دينا كرم الدين تكتب عن : منتحلى الألقاب والصفات والشهادات !!

مواهب وهمية وألقاب مجانية: زمن الواجهة بدون واجهة .تزينوا بالمظاهر حتى انطفأت الملامح.. وتكاثر الصدى حتى غاب الصوت.. فلا الحقيقة بانت ..ولا الكذب استحى من نفسه
للأسف اصبحنا فى زمن تحول فيه اللقب إلى بطاقة عبور. أصبح من السهل جدًا أن تصحو يومًا فتجد نصف المجتمع قد حصل على دكتوراه شرفية من جهة غير معروفة.. والنصف الآخر صار سفيرًا للنوايا الحسنة من مؤسسة لا تمت للأمم المتحدة بصلة والباقي مذيعين ومعالجين نفسيين وخبراء علاقات عامة وتحكيم دولي دون دراسة ولا تدريب ولا جهة معتمدة كل من يحمل هاتفًا محمولًا بكاميرا عالية الجودة يمكنه أن يعلن نفسه خبيرًا وكل من يعرف كيف يستخدم تطبيق تصميم بسيط صار يمتلك برنامجًا حواريًا ينافس به قنوات التلفزيون والأدهى من ذلك اصبح اى شخص يمر بضغوط الحياة يقرر فجأة أن ينشر تجربته ويحلل العالم نفسيًا وكأنه فرويد العصر
المنصات أصبحت ساحات مفتوحة واللايكات صارت شهادة مزاولة وأعداد المتابعين تعني التصديق والقبول بغض النظر عن صحة المحتوى أو قيمته ما عاد أحد يسأل من درّبك؟ . ومن علمك؟ .. من منحك الترخيص ؟! بل السؤال صار كم لديك من متابع.. ما حجم تفاعلك.. ومن دعمك في الحملة
والأدهى أن المصطلحات الكبيرة لم تعد حكرًا على أصحاب العلم أو الخبرة بل أصبحت ((برستيج)) يستخدمه البعض لفرض حضورهم تجد في بطاقة أحدهم لقب ((دكتور ))دون أن تدري هل هو طبيب أم أكاديمي أم مجرد (محب للقب ) وتجد آخر يقدم نفسه كمستشار تحكيم دولي بينما لا يجيد حتى كتابة مذكرة قانونية بسيطة
أما السفراء فكأن العالم فجأة احتاج لكل هذا الكم من النوايا الحسنة وأصبح اللقب وسيلة جذب للجمهور لا أكثر منظمات وهمية تطبع شهادات ملونة مقابل اشتراك رمزي وعدسات الكاميرا تلتقط اللحظة لتصبح الصفة واقعًا مزيفًا يعيش في عقول المتابعين
وفي زحمة الألقاب والصور اللامعة .ضاع صوت الحقيقيين الذين تعبوا ودرسوا وانتظروا دورهم أصبحوا يبدون عاديين في زحام المصطنعين وصار التقدير يُمنح بالأرقام لا بالجهد وبالشهرة لا بالكفاءة. ولأننا لا نتكلم عن مسؤولين ولا نناشد جهات بل نفتح سؤالًا للناس من يضع خطًا فاصلًا بين الحرية والفوضى.. من يعيد للعلم وزنه.. وللمهنة احترامها.. ومن يوقظ فينا شعورًا قديمًا اسمه الضمير
ربما لا نملك الآن إجابة لكننا نملك الوعي.. والوعي أول خطوة في الطريق الطويل نحو التمييز بين الضوء الحقيقي وبين البريق المصنوع