غيرت اسم “شارع الإسلامبولي”.. هل تخطب طهران ود القاهرة لمرحلة جديدة؟

أثار القرار الإيراني الأخير بتغيير اسم شارع “خالد الإسلامبولي” الضالع في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، في طهران الكثير من ردود الفعل الإيجابية، خاصة لما يحمله من إشارات في التقدم الملحوظ بالعلاقات بين القاهرة وطهران.

من الإسلامبولي إلى نصر الله

وأعلنت وكالة “تسنيم” الإيرانية، أن السلطات الإيرانية قررت تغيير اسم شارع خالد الإسلامبولي في طهران، مشيرة إلى أنه من ضمن البدائل المطروحة تحويل اسمه إلى شارع “الشهيد حسن نصر الله”،

ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم مجلس بلدية طهران، علي رضا نادالي، أن البلدية اتخذت القرار بالتنسيق مع وزارة الخارجية، واقترحت بدائل، مبينًا أن القاعدة هي أنه بعد موافقة اللجنة المذكورة يتم عرض الاسم المطلوب على مجلس المدينة للتصويت عليه من قبل جميع الأعضاء، وبعد الموافقة تقوم البلدية بإعداد الأرضية للتنفيذ.

بينما علقت صحيفة “الشرق” الإيرانية، نقلًا عن مصدر سياسي إيراني بأن هذه الخطوة “تفتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإيرانية وتمهد الطريق لإحياء العلاقات العميقة بين البلدين”.

إزالة عقبة تاريخية قديمة

وأوضحت الصحيفة، أن خالد الإسلامبولي، يُعد أحد أعضاء تنظيم الجهاد الإسلامي، الذي قام في عام 1981 بالاشتراك مع عدد من رفاقه باغتيال الرئيس المصري وقتذاك أنور السادات خلال عرض عسكري، وتعتبره الحكومة المصرية إرهابيًا، وقد أُطلق اسمه على شارع في طهران في سنوات توتر العلاقات بين إيران ومصر.

يُذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين طهران والقاهرة كانت قد قُطعت بأمر من الإمام الخميني في عام 1979، في أعقاب استضافة السادات لشاه إيران، وتوقيع اتفاقية السلام كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. ويُعتقد أن دافع خالد الإسلامبولي ورفاقه لاغتيال السادات كان مرتبطًا بتوقيع هذه الاتفاقية.

ويُعتبر اختيار اسم خالد الإسلامبولي للشارع الذي كان معروفًا بـ“شارع الوزراء” أحد أقدم العوائق أمام إحياء العلاقات بين طهران والقاهرة، وقد بُذلت محاولتان لتغيير اسم هذا الشارع في عهد الرئيسين خاتمي وأحمدي نجاد، لكن أسباب توقفهما غير واضحة.

لقاءات وتقارب بين القاهرة وطهران

وكان محمد خاتمي أول رئيس إيراني يلتقي بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في جنيف عام 2000، ثم أصبح محمود أحمدي نجاد أول رئيس إيراني يزور مصر بدعوة رسمية من الرئيس الإخواني آنذاك محمد مرسي عام 2012.

وفي نوفمبر 2023، التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالرئيس عبدالفتاح السيسي على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي في الرياض، كما التقى الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان بالسيسي مرتين في عام 2024، على هامش قمة بريكس في قازان بروسيا، وقمة الدول الثماني الإسلامية في القاهرة.

الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان

وبدأ المشروع الجديد لتحسين العلاقات بين إيران ومصر في عهد الحكومة الثالثة عشرة (الحكومة الحالية)، في آخر زيارة دبلوماسية له، توجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أولًا إلى القاهرة ثم إلى بيروت. وخلال وجوده في القاهرة، التقى نظيره المصري بدر عبد العاطي وثلاثة وزراء خارجية مصريين سابقين، كما التقى بالرئيس عبدالفتاح السيسي.

ووفق صحيفة “الشرق” الإيرانية، فإنه بالنظر إلى الاتصالات الوثيقة بين إيران ومصر في السنوات الماضية والجهود المبذولة لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، فإن تغيير اسم هذا الشارع ليس مستبعدًا. ومن المحتمل أن يتم تحديد مصير الإجراءات المماثلة التي اتخذتها مصر لتسمية بعض الشوارع بأسماء حساسة بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية.

لافتة شارع “خالد الإسلامبولي” في طهران

طلبات سابقة للتغيير

فيما أوضح موقع “إيران إنترناشيونال”، أن القرار الأخير، لا يعتبر المحاولة الأولى لتغيير اسم الشارع، حيث سبقته عدة محاولات آخرها عام 2021، وعلّق أحد أعضاء مجلس مدينة طهران، على عدم التغيير رغم الطلبات المتكررة بإزالة اسم شارع خالد الإسلامبولي، بأن هذا الإجراء مشروط بتغيير الحكومة المصرية اسم شارع “فرح”؛ ولأنهم لم يفعلوا ذلك، لم نغيّر اسم شارع “خالد الإسلامبولي”، و”فرح” المشار إليها هي فرح ديبا إمبراطورة إيران السابقة وزوجة آخر أباطرة إيران.

كما أشار الموقع إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنظر إلى خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس السادت باعتباره “شهيد المقاومة” على حد وصفه.

قربان التقارب في ظرف إقليمي صعب

في حين كشف رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، شريف عبدالحميد، أن طهران حاليًا تحاول التودد بهذا القرار الأخير للقاهرة، خاصة مع وجود تحالف إسرائيلي أمريكي خليجي ضدها، وتكسر أذرعها في المنطقة سواء في سوريا أو لبنان، وتقزم دور الميليشيات العراقية، وزيادة الضغط على الحوثيين.

وأكد عبدالحميد أن مصر لها ثقل استراتيجي في المنطقة وطهران تعتبر العلاقات معها “كنزًا استراتيجيًا”، وحاليًا إيران في حالة ضعف وتبحث عن حلفاء تتقارب معهم، مبينًا أن مصر أيضًا تواجه ضغوط بسبب موقفها الوطني من قضية التهجير، ما خلق فرصة للتقارب بين البلدين.

دبلوماسية “الشوارع”

وأضاف أن إيران تعتمد حاليًا دبلوماسية “الشوارع” وهو الإجراء نفسه الذي قامت به سابقًا عندما تقرّبت إلى السعودية بحذف اسم رجل الدين الشيعي “نمر النمر” من أحد شوارعها، لدغدغة مشاعر الدولة التي تريد التقارب معها، مشيرًا إلى أن تغيير أسماء الشوارع لا يعني تغيير أفكار أو الاستراتيجيات الإيرانية، لكنه محاولة لتجنيب الخلافات وإنهائها.

وأوضح عبدالحميد، أن طهران حاليًا في حاجة ماسة للقاهرة وللدور المصري مع وجود مفاوضات نووية تخوضها إيران مع الولايات المتحدة، وفي ظل الضغط الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية لشن حرب مع إيران، وحاليًا تستعد لتقديم أي تنازلات أخرى تطلبها القاهرة من أجل الاستمرار في تحسين العلاقات بين البلدين.

وأشار رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، إلى أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن إيران من القوى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، وعلاقتها مع مصر مفيدة لطالما كانت كدولة بعيدًا عن أفكار تصدير الثورة وإنشاء تكتلات سياسية داخل الدول، مشيرًا إلى أن طهران ستتجه في المرحلة المقبلة لضخ استثمارات في مصر وهو أمر جيد ومفيد للبلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى