطفاء، مدعومة بسلالم هيدروليكية، وتمكنت من السيطرة على النيران بعد جهود استمرت قرابة 6 ساعات متواصلة.
وقال مصدر أمني في تصريحات خاصة، إن فرق الإطفاء واجهت تحديات بسبب ضيق مداخل المبنى وكثافة الدخان، إلا أن التنسيق بين الدفاع المدني والشركة المصرية للاتصالات ساهم في الحد من انتشار الحريق إلى طوابق أخرى.
إصابات وخسائر
أُصيب نحو 14 شخصًا بحالات اختناق نتيجة استنشاق الدخان، وتم نقلهم إلى مستشفى القبطي لتلقي العلاج، دون تسجيل أي حالات وفاة. فيما لم تُعلن الجهات الرسمية بعد عن حجم الخسائر المادية، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى تضرر كابلات رئيسية ومحطات تحويل داخل المبنى.
شلل في الخدمات
خلّف الحريق آثارًا مباشرة على شبكات الإنترنت والهاتف الأرضي والمحمول، حيث انقطعت الخدمة في أحياء وسط القاهرة، والزمالك، وشبرا، ومناطق في الجيزة. كما أفاد مواطنون بتعطّل خدمات الدفع الإلكتروني عبر تطبيقات مثل “فوري” و”إنستاباي”، وانقطاع الاتصال بعدد من فروع البنوك في اليوم التالي للحادث.
تأثرت أيضًا بعض القنوات الإعلامية والجهات الحكومية التي تعتمد على الربط المباشر بشبكات الاتصالات المركزية، ما أدى إلى تأجيل جلسات بث مباشر، وتعليق بعض المعاملات البنكية.
رد فعل الحكومة
زار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتور عمرو طلعت، موقع الحادث صباح الثلاثاء، وأكد في تصريحاته للصحفيين أن الوزارة تعمل على إعادة الخدمات تدريجيًا خلال 24 إلى 48 ساعة، من خلال تحويل المسارات إلى سنترالات بديلة.
وأشار الوزير إلى فتح تحقيق فوري للوقوف على أسباب الحريق، ومراجعة أنظمة السلامة والتأمين داخل جميع مراكز الاتصالات التابعة للدولة، خاصة أن سنترال رمسيس يعالج ما يقرب من 40% من حركة الاتصالات في مصر.
مطالب بالتحقيق والتطوير
أثارت الحادثة ردود فعل واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب العديد من المستخدمين بفتح تحقيق شفاف حول أسباب الحريق، والكشف عن مدى جاهزية المرافق الحيوية في مصر لمواجهة مثل هذه الأزمات. ودعا آخرون إلى توزيع مراكز الاتصالات الحيوية جغرافيًا وتحديث أنظمة الحماية من الحرائق.
خلفية عن السنترال
يُعد سنترال رمسيس من أقدم السنترالات في مصر، حيث يعود تأسيسه إلى عام 1927، ويقع في قلب القاهرة على بعد أمتار من محطة قطارات رمسيس. يلعب المبنى دورًا محوريًا في تمرير خدمات الإنترنت والمكالمات الأرضية، خاصة للمؤسسات الحكومية والخاصة في العاصمة.
خاتمة
تكشف كارثة حريق سنترال رمسيس عن هشاشة البنية التحتية الرقمية في مصر، وضرورة الإسراع في تطوير أنظمة الطوارئ والسلامة داخل المرافق الحيوية. وبينما تعمل الجهات المختصة على إعادة الخدمة وتعويض المتضررين، تبقى الحاجة قائمة إلى خطط وطنية جادة لضمان الأمن الرقمي وحماية البنية التكنولوجية من أي مخاطر مستقبلية.