“الوضع لا يُحتمل”: تجار البلدة القديمة في القدس يطالبون بالعودة السريعة إلى الحياة الاقتصادية الطبيعية

يارا المصري
بينما تتصاعد التوترات الإقليمية وتتفاقم الهجمات المنسوبة لإيران، يجد تجار البلدة القديمة في القدس أنفسهم عالقين في أزمة مزدوجة – أمنية واقتصادية. الشوارع التي كانت تعجّ بالسياح والحجاج والزوار المحليين، باتت اليوم فارغة وصامتة، والقلق من الانهيار الاقتصادي يتزايد يوماً بعد يوم.
يقول أصحاب المحال إن التدهور الاقتصادي بدأ منذ اندلاع جولة القتال الأخيرة، لكن تصاعد الوضع الأمني في الأيام الأخيرة زاد من تعقيد الأزمة. العديد من المتاجر تُغلق أبوابها لعدة أيام متواصلة، بينما تستمر التكاليف الثابتة – من إيجارات وفواتير وضرائب – بالتراكم دون أي مدخول حقيقي.
يقول سليم، صاحب محل لبيع التذكارات بالقرب من باب العامود: “منذ بداية الحرب، المدينة أصبحت كأنها ميتة. اعتدنا على السياح من كل العالم، على الحياة والضجيج – واليوم، لا شيء سوى صمت خانق. الأمر ليس فقط خوفًا، بل فقدان للأمل.”
يعتمد العديد من أصحاب الأعمال في البلدة القديمة على السياحة الدينية والحج، وهما قطاعان تضررا بشدة منذ بدء التصعيد. حتى السكان المحليون، الذين كانوا جزءًا من الزبائن الدائمين، أصبحوا يتجنبون الوصول إلى المنطقة خوفًا من الاشتباكات أو الإغلاقات الأمنية المفاجئة.
يقول عصام، صاحب كشك لبيع الملابس: “كنا نبيع للسياح وللفلسطينيين من الضفة. اليوم، لا أحد يأتي. كل يوم نأمل أن يعود الهدوء. لسنا أهل سياسة، نحن فقط نريد أن نعيش بكرامة.”
بالتوازي، تتعالى أصوات التجار مطالبة بتدخل البلدية والحكومة لتقديم دعم طارئ. من بين المطالب: إعفاء مؤقت من ضريبة الأملاك، منح مالية مباشرة لأصحاب الأعمال الصغيرة، وحوافز لتنشيط الحركة التجارية في مركز المدينة.
يحذر ممثل عن لجنة التجار: “إذا لم نتلقَّ الدعم الآن، ستُغلق المزيد من المحلات نهائيًا.” ويضيف: “البلدة القديمة ليست مجرد موقع سياحي، بل هي قلب نابض بالتراث والاقتصاد والهوية. لا يمكن السماح لها بأن تموت.”
رغم الصعوبات، لا يزال هناك من يتمسك بالأمل. يقول أحد التجار المخضرمين البالغ من العمر 68 عامًا: “تجاوزنا انتفاضات، وحروب، وعمليات، ونجونا. نحن شعب قوي. لكننا اليوم بحاجة إلى من يراني، لا أن أكون مجرد رقم في الإحصاءات.”
حتى تصل التسهيلات – إن وصلت – سيستمر تجار البلدة القديمة في فتح محالهم كل صباح، على أمل زبون عابر، أو نظرة أمل، وربما – أيام أكثر هدوءًا.