مأمون الشناوي يكتب: الشكوي !!

الشكوي إدمان ، ونحن قد أدمنا الشكوي !!.
الفقير يشكو ، والغني يشكو ، الفقير يشكو ضيق الحال ، والغني يشكو طمع الفقير فيه ، ساكن الكوخ يشكو الفاقة والعوز ، وساكن القصر يشكو حقد ساكن الكوخ عليه !!.
فما جلست إلي قوم إلا وكانت الشكوي عاملاً مشتركاً بينهم ، وإذا عزمت أن تشكو لأحد ، سبقك هو بشكواه ، فصادر عليك ما كنت تنوي فتصمت !!.
والحقيقة أنا لا أحب أن أشكو ، ولا أحب أن أستمع إلي شكوي بلا معني ؛ فهناك مَن يظن بأن شكواه تمنع عنه الحسد ، وتطرد من حوله العيون والأحقاد والضغائن !!.
لكني مؤمن بأن كثرة الشكوي ، تأتي بالهم ، وكثرة الحمد تأتي بالسعادة !!.
ومؤمن أيضاً بأن الناس لن تحتملك طويلاً لو استمريت في الشكوي ، واظهار امتعاضك وسخطك ، وأن الشكوي سلاح الضعفاء ، فلا أحد يملك لك من الأمر شيئا ، وأن الشكوي لا تكون هكذا لأي أحد ، وإنما لو كان لابد منها ، فلتكن لصاحب المروءة الذي يقدرها حق قدرها !!.
صحيح قول { أبو تمام } شاعرنا الهمام : [ شكوت ، وما الشكوي لمثلي عادةً / ولكن تفيض الكأس عند امتلائها ] !!.
فيرد عليه شيخنا { إيليا أبو ماضي } بقوله : { كم تشتكي وتقول أنك مُعدمُ / والأرض ملكك والسما والأنجمُ ] !!.
ولكنني مع وافر احترامي للشاعرين العظيمين ، أقتفي أثر عمنا { كامل الشناوي } وأومن بمقولته الخالدة : [ أنا لا أشكو ؛ ففي الشكوي انحناء ، وأنا نبض عروقي كبرياء ] !!.
أي والله ياعم كامل ، صدقت ، نبض عروقي ، ودفقات دمي ، وشهيق أنفاسي ، كبرياء !!.
فلن أشكو ، ولا أنت أيضا ياصديقي !!.