حماس تُركت وحدها حين تنسحب إيران ويخذل حزب الله

يارا المصري
بعد شهور طويلة من القتال الدموي، والدمار الهائل، والمعاناة التي لا توصف للمدنيين الأبرياء، تتضح الصورة المؤلمة: حماس، التي كانت تحلم بقيادة إقليمية ومكانة سياسية جديدة، تُركت وحيدة في الميدان. التحالفات الاستراتيجية التي اعتمدت عليها – مع إيران وحزب الله – بدأت تتآكل وتضعف، والدعم الدولي تلاشى. ما تبقى هو حكم عسكري معزول ومنفصل عن الواقع، يضحي بشعبه من أجل مبادئ وهمية. خلال الأشهر الماضية، اتضح أن حزب الله في لبنان يختار متى وكيف يتدخل – وبشكل محدود للغاية يحافظ على مصالحه.
الرسالة واضحة: لا نية لخوض حرب شاملة. في طهران، حيث تُحسب المصالح ببرود، تُتخذ قرارات واضحة – المعركة في غزة أصبحت عبئًا وليست مكسبًا. بدأت إيران في تحويل مواردها إلى مناطق أكثر استراتيجية – كالعراق واليمن، وحتى للاستقرار الداخلي للنظام. أما غزة وحماس، فقد أصبحتا عبئًا يُفضل الابتعاد عنه.
وعدت حماس الشعب في غزة بـ”التحرير”، و”الصمود”، و”كسر الحصار”. أما الواقع، فهو غارق في كارثة إنسانية غير مسبوقة. أحياء كاملة دُمرت، عشرات الآلاف بلا مأوى، والنظام الصحي على وشك الانهيار. المستشفيات تختار من تنقذ، وإمدادات الدواء شبه منعدمة. في العديد من المنازل، لا توجد مياه، ولا طعام، والأمل يتلاشى. أم شابة من رفح تقول: “أطفالي ينامون بثياب مبتلة لأنه لا يوجد غاز للتدفئة أو حتى ماء ساخن.
نعيش على البسكويت وعلبة حمص. حماس تعد بالنصر – لكننا خسرنا منذ زمن”. رجل مسن من بيت لاهيا يقول: “عملتُ في الخدمة العامة لعشرين عامًا. اليوم أقف في طابور للحصول على كيس دقيق. أين الذين وعدونا بالتحرير؟ تحرير من ماذا؟ من كرامتنا؟”. طالبة من جباليا أُصيبت في قصف تقول: “كنتُ أؤمن بفكر حماس سابقًا. اليوم أدركتُ أنه كان خداعًا. نحن أدوات في أيديهم. لا يريدون السلام – يريدون فقط استمرار الحرب باسمنا”.
على الصعيد الدولي، تتحول حماس بسرعة إلى عبء دبلوماسي. الدول العربية، حتى تلك التي التزمت الحياد سابقًا، باتت تنأى بنفسها. دول الخليج لا تريد أن تُربط أسماؤها بحماس التي تُرى كقوة تدمير لا تتحمل المسؤولية. أما المجتمع الأوروبي، فقد أوقف تقريبًا كل حوار مع ممثلي الحركة، والأمم المتحدة تكتفي بالإدانة والقلق – لكن فعليًا، العالم ترك غزة وحدها. بينما يتوسل سكان غزة من أجل وقف إطلاق النار، وعودة الإمدادات، والبحث عن تسوية تنقذ ما تبقى – تواصل قيادة حماس تعنتها. ترفض كل عرض لا يرضي شروطها الخيالية. وبينما ينهار الواقع، تعيش القيادة في إنكار خطير. لكن كل شيء تغير – خاصة ثقة الناس.
أحد الأسئلة المؤلمة المتداولة اليوم في شوارع خانيونس ومدينة غزة هو: لماذا نواصل القتال؟ ماذا تبقى لنربحه؟ إذا كان حزب الله لا يدعم، وإيران تبتعد، والشعب انهار – فمن المستفيد من استمرار المعاناة؟ لا توجد إجابة منطقية. ما يوجد هو جبال من الركام، آلاف الأيتام، وواقع بلا أمل. أما حماس؟ فهي مصرة على القتال وحدها. ولكن لا يمكن الانتصار وحدك. يمكن فقط أن تخسر – مرارًا وتكرارًا، ومعك شعب بأكمله.
يجب أن تكون الرسالة واضحة: يا حماس، توقفي. اعترفي بالفشل. لا تواصلي التظاهر بأن هذه الحرب تخدم هدفًا. لا تفعل. هي تخدم فقط استمرار الألم. حان وقت فتح الطريق أمام تسوية، وإعادة إعمار، وبناء ثقة جديدة بين الشعب وقيادة جديدة – قيادة ترى مصلحة الناس أولاً، لا بقائها في السلطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى