محمود عابدين يكتب: “ترامب” يخون وصية “فرانكلين” …!!

بداية، يجب الإشارة إلى أن ما يرتكبه المحتل الصهيوني اللعين من إبادة جماعية بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل، واحتلاله لأجزاء من: سوريا ولبنان، وضربه المستمر في اليمن، بحماية ومشاركة أمريكية، وصمت عالمي – عربي باستثناء مصرنا الجبيبة – قد تعدى في: سفالته وإجرامه وحقارته وقذارته وحيوانيته و…. كل الخطوط الحمراء، ولكي نفهم تفاصيل الدعم الأمريكي خاصة، والأوروبي اللامحدود عامة لبني صهيون في حربهم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، لابد وأن نبحث عن العلاقة بين الإمبريالية الأمريكية، و”إسرائيل”، إذ لا يمكن توصيفها بالجيدة أو السيئة أو المتذبذبة، انطلاقاً من أن “إسرائيل” تُعَدّ ولاية من ولايات الولايات المتحدة الأمريكية.

فمنذ بداية العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة، لم تنقطع رسائل المساندة والتأييد لهذا العدوان السافل، ولم يبقَ هذا التأييد محض كلام فقط، وإنما تعدى ذلك وصولاً إلى المساعدة العسكرية، فاشتركت القوى الضاربة لأكثر دول العالم قوة، لضرب قطاع غزة، وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى الرغم من تناقض ما يجري مع مبادئ الإنسانية الأولى المتمثلة بـ: الحياة، المأكل، والمشرب، فإن هذا الدعم بقي وازداد في كل يوم يمر في هذه الحرب سخاءً، ومن هنا فإن السؤال الذي يُطرح: لماذا تدعم هذه الدول “إسرائيل”؟، والإجابة على هذا السؤال تتلخص في:

– منذ الشهور الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني، تصدت الدول الرأسمالية: (الولايات المتحدة الأميركية – السويد – سويسرا – بلجيكا – فرنسا – ألمانيا الغربية)، مهمة تمويله، ولهذا، يُعَدّ تدفق رأس المال الخارجي إلى “إسرائيل” أهم أساس لتطور اقتصادها، بحسب ما ذكر في كتاب بعنوان “دولة إسرائيل، خصائص التطور السياسي والاقتصادي”، كما أن الطابع الرئيس للاقتصاد الإسرائيلي هو النمو السريع بفضل الاستيراد الموسع لرأس المال، حتى أصبح في تلك الفترة معدل نصيب الفرد الواحد في “إسرائيل” من التكوين الرأسمالي أعلى معدل في العالم، وأصبح الاقتصاد برمته، بما في ذلك القطاع الخاص، يعتمد كلياً على المساعدات الخارجية التي تصل عن طريق قنوات تسيطر عليها إسرائيل، وتصب عن طريقها في مشروعات الهجرة والتوطين والعمالة، ثم تساهم في تمويل الحياة اليومية لـ”مواطني الدولة الجديدة.

في البداية، كان الغرض من التمويل الخارجي الإمبريالي هو تشجيع الهجرة إلى “إسرائيل” واستيعاب المهاجرين إليها، وتطوير زراعتها وصناعتها، وعند كل تحدٍّ يواجه الاحتلال الصهيوني كانت الدول الإمبريالية تسارع إلى حقن الاقتصاد الإسرائيلي بالتعويضات الألمانية والمعونات الأميركية والأسلحة الفرنسية، بالإضافة إلى عقد الاتفاقيات التجارية الثنائية، والقروض والهبات في صورة مبيعات سندات وقروض للاستيراد والتصدير وقروض فائض الإيرادات الزراعية الأميركية وتشجيع الاستثمارات الخاصة المباشرة.

وبهذا، فإن السائد بخصوص تكوين رأس المال القومي يقوم به البلد ذاته، فإن “إسرائيل” تولت عنها القوى الإمبريالية الكبرى هذه المهمة الحيوية، لهذا، يجب الكشف بصورة مستمرة عن دور رأس المال العالمي في خلق ما يسمى “المعجزة الإسرائيلية”. ففي “إسرائيل” تزيد الموارد الكلية على إجمالي الناتج القومي، الأمر الذي أتاح القيام بجهد استثماري مكثف أدى إلى ارتفاع معدل النمو السنوي، من دون أن يصاحب ذلك ضغط على مستويات الاستهلاك .

وبالتالي، نحن إذاً أمام ظاهرة فريدة من نوعها هي قيام دولة بأكملها كمشروع اقتصادي تموله الإمبريالية العالمية كلها، وهذا وحده كاف لبيان الالتقاء العضوي بين الصهيونية والإمبريالية، صحيح أن التحويلات من طرف واحد، أو بلا مقابل، كانت سمة مهمة من سمات الدعم والانصهار الإمبرياليين مع الصهيونية، إلا أن الاستثمارات الأجنبية لها دلالة بعيدة وملموسة، فهي مظهر للمشاركة العضوية بين الصهيونية العالمية والإمبريالية في المشروع الخاص ببناء “دولة إسرائيل”، كما ارتبطت الحركة الصهيونية العالمية منذ البداية بالرأسمالية العالمية ومركز القوة السياسية الإمبريالية، ففي بداية القرن الماضي علقت الصهيونية العالمية آمالها على ألمانيا ذات الرأسمالية الاقتصادية الصاعدة والمنافسة للاحتكارية البريطانية، التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها.

