مأمون الشناوي يكتب:  الحقد !! 

 الحقد !!
ويسألني سائل : ما الحقد !!.
الحقد – ياسائلي – مَشاعر سلبية تنتاب شخصاً ربما لايعرفك ، وليس بينك وبينه خصومة ، ولا صراع ولا تشاحن ، ولا أنت تنافسه في مجال عمله ، ولايضيره ماتفعل ، وإنما يكرهك هكذا ، يكره فيك نجاحك ، يكره حب الناس لك ، يكره رزقاً ساقه الله إليك ، يكره حظاً أصابك في مال أو جاه أو مَنصب أو ولد ، بل يكره فيك ذكاءك ، وفِطنتك ، وطيب خلقك ، وترفعك على أن تُجاريه في حقده !!.
والحقد نار تأكل نفسها ، إن لم تجد الحطب الذي تأكله !!.
والحقد زنزانة مُظلمة ، في ليلة شتوية ، تسجن صاحبه فيها ، فلا يرى شمساً ولا قمراً ولا نوراً ولا ضياء !!.
الحقد فيروس يضرب القلب ، فيعيث فيه تخريباً وتمزيقاً ، ولا علاج له ، لا أمصال ولا لقاحات ولا أدوية ولا حتى أعشاب !!.
الحقد صبغة سوداء حالكة ، تصبغ القلب بها ، ولاتزول أبدا !!.
لكن – ورغم كل هذا – فإن صاحب الحقد يُثير الشفقة ، ويُثير مصمصة الشفاه على حاله ، فلا حقده منع خيراً ، ولا جاء لصاحبه بخير !!.
كان { عبد الله بن أُبيّ بن سلول } يكره { النبيّ محمد } لذاته ، لا لخصومة سياسية مثل { أبي سفيان } ، ولا لطمع في مكانة مثل { أبي جهل } ، ولا لسحب البساط من تحت قدميه مثل { الوليد بن المغيرة } ، ولا لغباء وضغينة نفسية تنتاب بعض الأقارب مثل عمه { أبي لهب } ، وإنما كان يكرهه لشخصه ، لحقد دفين يسكن قلبه ويعشش فيه !!.
رأي النبي كوكبة من الناس جالسة في أحد طرقات المدينة ، فنزل من على ظهر دابته واتجه إليهم ، وأخذ يشرح لهم أهداف دعوته السامية ، وكان معهم { عبد الله بن سلول } ، فنهر النبيّ ، ونظر إليه بحقد طافح ، وقال له : ( ياهذا ، أَمَا جلست في بيتك ، ومَن أرادك أتاك !! ) ، مُنتهي الجلافة والفظاظة وقلة الذوق والحقد !!.
وماعليك – ياصديقي – تجاه هذا الحاقد سوى أن تتجنبه ، وأن تعتزله ، وأن تدعو له بالهداية ؛ فإنه في كرب – لو تعلمون – عظيم ، عافاكم الله – وإيانا – من شروره !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى