دينا كرم الدين تكتب :حين تتحول الميكروفونات الي عيادات نفسية

دينا كرم الدين
(((منصة الفضفضة الإعلامية حين تتحول الميكروفونات إلى عيادات نفسية متنقلة)))
في قديم الزمن من كان يحمل لقب إعلامي يخضع لاختبار
حقيقي.ثقافة لغة حضور حياد مسؤولية وقدرة على إدارة الحوار..كان الميكروفون شرف والكاميرا منصة لا تقبل الهزل..لكننا وعلى ما يبدو أصبحنا نعيش عصرًا جديدًا..عصر المُعالجة الإعلامية..ما عدنا نشاهد إعلامًا بل نتابع حلقات مفتوحة من الفضفضة الجماعية..جلسات كشف ذاتي غير مصرّح بها تتصدرها وجوه نسائية لطالما تساءلت من منحهن الترخيص..من منحهن صك الشرعية ليحوّلن القضايا العامة إلى مناشير يوميات عاطفية.تخرج واحدة على الشاشة تخبرنا بكامل الجدية كيف تعافت من خيانة زوجها..وتنصح الجمهور الكريم أن يقاطع الرجال أسبوعيًا..أخرى تروّج لحرب شخصية خاضتها مع صديقة خائنة وتحوّل ذلك إلى قاعدة فلسفية في الثقة..وثالثة تحوّل قصة فشلها العاطفي إلى حملة تحريض ضد الزواج كله..أليس من المخزي أن يتحول الإعلام إلى معمل تفريغ مشاعر..أن تصبح الكاميرا وسيلة انتقام أو منبر تبرير لسلوك فردي..ما علاقتنا كمشاهدين بتجاربهم النفسية..من سمح بتحويل تجاربهم الخاصة إلى مادة حوار وطني..نعم كل إنسان لديه قصة كل امرأة تحمل وجعًا وكل رجل مر بلحظة ضعف لكن الفرق أن الإعلامي لا يبني منبره من أحزانه..الإعلامي يبني موقفًا يسائل يفتح الملفات يحرج المسؤول ينير الرأي العام..لا يجلس على كرسي أحكى لي ما حدث في حفلة من التراحم الزائف..الخطير أن هؤلاء النسوة لا يقدمن أنفسهن كضحايا بل كبطلات على الشاشة..وبدلًا من أن يُسألن ما علاقتك بالقضية يُسقف لهن ويهلل وتمنح تصاريح برامج..ويطلب منهن الحديث باسم المرأة المصرية والعقل الجمعي وصوت الناس!!!!! الإعلام ليس ساحة لمعارك نفسية غير مكتملة..الإعلام سلطة رابعة لا يجب أن يمارسه كل من قررت أن تتجاوز مرحلة الاكتئاب ما بعد الانفصال..كفى عبثاً..كفى عبثًا بحق هذا الجمهور الذي يستحق منبرًا محترمًا لا منبرًا عليه رواسب علاقات مشوهة وأجندات ثأر شخصي مغلفة بشعارات التمكين والتعافي..نعم التعافي مطلوب لكن بعيدًا عن الشاشة..العلاج النفسي له مكانه تمامًا كما للإعلام مكانه..فلا تعيدوا رسم وجدان أمة على هوى مشاعركم
#Dina_karameldin