وبعد “وعد بلفور” وانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، انتقل الولاء إلى بريطانيا العظمى التي فتحت أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية، ومنذ الحرب العالمية الثانية نقلت المنظمة الصهيونية العالمية مقرها إلى الولايات المتحدة، وأخذت تعلق عليها الآمال، ففي 11/5/1942 أقر ما سمي عندئذ “بيان بلتيمور” من المؤتمر الصهيوني الاستثنائي الذي انعقد في فندق بلتيمور في نيويورك، وكان أهم ما تضمنه البيان هو الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية، كونها السند الرئيس للحركة الصهيونية، وبالفعل، انتقلت عندئذ زعامة العالم الرأسمالي إلى الولايات المتحدة، التي كانت بالصدفة زحفت إلى آبار البترول العربية، هذا بينما ارتبط كبار رجال المال فيها بالوكالة اليهودية منذ زمن بعيد (كون وليب وليهمان وغولدمان وزاكس وجوجنهايمولازار وروكفلر ومورغان)، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار مراكز فرنسا وبريطانيا في الشرق العربي، تدخلت الولايات المتحدة بقوة أكبر في المنطقة كلها، وكانت وراء قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإقامة “إسرائيل.

ومع ذلك، حرصت الولايات المتحدة في الأعوام الأولى من تأسيس “إسرائيل” على إخفاء تمويلها لها، خوفاً من إثارة عداء العرب لها، وبالتفاهم مع الولايات المتحدة تصدت ألمانيا الغربية لعملية التمويل في تلك الأعوام، سواء علناً بالتعويضات أو سراً بالسلاح، ولم تظهر الولايات المتحدة في الساحة المكشوفة إلا مع حرب يونيو، ومنذئذ لا تخفي علاقتها الخاصة بـ”إسرائيل”، ولا التزامها الكامل تجاهها، وبالنسبة إلى التمويل، كانت الولايات المتحدة الأميركية هي المنظم والمحرك والممول لعملية تأسيس “إسرائيل”، فبين عامي 1948 و1962 حصلت “إسرائيل” من الولايات المتحدة على مبلغ يفوق 3200 مليون دولار، استُخدمت لتجهيز المستوطنات الزراعية وتوسيعها وبناء المساكن وإنشاء الطرق والموانئ و وتجديد المواصلات وتقديم الغذاء إلى السكان.

وفيما بعد حرب يونيو صارت الولايات المتحدة هي المصدر الرئيس للأموال الأجنبية على اختلاف أشكالها. فعلى سبيل المثال، فإن المساعدات الأميركية التي قُدمت، خلال الأعوام الخمسة التي تلت العدوان، تجاوزت ضعف ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات مماثلة إلى “إسرائيل”، طوال الأعوام العشرين، التي سبقت الحرب، واستمرت المساعدات في التصاعد بعد ذلك، وخصوصاً القروض الميسرة، والحديث عن القروض الأميركية لـ”إسرائيل” حديث فيه قدر غير قليل من التجاوز: إذ إن هذه القروض ميسرة تماماً، ففترات السماح لتأجيل القروض والإعفاءات الدورية من الديون السابقة، والمبادرة إلى تقدم منح وقروض جديدة، والمعاملة التفضيلية في التعرفة الجمركية، والمعاملة الضريبية المتميزة التي تعامل بها الهبات الممنوحة لـ”إسرائيل”، كلها تجعل القروض الأميركية كأنها سندات خزينة إسرائيلية.
أما الاستثمارات الأميركية فأدّت دوراً وظيفياً مهماً لتدعيم الاقتصاد اليهودي حتى قبل قيام “إسرائيل”، إذ كان التعاون بين تلك الاستثمارات والوكالة اليهودية كبيراً. ونذكر هنا الدور البارز لشركتين أميركيتين، هما “الشركة الاقتصادية الفلسطينية”، والتي تأسست في عام 1926 و”الشركة الأميركية الفلسطينية”، والتي تأسست عام 1942، وتُعَدّ هذه الشركة الاحتكار العملاق الذي يربط الرأسمالية الأميركية بالصهيونية، فلقد قامت الشركة بتأسيس شركات متعددة داخل فلسطين المحتلة بالمشاركة مع الهيستدروت أو “الدولة” الإسرائيلية، وإلى يومنا هذا، وحتى مع تبدل الإدارات الأميركية بين ديموقراطية وجمهورية، فإن الدعم الأميركي متواصل ومتجدد عبر قرارات وتشريعات من مجلس النواب الأميركي.

أما عن جماعة الضغط الصهيونية الأمريكية، أو ما يسمى “قوة اللوبي الصهيوني الأمريكي”، أو “لجنة الشئون العامة الإسرائيلية الأمريكية”، (إيباك)، فهي معنية بالضغط على المشرعـين الأمريكيين؛ لتأييد الكيان الصهــيوني مهما ارتكب من جرائم بحق الغير ( فلسطين ولبنان وسوريا نموذجًا )، كما أن هذا اللوبي يحاول أيضاً أن يحوِّل قوة أثرياء الجماعات اليهودية – خصوصاً القادرين على تمويل الحملات الانتخابية الأمريكية وأعضاء الجماعات اليهودية على وجه العموم (أصحاب ما يُسمَّى «الصوت اليهودي») – إلى أداة ضغط على صناع القرار الأمريكان، فيلوح بالمساعدات والأصوات التي يمكن أن يحصل المرشح عليها إن هو ساند الكيان المحتل، والتي سيفقدها لا محالة إن لم يفعل.

باختصار شديد غير مخل، إن اللوبي الصهيوني له إطار تنظيمي مكون من جمعيات وتنظيمات وهيئات يهودية وصهيونية تنسق فيما بينها، مثل: مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، المؤتمر اليهودي العالمي، اللجنة اليهودية الأمريكية، المؤتمر اليهودي الأمريكي، والمجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية، إضافة الى منظمات أخرى كـ: المنظمة الصهيونية لأمريكا، التحالف العمالي الصهيوني، الهاداساه، منظمة النساء الصهاينة في أمريكا.

وكل هذه المنظمات لديها ممثلون في واشنطن للتأثير على عملية صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، كما تعمل هذه الجماعات على كسب الرأي العام عن طريق مشروعات متعددة تتراوح بين إنشاء المدارس التي تعلِّم العبرية، وإنشاء المستشفيات، وإنتاج الأفلام الموالية للكيان المحتل، وتمويل رحلات الباحثين والسياسيين الأمريكيين إلى أرض فلسطين المحتلة.

نضف إلى ما سبق ان اللوبي الصهيوني لا يكتفي ببني جنسه لخدمة وتحقيق مخططاته التآمرية ضدنا، بل يجند لصالحه أيضا أصحاب المصالح والمطامع والاجندات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، الإستراتيجية الغربية والصهيونية الرامية إلى تفتيت عالمينا: العربي والإسلامي. كما يضم اللوبي الصهيوني كثيراً من الليبراليين الداعين إلى اتخاذ سياسة ردع نشطة ضد الاتحاد السوفييتي(سابقاً)، وكثيراً من المحافظين الذين يرون فيما يسمى “إسرائيل” قاعدة للحضارة الغربية مصالحها، كما يضم جماعات الأصوليين (الحَرْفيين) ممن يرون في كيان الاحتلال أحد بشائر الخلاص.

ما سبق يجعلني – حقيقة – لا أتعجب من الموقف المتشدد الذي تبناه الرئيسان الأمريكيان المتصهينان: “بايدن” و “ترامب” الداعمان والمساندان، بل والمشتركان مع مجرمي الكيان المحتل ( النتن واخوانه ) في ارتكابهم جريمة الإبادة الجماعية ضد شعب فلسطين الاعزل، وهذا الموقف يختلف تماما عن موقف أو نبوءة رئيس أمريكا الأسبق “بنيامين فرانكلين” الذي حذر بني وطنه من اليوم الذي سيسيطر فيه الصهاينة على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي الأمريكي فيما عرف بعد ذلك بـ “وثيقة بنيامين فرانكلين”، منذ 215 عام تقريبا، فقال:

– ” هناك خطر عظيم يهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك الخطر هو (اليهودية)، فحيثما استقر اليهود، نجدهم يوهنون من عزيمة الشعب، ويزعزعون الخلق التجاري الشريف، إنهم كوّنوا حكومة داخل الحكومة، وحينما يجدون معارضة من أحد، فإنهم يعملون على خنق الأمة ماليا، كما حدث للبرتغال وإسبانيا، ومنذ أكثر من 1700 سنة وهم يندبون مصيرهم، لا لشيء إلا ادعاؤهم أنهم طُردوا من الوطن الأم “…..!!، ويضيف:

– ” لكن تأكدوا أيها السادة، أنه إذا أعاد إليهم اليوم عالمنا المتمدن فلسطين ، فإنهم سيجدون الكثير من المبررات لعدم العودة إليها أو الاكتفاء بها . لماذا ؟ لأنهم مثل الطفيليات التي لا تعيش على نفسها، إنهم لا يستطيعون العيش فيما بينهم، إنهم لا بد أن يعيشوا بين المسيحيين وبين الآخرين الذين هم ليسوا من جنسهم “، ويؤكد “فرانكلين”:

– ” إذا لم يُمنع اليهود من الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بموجب الدستور، ففي أقل من مائة سنة سيتدفقون على هذه البلاد بأعداد ضخمة تجعلهم يحكموننا ويدمروننا، ويغيرون شكل الحكومة التي ضحينا وبذلنا لإقامتها دمائنا وأموالنا وحريتنا الفردية، وإذا لم يُمنع اليهود من الهجرة، فإنه لن يمضي أكثر من مائتي عام ليصبح أبناؤنا عمالا في الحقول لتوفير الغذاء لليهود الذين يجلسون في البيوت المالية مرفهين يفركون أيديهم غبطة “، ويوضح الرئيس الأمريكي الأسبق:

– ” إنني أحذركم إذا لم تمنعوا اليهود من الهجرة إلى أمريكا إلى الأبد، فسيلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم، إن عقليتهم تختلف عنا ، حتى لو عاشوا بيننا عشرة أجيال، فإن النمر لا يستطيع أن يغير جلده، اليهود خطر على هذه البلاد .. وإذا سُمح لهم بالدخول إليها فسيخربون دستورنا ومنشآتنا ، يجب منعهم من الهجرة بموجب الدستور”.

في هذا السياق، أتذكر ما كتبه جيمي كارتر – رئيس امريكا الراحل نهاية السبعينيات – عن اللوبي الصهيوني الأمريكي، فقال: “ان كل عضو بالكونغرس لا يجرؤ على انتقاد الصهيونية، لأنه يطرد من الكونغرس، وهنالك جماعة الضغط في الكونغرس التي لها صلاحية تشريع القوانين، وان اولويات الادارة الامريكية هي امن الكيان الصهيوني”.

وهو ذات المنطق الأعرج الذي تبناه الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما مؤخرا، حينما انتقد قرار إسرائيل قطع الإمدادات عن قطاع غزة المحاصر، في خضم الحرب التي تشنها على حركة حماس، محذرا من التداعيات الخطيرة التي ينطوي عليها هذا القرار، حيث جاء تحذير “أوباما” خلال مقال نشره في منصة التواصل الاجتماعي “ميديام” بعنوان “أفكار عن إسرائيل وغزة”، وأضاف أوباما – الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة بين عامي 2009-2017-:
– “إن قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع الغذاء والماء والكهرباء لا يهدد فقط بتفاقم الأزمة الإنسانية، فمن الممكن أن يؤدي أيضا إلى تصلب التوجهات الفلسطينية لأجيال”، وتابع أن القرار يمكن “أن يفضي أيضا لتآكل الدعم الدولي لإسرائيل، وهو ما قد يصب في مصلحة أعداء إسرائيل، ويقوض الجهود طويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”.

الغريب انه خلال عهد “أوباما” شن الاحتلال حربين على قطاع غزة عامي 2012 و2014، وقد ظهر كلا من “كارتر واوباما” في اخر تصريح لهما يؤيدان حق فلسطين بان تكون دولة ، بينما لم يتجرأ احدهما بقول ذلك عندما كانا سيدي البيت الابيض ، حقا، إنه النفاق بعينه …..!!

ما تطرقنا اليه، يقودنا إلى تسليط الضوء على حقيقة دامغة حتى لا ننخدع في ملمس وشكل ونوع وسموم الافاعي الأمريكية، فـ “بايدن” مثل “ترامب”.. كلاهما خادمان في حظيرة بني صهيون، أي أن علاقة أمريكا المتصهينة الآن بعصابة المحتل الصهيوني في أرض شعبنا الفلسطيني ينطبق عليها الوصف الدقيق الذي قاله لرئيس الكوبي الراحل كاسترو عندنا سئل عن الانتخابات الأمريكية عام 1960: – أيهما تفضل نيكسون أم كينيدي؟، فأجاب إجابة رائعة جداً عندما قال:

– لا يمكن المقارنة بين حذاءين يرتديهما نفس الشخص، فأمريكا لا يحكمها إلا حزب واحد فقط، هو الحزب الصهيوني صاحب الجناحين، فالجناح الجمهوري يمثل القوة الصهيونية المتشددة، والجناح الديمقراطي يمثل القوة الناعمة الصهيونية، اذا لا يوجد فرق في الأهداف والاستراتيجيات، أما الوسائل والأدوات، فهي تختلف قليلاً لتمنح كل رئيس نوعاً من الخصوصية ومساحة للحركة.

كلام كاسترو مر عليه الآن أكثر من ٦٠ عاما الآن، وها نحن اليوم نراه حقيقة على أرض الواقع، وذلك بشهادة كلا من: “كارتر” و”أوباما” مؤخرا عن تحكم الصهيونية في القرار الأمريكي، وهنا يجب أن ندرك تماما خشية أي مسؤول في أي إدارة أمريكية من فقدان منصبه أو تشويه سمعته أو قطع رزقه والقضاء على مستقبله السياسي، إن هو تجرأ وكشف للرأي العام الأمريكي حقيقة تحكم اللوبي الصهيوني في سياسة بلادهم الخارجية والداخلية.

المفارقات السابقة تقودنا – حتما – إلى مناشدة كل من خدعته حيل ومكر بني صهيون، وما روجوا له مؤخرا عما يسمي – زورا وبهتانا – الدين الإبراهيمي الذي – رفضه جملة وتفصيلا – شيخ الأزهر الشريف د. أحمد الطيب، مؤكدا أنه “محاولة لخلط التآخي والتسامح بين الأديان وإلغاء الفروق بينها”….!!

وما يهمني جدا هنا كـ “عربي – مسلم” توضيح ما يدور حاليا من جرائم يندى لها جبين البشرية بحق شعبنا الفلسطيني على يد عصابة مجرمة من البشر تنتمي لبني صهيون ( ترامب ونتانياهو وفريق عملهما نموذجا )، ظنا منها ( العصابة الصهيونية ) أنها بهذا الاجرام ستستطيع تنفيذ حلمها التوراتي الكاذب “من النيل إلى الفرات”…..!!، توراة بني صهيون المحرفة بالطبع، تلك التي تهدد مصر على لسان رب إسرائيل بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتكاد تكون التوراة – كما أشار عالمنا الجليل دكتور مصطفي محمود في مؤلفه “التوراة” – منشورًا سياسيًا ضد مصرنا الحبيبة تحديدا دون سائر البلدان….!!

فمنذ أيام سيدنا نوح – عليه وعلى حبيبنا المصطفى وبقية أنبياء الله أفضل الصلاة والسلام – ودون سبب واضح يلعن “نوح” أبناء ولده “حام”، وهم “المصريون والفلسطينيون”، ويدعو عليهم بأن يكونوا عبيدًا مستعبدين لنسل ابنه المحبوب “سام” مدى الدهر…!!، كما تسوق لنا التوراة أيضًا أن “نوح” سكر وتعرى داخل خبائه، فأبصر الابن الصغير “حام” عورة أبيه مكشوفة فأخبر أخويه “سام و يافت”، فجاءا وسترا عورة أبيهم…!!

وهنا لا نرى أى سبب يدعو لصب اللعنات التوراتية التي تنال من أجيالنا، وأجيال أجيالنا إلى مدى الدهر، خاصة وأن أولاد “حام” كانوا صغارًا والأب سكران “طينة” على حد قول توراة اليهود وليس توراة الله، ومع ذلك، فالذي يقرأ التوراة كلها، سيكتشف أن الحكاية ليست “نوح”، وإنما هناك ثأر قديم وحقد دفين بين شعب إسرائيل وأرض مصر منذ أيام الفراعنة وحتى الآن…!!، كما تُطلق التوراة على مصر منذ هذا التاريخ “بيت العبودية” نظرَا لما عاناه شعب إسرائيل من اضطهاد أيام الفراعنة على يد أحد حكام الهكسوس، وليس حكام مصر كما يدعون ويروجون لذلك، وهذا ما أثبته في كتاب لي بعنوان “توت عنخ آمون.. والحقيقة الغائبة”…!!

فقد كان مفهوما بعد أن بعث الله “موسى و هارون” إلى فرعون وقضى على مصر بآيات مُدمرة مهلكة أن ينتهى هذا الحقد وهذا الثأر إلى الأبد، ولكن قارئ التوراة يكشف عكس ذلك تمامًا، إذ تدعي التوراة أن شعب إسرائيل قد صب جام حقده معه ووضع ثأره بين عينيه، ولم يكفه ما أنزله الله بمصر من نكبات، فبطول التوراة وعرضها لا يأتي ذكر مصر – كما قلنا – إلا ومعه لعنة ووعيد أو تهديد أو نبوءة بالدمار والخراب…….!!!

وفي الإصحاح 15 سفر التكوين نقرأ: – وفي ذات اليوم قطع الرب إبراهيم ميثاقا قائلاً : لنسلك، أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”، والمراد بنسل إبراهيم في التوراة هم أبناء إسحاق ويعقوب، وليس نسل إسماعيل، فإسماعيل غير معترف به لأنه من نسل الجارية المصرية هاجر، وهو فرع ملوث لا نبوة فيه ولا أمل، ثم تتوالى الوعود والعهود ونقرأ في الإصحاح 11 من سفر أشعيه:

– ويكون في ذلك اليوم أن يجمع الرب جميع المشتتين والمنفيين من أبناء بنى إسرائيل ويهوذا من أربعة أطراف الأرض، لينقض الجميع على أكتاف الفلسطينيين عربًا وينهمون بنى مشرق معًا، يكون على آدم وموآب امتداد أيديهم وبنو عمون في طاعتهم ويبيد الرب لسان بحر مصر ويهز يده على النهر قوة ريحه ويضربه إلى سبع سواق يعبر فيها بنو إسرائيل بالأحذية وتكون سكة لبقية شعبه كما كان لإسرائيل يوم الخروج من أرض مصر…!!

وفي الإصحاح 43 من نفس السفر: – أني أنا الرب، إلهك قدوس إسرائيل مخلصك، جعلت مصر فديتك “. يا سبحان الله !!، إلى هذه الدرجة يجعل الرب من مصر خروف ضحية يذبحه لشعبه الحبيب إسرائيل فدية !!، وفي مكان آخر من ذات السفر: – أهيج مصريين على مصريين، فيحال كل واحد أخاه، وكل واحد صاحبه مدينة – مدينة – ومملكة وتراق روح مصر داخلها، وتضيع مشورتها، فيسأل كل واحد العرافيين والتوابع والجن وأغلق على المصريين في يد حاكم قاس فيتسلط عليهم، وتجف الحياة من البحر ويجف النهر وتنتن الأنهار وتضعف السواقى ويتلف الزروع وتجف الرياض والحقول على ضفاف النيل، والصيادون لا يجدون صيدَا، وكل من يلقى بسطح إلى النيل ينوح، ويكتئب كل عامل بالأجرة…..!!

وإمعانا في الحقد نقرأ: لقد ألقى الرب عليها روح شريرة أوقعت مصر في ضلال وأضلت أبنائها، فإذا بهم يترنحون كالسكران في قيئه فلا يكون لمصر عمل يعمله رأس أو ذنب، في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء ترتعد وترتجف من يد رب الجنود وهو يهزها، وتكون أرض إسرائيل ويهوذا رعبًا لمصر، كل من ذكرها يرتعد، في ذلك اليوم يكون في أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتقدم القرابين لرب الجنود يقال لأحدها مدينة شمس، ويصرخ المصريون، ويقيمون في وسطهم عمودًا ومذبحًا للرب، فيرسل الرب لهم محلميًا مخلصًا يخلصهم ويرجعون للرب فيستجيب لهم ويشفيهم، فى ذلك اليوم تكون سكة مصر إلى آشور “سوريا”، فيجئ الآشوريون إلى مصر ويذهب المصريون إلى آشور، وتكون إسرائيل هي الثالثة وهي البركة في وسط الكل…!!

يا سبحان الله على هذا الحقد، وهذا الغِل وهذا البغض الذي تحمله توراة اليهود المحرفة لمصر خاصة، والمنطقة العربية عامة…!!، وجميعها معتقدات وسياسات خطيرة جدا بحق المنطقة العربية في القاموس الصهيو – أمريكي، بدليل ما زعمه المجرم نتانياهو – رئيس وزراء الكيان المحتل – يوم 28 أكتوبر قبل الماضي في خطابه الذي استعان فيه بفقرات من توراته المحرفة كغطاء لأفعاله الإجرامية ضد سكان قطاع غزة المحاصر، فقال:
– “يقول كتابنا المقدس سفر صموئيل الأول 15: 3، الآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعف عنهم، بل اذبحوا رجلا وامرأة طفلا ورضيعا بقرا وغنما جملاً وحمارا”. إن هذا المجرم، مثله في ذلك مثل المتصهينان الأمريكيان “بايدن وترامب”، فلم يُعرف يوما عنهما قط بأنهما متدنان، حيث توضح بعض التقارير، إن نتانياهو يقتبس من الكتاب المقدس بنفس الطريقة التي يستخدمها كلا من “بايدن وترامب” لجذب الناخبين الصهاينة ومن يدور في فلكهم، والحصول على دعم المتدينين منهم دعما أعمى….!!

فعلى سبيل المثال لا الحصر، نتابع استخدام أو توظيف المجرم نتانياهو سفر صموئيل الباطل لتغطية الأيديولوجية العلمانية التي يقوم عليها حزب الليكود، — بحسب المؤرخ خوان كول في مقاله لمنصة “informed comment”،- عندما قال:

– “لا يوجد دليل أثري على وجود شعب يسمى العماليق، والذين تم تصويرهم في الكتاب المقدس على أنهم يعيشون في ما يعرف الآن بصحراء النقب أو ربما في الأردن، وربما يكون نتنياهو قد أشار إلى الكتاب المقدس لكي يبرر الإبادة الجماعية التي ارتكبها ضد المدنيين في غزة، لكن كتابه المقدس الحقيقي هو الصهيونية التحريفية بأيديولوجيتها الفاشية والاستعمارية الصريحة”، وفي حديث إلى برنامج “قصارى القول” عبر “RT ” الروسية، قال الحاخام حاييم سوفير عميد حركة ناطوري كارتا في بريطانيا:

– “ندين مذابح غزة، وقتل آلاف الأشخاص أغلبيتهم نساء وأطفال، وعلى دول العالم وخصوصا روسيا والولايات المتحدة إرسال جيش دولي للدفاع عن حقوق الأبرياء الفلسطينيين، ويمنع استمرار هذه المذبحة، أننا نرحب بالهدنة ولكنها للأسف مؤقتة، وسمعنا تهديدات جديدة من الصهاينة بأنهم سيدمرون غزة، نحن نتمنى أن نرى الفلسطينيين في غزة وهم يبنون منازلهم التي دمرتها قوات الإرهاب الصهيونية، إن أغلبية سكان غزة هم لاجئون طردهم الصهاينة عام 1948، نتمنى من الولايات المتحدة تنفيذ قرار 194 بحق العودة لـ7 مليون فلسطيني للعودة إلى فلسطين لحياتهم وبلادهم التي طردهم الصهاينة منها”، واعتبر سوفير إن:

-“رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “كافر، ويأكل لحم الخنزير وكل ما هو ممنوع على اليهود أكله، هو كافر ووالده كافر، الحاخامات الذين يتحدثون عن أن التوراة تسمح بقتل الأطفال والنساء يخدمون القضية الصهيونية، التوراة لا تسمح باحتلال فلسطين والشعب الفلسطيني، قتل الأبرياء أمر بشع، وهذا أمر مرفوض، إن إسرائيل ليس لها حق الدفاع، وهذا الأمر مكتوب 100 بالمئة في التوراة”، مضيفا:

– “الدولة الصهيونية جزء من أمريكا، هؤلاء المسيحيون الإنجيلين يدعمون الدولة الصهيونية لأنهم يؤمنون بأنه إذا أسس اليهود دولة في فلسطين سيأتي المسيح عيسى ويغير دينهم اليهودي إلى المسيحي، هذا الأمر ليس سرا، ونتمنى إزالة الدولة الصهيونية وأن نعيش يهود ومسلمين في فلسطين وكل مكان في العالم، للأسف هناك يهود صهاينة زوروا التوراة، النجاح يكون بحياة مشتركة مع الفلسطينيين، ترجمات التوراة هي صحيحة 100 في المئة، والتي تنص على أن قيام الدولة الصهيونية في فلسطين ممنوع، رب العالمين طردنا من هذه الأرض المقدسة، ولدينا أمر إلهي بأن نعيش مع المسلمين تحت جناحهم بسلام وتعايش، ممنوع أن نقيم دولة صهيونية في فلسطين أو أمريكا أو أوروبا”، وتابع:

– “هناك توراة واحدة من النبي موسى وتنص على أن نعيش مع المسلمين، لا حل آخر لليهود، دون أي هوية صهيونية أو هوية وطنية خاصة، لا يوجد أي ترجمة للتوراة تسمح بقتل الأبرياء وقيام الدولة الصهيونية”،

كلام الحاخام حاييم سوفير – عميد حركة ناطوري كارتا في بريطانيا – منطقي جدا، اذا كان هناك توراة واحدة فقط يؤمن أصحابها بما قاله وأوضحه، لكن الواقع على الأرض يقول غير ذلك تماما، فتأييد أمريكا وأوروبا المطلق لجرائم اسرائيل بحق أهلنا في فلسطين، ثم إرسالهم تلك الأسلحة الفتاكة إلى المنطقة للمشاركة في إبادة الشعب الفلسطيني، وانشاء قاعدة عسكرية تحتوى على كل أنواع الأسلحة بما فيها السلاح النووي، ليس له غير هدف واحدد فقط، وهو سرقة ثروات المنطقة، وتحديدا غاز المتوسط، إضافة الى الحفاظ على إبقاء دولة الاحتلال قوية ومتفوقة على العرب جميعا، وهذا جانب سياسي وعسكري لم يعد خافيا على احد.

أما الجانب العقائدي، فيعتقد البعض أن التوراة هى كتاب اليهود المقدس الوحيد، لكن ذلك ليس صحيحا، فهناك كتب أخرى ومصادر مختلفة فى الديانة اليهودية، وحسب كتاب (أنبياء سومريون” لـ خزعل الماجدي، والصادر عن المركز الثقافى للكتاب) يجب التفريق بين مصطلحات العهد القديم والتناخ والتوراة، فهناك الكتاب المقدس (بابيل): العهد القديم والعهد الجديد ويحتوى الجزء الأكبر من الكتاب المقدس وفيه كتب اليهود كلها بما فيها التوراة (الكتب الخمسة الأولى) وبقية الكتب والأسفار اليهودية الرسمية، وتسمية العهد القديم تسمية مسيحية للكتاب المقدس اليهودى الذى يسمونه بـ تناخ.
والتناخ هو: (ت ن خ): كلمة مركبة من ثلاث أحرف (رؤوس الكلمات) كل منها بداية لاسم مجموعة من الكتب وهى (توراة – نفيئيم – كتوفيم/ ختوفيم) تمثل الكتاب المقدس اليهودى، وهو أكثر أسماء الكتاب المقدس العبرى شيوعا فى الأوساط العلمية، وأحيانا يسمى التناخ المقرأ، أى إنها مكونة من ثلاثة أقسام، هى: التوراة (توراة): قسم الشريعة.. الأنبياء: (نيفيئيم): قسم الأنبياء.. الكتابات (كتوفيم): قسم الأدبيات.

أما بالنسبة لأقسام الكتاب المقدس اليهودى (تناخ): ينقسم الكتاب المقدس العبرى (تناخ) إلى ثلاثة أقسام، منها التوراة:وهى كلمة من أصل عبرى مشتقة من فعل “يوريه” بمعنى “يعلم” أو “يوجه” وربما كانت مشتقة من فعل “باراه” بمعنى “يجرى قرعة”، ولم تكن كلمة “توراة” ذات معنى محدد فى الأصل، إذ كانت تستخدم بمعنى “وصايا” أو “شريعة ” أو “علم” أو “أوامر” أو “تعاليم”.

وبالتالى كان اليهود يستخدمونها للإشارة إلى اليهودية ككل، ثم أصبحت تشير إلى البنتاتوخ أو أسفار موسى الخمسة (مقابل أسفار الأنبياء وكتب الحكمة والأناشيد)، ثم صارت الكلمة تعنى العهد القديم كله، مقابل تفسيرات الحاخامات، ويشار إلى التوراة أيضا بأنها القانون أو الشريعة، ويبدو أن هذا قد تم بتأثير الترجمة السبعينية التى ترجمت كلمة “توراة” بالكلمة اليونانى “نوموس” أى “القانون”، وقد شاع هذا الاستخدام فى الأدبيات الدينية اليهودية حتى أصبحت كلمة “توراة” مرادفة تقريبا لكلمة شريعة.

وهى الكتب أو الأسفار الأولى الخاصة بالخليفة والعالم القديم والشرائع، وهى كما يلى: – سفر التكوين بالعبرية (براشيت) فيه خلق العالم، وقصة آدم وحواء وأولادهما، ونسلهما من الآباء من شيت إلى نوح ثم الطوفان، ثم تبلبل الألسن، ثم قصة إبراهيم وابنه إسحاق وابنه يعقوب وعيسو ثم قصة يوسف. – سفر الخروج بالعبرية (شموت) أى خروج اليهود من مصر، وفيه قصة موسى من ولادته وبعثته،وفرعون وخروج بنى إسرائيل من مصر، وصعود موسى الجبل واستلامه الألواح من الله. سفر اللاويين: وهم الأحبار،وفيه حكم القربان والطهارة وما يجوز أكله وغير ذلك من الفرائض والحدود. سفر العدد: فى الشرائع وفى أخبار موسى وبنى إسرائيل فى التيه وقصة البقرة. سفر التثنية: فى إعادة الناموس.

بناء على ما تم ذكره، لا بفوتنا ما أكد عليه وأوضحه عدد لا بأس به من أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، استكمالا لما أشرنا إليه في البداية على لسان شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، فيقول د. محمود مهنا:

– إن “الأديان الإبراهيمية، أو الأديان التوحيدية التي تؤمن بوجود إله واحد خالق للكون، وملة إبراهيم، هي مجموعة من الإملاءات الربانية لسيدنا إبراهيم عليه السلام، ومنها انبثقت الديانات الإبراهيمية أو ما يعرف في شرائعنا بالديانات السماوية وهي اليهودية والمسيحية، وآخرها الدين الخاتم للرسالات السماوية الإسلام”، بمعنى أوضح فأن الدين الإبراهيمي الجديد – بحسب هيئة العلماء – مصدره مراكز بحثية ضخمة وغامضة، انتشرت مؤخرا في ربوع العالم، وأطلقت على نفسها اسم “مراكز الدبلوماسية الروحية”.
هذا وقد تم إطلاق هذا المصطلح كان بغرض سياسي أخذت مراكز الدبلوماسية الروحية التي تعمل في إطار نشر المحبة والتسامح على عاتقها مهمة دعوة كبار رجال الدين في الأديان الإبراهيمية الثلاث، من أجل إيجاد قيم عامة مشتركة بين الأديان، مثل: المحبة، والتسامح، المساواة، والتعايش، وتقبل الآخر، وكل هذه المسميات، تدعي التنوير والتدين، وتأخذ في إعادة تأويل النصوص الدينية، ونصوص التفسير لتمهيد الطريق لعمل مراكز “الدبلوماسية الروحية” التي تنتشر في مراكز الصراع، وتركز على قيم الود والتسامح، وخاصة ما يختص بالقضايا الشائكة في الشرق الأوسط.

كما سلط شيخ الأزهر الضوء علي الدين الإبراهيمي، بما يحمله من دعوات، مثلها مثل دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و”الأخلاق العالمية” وغيرها – وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته- إلَّا أنها هي نفسَها، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: «حرية الاعتقاد» وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضمنته الأديان، وأكَّدت عليه في نصوص صريحة واضحة، ثم هي دعوةٌ فيها من أضغاث الأحلام أضعافَ أضعافِ ما فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها.

فيما أعلن القمص بنيامين المحرقي، الأستاذ بالكلية الإكليريكية بالأنبا رويس، رفضه الدعوة إلى الديانة الإبراهيمية، لأنها دعوة مسيسة تحت مظهر مخادع واستغلال الدين. لذا، نناشد الاشقاء العرب والمسلمين الذين اختلط عليهم مثل هذه الأكاذيب الدعائية الصهيونية: السياسية، العسكرية، الدينية، باسم الإنسانية، ا يراجعوا مواقفهم مع هذا العدو اللعين صاحب التاريخ البشري الأسود ضد الأنبياء والرسل وكل شعوب الأرض قديما وحديثا.

فاليهود الذين نراهم اليوم هم اليهود الذين غَضِبَ عليهم ربُّنا ولعنهم من فوقِ سبعِ سمواتٍ، لم يختلفوا عن أجدادِهِم، بل إنهم حاربوا الإسلامَ اليوم بوسائلَ أشدّ مكرًا وأعظمَ، وما عملهم في الأقصى وجنين وغزة وسائرِ فلسطين عنكم ببعيد، وحين تردُ الآياتُ في القرآنِ تترى متحدثةً عن حال اليهودِ فإنما ليحذر الله منهم، ولذلك كان تاريخُهُم مع الإسلام وعبر التاريخ ظلامٌ في ظلام، وأيديهم القذرة ملأى بالإجرامِ، فلقد بدأت عداوةُ اليهودِ للدين منذ سطع نورهُ وأشرقت شمسه، فشرق به اليهود وأعلنوا عداوتهم له منذ أن والوه حقدًا، نَزَعَ الله النبوة مِنهم لما كانوا لها غير أهل، وجعلها لمحمدٍ، {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.. عداوة دائمة وقائمة…..؟!!

فعداوةُ اليهودِ لهذا الدين ولأُمَتهِ ونبيِّه عبر القرون، رُوي في السير أنَّ النبي لما قدمِ إلى المدينة وجدَ فيها ثلاثَ قبائلَ من اليهودِ، فعقدَ معهم أن لا يخونوا ولا يؤُذوا، لكنَّ طبعهَم اللئيم وسجيتهم أبت إلا أن ينقضوا ويغدروا، فأظهر بنو قينقاع الغدر بعد أن نصَر الله نبيَّه في بدر، فأجلاهم عليه الصلاة والسلام، وأظهر بنو النضير الغدرَ بعد غزوة أحد، فحاصرهم عليه الصلاة والسلام وقذف اللهُ في قلوبهم الرعب، وبنو قريظة نقضوا العهد في أشد أزمة مرت بها المدينة يوم الأحزاب، فقبل فيهم رسول الله حكم سعد بن معاذ بقتل مقاتليهم وسبي نسائهم وقسم أموالِهم.

ومن غدرهم بخاتم الأنبياء حين فتح خيبر أن أهدت له امرأةٌ يهوديةٌ شاةً مسمومةً، فأكلَ منها فأثرت عليه حين وفاته، فكان يقولُ: “ما زلتُ أجدُ من الأكلةِ التي أكلتُ من الشاةِ يومَ خيبر وهذا أوانُ انقطاعُ أبهري”. ولبيد بن الأعصم اليهودي هو الذي سحر النبي، فصرف الله أذى السحر عن جسد رسول الله بسرِّ الدعاء والالتجاء إليه، وأنزل عليه سورتي المعوذتين حفظًا له وللمسلمين من بعده. فاليهودُ تعلموا أصول السحر باتباع ما تتلو الشياطين ومن ملكي بابل هاروت وماروت.. صفات اليهود المتلونة.. ومكائدهم المستمرة.. إنها خلالُ اليهودِ، يسفهُون إذا أمنُوا، ويَقْتلُون إذا قَدِرُوا، ويذكِّرون الناسَ بالمثل العليا وبالحقوق إذا وجلوا لفائدتهم وحدهم، وأما العهود والمواثيق فهي آخر شيءٍ يقفون عنده، { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}.. ( البقرة – 100 )، بالغوا في وصف ما وقع لهم من مذابح في أواسط القرن الماضي إن صحت، العالم يكفِّر عن ذلك حتى اليوم، { قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}.. ( آل عمران – 180 ) صدق الله العظيم.

تلخيصا، ومن الأهمية بالذكر الإشارة الي تاريخ اليهود خلال الالف عام الماضية حول العالم، فهم – بكل صدق وأمانة – لم يصلحوا للعيش مع غيرهم وبأعمالهم كما يوضح هذا التسلسل التاريخي القصير الذي يتعلق بعلاقتهم بغيرهم من الشعوب:

– عام 1080طردوا من فرنسا.. عام 1098 طردوا من جمهورية التشيك.. عام 1113 طردوا من كييفان روس (فلاديمير مونوماخ).. عام 1113 كانت مذبحة اليهود في كييف ثم طردوا منها.. عام 1147طردتهم فرنسا.. عام 1171 طردوامن إيطاليا.. أعوام: 1188و 1198و 1290طردوا من إنجلترا.. عام 1298 طردتهم سويسرا (إعدام 100 يهودي شنقًا).. عام 1306طرد تهم فرنسا (3000 أحرقوا أحياء).. عام 1360 طردتهم المجر.. عام 1391 تم طردهم من إسبانيا (إعدام 30 ألفًا، وحرق 5000 أحياء).. عام 1394 طردوا من فرنسا.. عام 1407 طردوا من بولندا. وفي العام 1492طردوا من إسبانيا (قانون يمنع اليهود من دخول البلاد إلى الأبد).

وفي عام 1492طردوا من صقلية.. عام 1495طردوا من ليتوانيا وكييف.. عام 1496طردوا من البرتغال.. عام 1510طردوا من إنجلترا.. عام 1516 طردوا منالبرتغال.. عام 1516 قانون في صقلية يسمح لليهود بالعيش في الأحياء اليهودية فقط.. عام 1541 تمطردهم من النمسا.. عام 1555 طردتهم البرتغال.. وفي نفي العام صدور قانون في روما يسمح لليهود بالعيش في الأحياء اليهودية فقط.. عام1567 طردتهمإيطاليا.. عام 1570 طرتهم ألمانيا (براندنبورغ). وفي 1580تم طردهم من نوفغورود (إيفان الرهيب).. وفي 1592 طردوا منفرنسا.. وفي 1616 طردتهم سويسرا.. وفي 1629 طردتهم إسبانيا والبرتغال (فيليب الرابع).. وفي 1634 طردوا من سويسرا.. وعام 1655 طردتهم سويسرا.. وعام 1660 تم طردهم من كييف.. وفي العام1701 تم طردهم الكامل من سويسرا (مرسوم فيليب الخامس).. وعام 1806 أنذرهم نابليون فيما عرب بـ “انذار بادارجا”.. وعام 1828طردوا أيضا من كييف.. وعام 1933طردتهم ألمانيا فيما عرف بعد ذلك بـ “الإبادة الجماعية”.

الواجب معرفته، والاشارة اليه هنا، هو أن اليهود لم تتحملهم جميع شعوب العالم، وتتحمل شرهم إلا الشعوب الإسلامية، هي التي تحملتهم، مع ملاحظة أنهم طوال هذا التاريخ من التنكيل بهم من شعوب الأرض، لم يحسوا بأمان أو احترام الا فى ظل المسلمين، ولكنهم كالعادة خانوا الأمانة…..!! .. مصادر متعددة: أجنبية وعربية، أهمها كتاب “التوراة” للدكتور مصطفي محمود – رحمه الله تعالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى