كيف نتصدي للصور والفيديوهات الجنسية المفبركة

بقلم الدكتور/ محمد شومان

ادى التقدم السريع فى تقنيات الذكاء الاصطناعى إلى ظهور مجموعة جديدة من التحديات والاشكاليات السياسية والقانونية والأخلاقية

أول قانون أمريكى لمنع الاعتداء الجنسى القائم على الصور سواء كانت حقيقية أو مُعدلة رقمياً، وإلزام شركات التواصل الاجتماعى بسرعة إزالتها .
أدى التقدم السريع فى تقنيات الذكاء الاصطناعى إلى ظهور مجموعة جديدة من التحديات والاشكاليات السياسية والقانونية والأخلاقية ، من بين هذه التحديات الصور والفيديوهات المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، مثل التزييف العميق «Deep fake» – ظهرلأول مرة عام 2017 – واستنساخ الصوت والصور وغيرها ، ويتسم هذا المحتوى بالإتقان الفائق والواقعية مما يسبب ضرراً جسيماً للأفراد والشركات ، واعتداء على الخصوصية الشخصية والسمعة وحتى الأمن القومى .
وعلى سبيل المثال يمكن أن يستيقظ شخص ما ليجد صوراً عارية له، تغزو مواقع التواصل الاجتماعى وتحقق ملايين المتابعات، أو أن يتلقى هذه الصور فى بريده مع تهديدات بالنشر بهدف الابتزاز المالى أو الجنسي، ولا أحد بمنأى عن هذا السيناريو المخيف ، والذى تعرض له فنانون ومشاهير وفتيات وسيدات عاديات ومراهقين وأطفال فى استراليا وأمريكا وأوروبا وكوريا وغيرها ، وكانت الضجة التى أثيرت العام الماضى حول نشر مقاطع فيديو إباحية مفبركة لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت بمثابة جرس إنذار عالمى نبه إلى ضرورة التحرك السريع لمواجهة هذه الجريمة ، حيث ظلت صور سويفت متداولة دون أى تدخل من منصة إكس، لمدة 17 ساعة، وحصلت على نحو 45 مليون مشاهدة، و24 ألف إعادة نشر، كما حصلت على إعجاب من آلاف الحسابات!! قبل أن تتدخل المنصة وتحذف الصور وتحجب البحث عن اسم تايلور سويفت .
هذه الفضيحة وغيرها طرحت تساؤلات جوهرية حول مستقبل خصوصية مستخدمى الإنترنت فى ظل هذه القدرات التوليدية الآخذة بالتطور للذكاء الاصطناعي، وحول سبل الحماية من الآثار المترتبة على انتشار هذه التقنيات على نطاق واسع فى ظل وفرة وانكشاف المعلومات والصور الشخصية لمستخدمى الإنترنت حول العالم ، وامكانية إنتاج فيديوهات اباحية غير رضائية ، جرى استخدامها فى حالات كثيرة للتنمر والابتزاز والتحرش وتشويه السمعة ، من دون أن يكون للضحايا حقوق فى التصحيح ورد الاعتبار أو طلب التعويض ، من هنا بادرت مؤخرا دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا واستراليا وغيرها بسن قوانين جديدة من نوعها تنظم عمل المنصات التى تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي، ويضمن آلية حماية للخصوصية ، وأقر القانون الاسترالى عقوبة تصل إلى السجن 6 سنوات ضد الانتقام الإباحي، لكن حقوقيين وقانونيين يرفضون استعمال توصيف هذه الجريمة بـ»الانتقام الإباحي، لأن هناك دوافع أخرى، مثل الابتزاز لصالح الحصول على المال، أو إكراه الضحية على فعل ما، وبالتالى من الأدق القول «الصور الحميمية غير التوافقية» أو «الاعتداء الجنسى القائم على الصور».
وهو المصطلح الذى استخدمه الكونجرس الأسبوع الماضى فى سن أول قانون أمريكى يهدف إلى مكافحة نشر الصور والمقاطع الحميمة غير المرخصة ، لحماية الخصوصية ومنع هذه الجريمة ، ويجرم قانون «Take It Down Act» أو ما يمكن ترجمته بقانون إزالة العوائق نشر أو التهديد بنشر صور أو مقاطع حميمة دون موافقة الشخص المعني، سواء كانت حقيقية أو مُعدلة رقمياً، ويعتبر هذا النشر جريمة فيدرالية ، ويواجه المخالفون عقوبات تصل إلى السجن لمدة عامين، وتزيد إلى ثلاثة أعوام إذا كانت الضحية قاصراً، كما يلزم منصات التواصل الاجتماعى بسرعة إزالة هذا المحتوى المخالف والمبلغ عنه خلال 48 ساعة .
وحظى القانون بدعم الحزبين الجمهورى والديمقراطى ، ومع ذلك يرى البعض أن إزالة المحتوى خلال 48 ساعة تعتبر مدة طويلة فى عالم الإنترنت ، فالمحتوى الإباحى قد ينتشر خلال دقائق ، كما حذرت بعض جمعيات حقوق الإنسان من سوء استخدام القانون للحد من حريات الرأى والتعبير ، ومن الرقابة الزائدة التى قد تفرضها منصات التواصل الاجتماعى ، ولكن أعتقد أن هذه المخاوف مبالغ فيها ، و لاتقارن بالآثار السلبية لنشر محتوى إباحى يهدد خصوصية الأفراد ويهدم سمعة الأسر ، فى هذا الإطار أرجو أن يسارع البرلمان المصرى بإصدار قانون مماثل لمنع هذه الجريمة .
أخيراً لابد من تضامن دولى والتوصل إلى اتفاقيات لمنع منصات الذكاء الاصطناعى عن تقديم خدمة أو خيارات خلق الصور والفيديوهات المزيفة المرتبطة بالتصوير الجنسى الصريح، إضافة إلى الزام منصات مواقع التواصل الاجتماعى والشركات المشغلة لها على إدراج أدوات فعالة لملاحقة ومكافحة انتشار مثل هذه الصور المزيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى