المستشارة هدى الخضراوي تكتب عن : القرود الطائرة في مصر

النرجسي السيكوباتي الخفي: تشويه من خلف الستار وجيش من القرود الطائرة

في عالم العلاقات السامة، هناك نوع من الشخصيات التي تبدو للوهلة الأولى مثالية ومرنة، لكنها في الحقيقة تُخفي وجهًا مظلمًا من التلاعب والسيطرة. هذا النوع هو النرجسي السيكوباتي الخفي، الذي يتقن فنون الخداع ويُدير حملات التشويه من خلف الستار، مستعينًا بجيش من المخلصين له، المعروفين باسم “القرود الطائرة”.

أهداف النرجسي السيكوباتي الخفي:
1. السيطرة المطلقة:
النرجسي السيكوباتي الخفي يسعى إلى إحكام سيطرته على الضحية، مستخدمًا أساليب غير مباشرة من التشكيك والابتزاز العاطفي، مما يجعل الضحية تشعر بالضعف والعزلة.
2. التلاعب النفسي طويل الأمد:
يعتمد هذا النوع من النرجسيين على تدمير ثقة الضحية بنفسها، مستخدمًا التلاعب العاطفي والكلمات المغلفة بالنصح الكاذب. الهدف هو خلق حالة من الاعتمادية النفسية، حيث لا تشعر الضحية بأنها قادرة على اتخاذ قرار بمفردها.
3. العزلة الاجتماعية:
يقوم بتفريق الضحية عن أصدقائها وعائلتها، مستخدمًا الأكاذيب والإشاعات، مما يجعلها محاطة فقط بأشخاص موالين له، أو بما يُعرف بـ”القرود الطائرة”.

حملات التشويه (Smear Campaigns):

حملات التشويه هي واحدة من الأسلحة الرئيسية التي يستخدمها النرجسي الخفي لإضعاف الضحية اجتماعيًا ومهنيًا.

كيف يدير حملات التشويه؟
1. نشر الأكاذيب والمعلومات المغلوطة:
يقوم النرجسي باختلاق قصص وأكاذيب بهدف تشويه صورة الضحية أمام معارفها، وغالبًا ما تكون هذه الأكاذيب مقنعة لدرجة يصعب دحضها.
2. استغلال وسائل التواصل الاجتماعي:
في عصر الإنترنت، يمكن للنرجسي السيكوباتي أن يستخدم وسائل التواصل لنشر الإشاعات بسرعة البرق، مما يُحدث ضررًا كبيرًا في وقت قصير.
3. إظهار دور الضحية:
النرجسي الخفي يتقن لعب دور الضحية، فيُقنع من حوله بأنه المتضرر الحقيقي، مما يكسب تعاطف المحيطين ويجعل الضحية تبدو كأنها المعتدي

جيش القرود الطائرة (Flying Monkeys):

مصطلح “القرود الطائرة” يعود في أصله إلى فيلم “The Wizard of Oz”، ويُطلق في علم النفس على الأشخاص الذين يقومون بأدوار مساعدة للنرجسي، سواء عن قصد أو دون وعي.

كيف يستغلهم النرجسي؟
1. نقل المعلومات:
يطلب النرجسي من “القرود الطائرة” نقل معلومات عن الضحية، سواء كانت خاصة أو شخصية، ليستغلها في حملات التشويه أو الابتزاز.
2. نشر الأكاذيب:
القرود الطائرة يقومون بتكرار الأكاذيب التي ينشرها النرجسي، مما يمنحها مصداقية أكبر في أعين الآخرين.
3. التنمر والإحراج العلني:
في بعض الأحيان، يقومون بمهاجمة الضحية بشكل مباشر، سواء في المناسبات الاجتماعية أو على وسائل التواصل، بهدف إضعافها نفسيًا.

مثال واقعي:
إحدى الضحايا روت أنها كانت تتعرض للتنمر العلني من أصدقاء مشتركين، بعدما نشر النرجسي شائعات عنها، وأصبحوا ينقلون الأكاذيب بين زملائها في العمل حتى شعرت بالعزلة التامة.

الحماية القانونية من التشويه وجيش القرود الطائرة:

إذا وصلت حملات التشويه إلى مستوى الأذى الملموس، يمكن اللجوء إلى القانون لحماية الحقوق وردع المعتدين.

القوانين المصرية التي تحمي من التشويه:
• المادة 302 من قانون العقوبات: تُجرم القذف والتشهير، وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة سنة.
• المادة 306 من قانون العقوبات: تعاقب على السب العلني، بعقوبة الحبس 6 أشهر وغرامة مالية.
• قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (2018): يجرم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التشهير، بعقوبة تصل إلى 3 سنوات سجن.
كيف تتعامل الضحية مع حملات التشويه؟
1. تسجيل وحفظ الأدلة:
• الاحتفاظ برسائل البريد الإلكتروني، محادثات الواتساب، والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
2. التقدم ببلاغ رسمي:
• تقديم شكوى في مباحث الإنترنت لتتبع الحسابات المسيئة.
3. طلب أمر قضائي بمنع التعرض:
• يمكن إصدار أمر قضائي لمنع النرجسي من الاقتراب أو الاتصال بالضحية.
4. تعزيز العلاقات الاجتماعية:
• كسر العزلة عن طريق تعزيز العلاقات مع الأشخاص الموثوق بهم وإحاطتها بدائرة داعمة.

النرجسي السيكوباتي الخفي هو عدو صامت يتخفى خلف أقنعة البراءة والمثالية، لكنه في الحقيقة يُدير حروبًا نفسية من خلف الستار، مستخدمًا جيشًا من “القرود الطائرة”. الوعي بخططه وأساليبه، إلى جانب اللجوء للقانون، هما السلاح الأمثل لمواجهة هذه الشخصية المدمرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى