دينا كرم الدين تكتب: حين يحاول الصدى أن يصبح صوتًا

حين يحاول الظل أن يصبح جسدا يفقد الاثنان معناهما.. الظل لا يلام إن سار خلف صاحبه …لكن يلام إن قرر أن يتقدمه. فهناك مهام لا تليق إلا بمن خلق لها .
حين تتداخل الأدوار وتضيع الحدود يفقد كل كيان هيبته ووظيفته .
حين تسند المهام بغير أصحابها الطبيعيين …تصبح كمن يطبخ بغير طاهى ويداوي بغير طبيب .
عندما تعطى أدواراً لغير أهلها اختل المسرح وسقط الستار قبل أن يبدأ المشهد. ما من آلة عزفت لحنها بإتقان إلا لأن كل وترٍ فيها كان في مكانه.
وما من منظومة انهارت إلا حين قررت أن تكون الكل.
النية الطيبة لا تصنع وحدها نتيجه والقوة الحقيقية لا تقاس بما تسيطر عليه ..بل بما تتقنه….وما تتركه في موضعها الصحيح . من أراد أن يكون كل شيء… خسر كل شيء…ومن ظن أن المكانة تعوض المعرفة… جر على نفسه سقوطًا لا ينسى… فكن أنت ولا تحاول أن تكون غيرك. ففي التجاوز ذوبان.
وفي التعدي فقدان. وفي خلط المواقع نهاية صامتة لا يراها إلا من تامل بهدوء ..في بعض البلاد لا تنهض الأمم إلا حين يدرك كل عنصرٍ موقعه ويحسن أداءه ..ويعي أن الاتقان لا يولد من ازدواج المهام بل من صفاء التخصص.
الخلط بين الأدوار لا يصنع قوة بل ينتج كيانًا مشوه الوظيفة فيرهق ذاته ويربك محيطه.
ولأن تتداخل المسارات يسبب فى خلل النسيج العام فتختصر الكفاءات في أوامر .
ويستبدل العقل المدرب بإدارة لا تملك أدواتها ولا تاريخها ..إن بناء الدول لا يكون بتجميع المهام بل بتوزيعها ولا بنقل الصلاحيات من موقع إلى آخر …بل بإعداد المواقع لتنتج ذاتها بذاتها ..وفق وظيفة محددة ودور معلوم ومسؤولية لا تحتمل الازدواج .
من يختزل الدولة في جهة يقتل فكرة الدولة نفسه.. من يظن أن السيطرة تحقق الاستقرار فليراجع خرائط السقوط من حوله .. لقد شهد التاريخ نماذج سقطت لا لأنها كانت ضعيفة …بل لأنها لم تُحسن التوقيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى