ارتفاع غير مسبوق في معدلات الهدم الذاتي في القدس الشرقية

يارا المصري
شهدت الأشهر الأخيرة زيادة غير مسبوقة في عدد سكان القدس الشرقية الذين اختاروا هدم مبانٍ شُيّدت دون تصاريح قانونية، ويعود هذا التوجه إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها الرغبة في تجنب دفع غرامات هدم باهظة قد تصل إلى مئات الآلاف من الشواكل.
وتشمل الأسباب الأخرى الخوف من الوقوع في إجراءات قانونية طويلة ومعقدة، بالإضافة إلى التهديد الأمني الذي يشكله التواجد المكثف للشرطة في الأحياء.
وفي حديث مع أحد سكان حي سلوان، الذي هدم جزءًا من منزله بنفسه، قال: “في البداية، شعرت بالحرج من الاعتراف بموافقتي على تنفيذ الهدم بنفسي، ولكن عندما فكرت في البديل – دفع غرامة قدرها 120 ألف شيكل – لم يكن لدي خيار آخر. أحتاج إلى هذا المال لإعادة بناء عائلتي وإيجاد منزل بديل، وللاعتناء بأطفالي. صحيح أن الأمر كان صعبًا، ولكنه أهون الشرين”.
فقد وجد ساكن حي السلوان في القدس الشرقية، نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن يهدم الشقة التي أقامها لابنه على سطح منزله بيديه أو أن يتكبد تكاليف قيام البلدية الإسرائيلية بالهدم فاختار الأول.
وفي السنوات القليلة الماضية تحول “الهدم الذاتي” إلى ظاهرة تخير بها السلطات الإسرائيلية في القدس الشرقية، حيث يضطر الفلسطيني لهدم منزله لتفادي دفع غرامات مالية باهظة حال تنفيذ السلطات الإسرائيلية لعملية الهدم.
وتنذر البلدية الإسرائيلية في القدس فلسطينيين بين هدم منازلهم ذاتيا أو دفع تكاليف إرسال طواقم إسرائيلية لتنفيذ الهدم.
وقال الساكن عن تجربته: “قالوا (البلدية الإسرائيلية) لنا بوضوح: إذا لم تهدموا الشقة بأيديكم، فإننا سنهدمها ونغرمكم تكلفة الهدم كاملة وما يترتب على عملية الهدم هذه”.
وتقدر غرامة تكلفة الهدم من قبل البلدية حوالي 120 ألف شيكل (قرابة 32 ألف دولار أمريكي).
تطل الشقة، والواقعة في الطابق الثالث من مبنى قديم، على قبة الصخرة المشرفة بالمسجد الأقصى.
وبحسب التقديرات الرسمية الإسرائيلية فقد بلغ عدد سكان القدس الشرقية الفلسطينيين نحو 370 ألفا بمقابل نحو 230 ألف مستوطن تقول حركة السلام الآن الإسرائيلية إنهم يعيشون في 14 مستوطنة مقامة على أراضي المدينة.
وفي حين تقول منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية إن السلطات الإسرائيلية تقيد البناء غير القانوني الفلسطيني في المدينة، فإنها تشير إلى أن السلطات تمنع كذلك إصدار رخص البناء بشكل غير قانوني على المستوطنين.
وتهدم السلطات الإسرائيلية المنازل التي تصفها ب”غير قانونية” أو تدع الاختيار لأصحابها على هدمها ذاتيا لتفادي تغريمهم تكاليف الهدم.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في تقرير مكتوب، إن الهدم في القدس الشرقية والمنطقة “ج” التي تشكل 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية، يتم “بسبب الافتقار إلى رخص البناء التي تصدرها إسرائيل مع إمكانية حصول الفلسطينيين عليها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى