الاحتجاجات في قطاع غزة: الشعب يطالب بالتغيير

يارا المصري
بدأت الاحتجاجات في قطاع غزة في 23 مارس 2025 لتصبح ظاهرة واسعة ومنظمة تعبر عن رغبة عميقة في التغيير. ورغم أن هذه الاحتجاجات بدأت كاستجابة لغضب شعبي عابر، إلا أن الاستمرار في الاحتجاجات وتزايد حجمها يدل على شيء أكبر – فالشعب في القطاع يطالب بتغيير حقيقي. ما بدأ كاحتجاجات هادئة تطور سريعًا إلى حركة مدنية واسعة تسعى لتحسين الحياة في غزة وإنهاء سيطرة الجماعات المسلحة، التي يعتبرها الكثيرون مسؤولة عن الوضع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون.
لم تكن الأوضاع في غزة سهلة حتى قبل الحرب، لكن الوضع الاقتصادي والاجتماعي تفاقم بشكل كبير منذ بداية النزاع. يعاني سكان القطاع من نقص في الطعام والكهرباء والمياه، والخدمات الطبية أصبحت شبه معدومة. سيطرة حماس والمجموعات المسلحة على قطاع غزة أدت إلى تقليص فرص العمل، وبات السكان يعيشون في حالة من الفقر المدقع. هذا الواقع دفع الكثير من المواطنين إلى القناعة بأن التغيير السياسي أصبح أمرًا لا مفر منه، وأن غزة بحاجة إلى حكم مدني يضمن حقوق المواطنين.
الاحتجاجات الأخيرة تعكس رغبة الشعب في التغيير، حيث خرج مئات الآلاف من السكان إلى الشوارع في مختلف مدن القطاع والقرى. رفع المتظاهرون لافتات تحمل شعارات مثل “حياة بكرامة”، “لا لحكم الجماعات المسلحة”، و”نريد مستقبلًا أفضل”. هذه الشعارات تعكس رغبة عميقة في التحرر من الهيمنة السياسية التي فرضتها حماس على مدى السنوات الماضية.
محمود، أحد سكان مدينة غزة، يوضح: “أنا لا أريد رؤية حماس في السلطة بعد الآن. هم لا يهتمون بنا، بل يهتمون بمصالحهم فقط. نحن نعيش في فقر، بلا كهرباء، وبلا عمل. حان الوقت للتغيير. لا يمكننا الاستمرار هكذا، كل يوم هو تحدٍ جديد.”
أما مريم، التي تقطن في حي الشجاعية، فتقول: “هم لا يمثلوننا. يتحدثون باسم الدين، ولكن ماذا فعلوا من أجل الدين؟ هم فقط دمروا حياتنا. لا أشعر بالأمان هنا. نحن نعيش في ظروف مروعة، ولا أرى أن المستقبل سيتحسن إذا استمروا في السيطرة.”
يوسف، أحد سكان مخيم البريج للاجئين، يضيف: “لم أعد أصدقهم. وعدونا بالكثير، لكن لم نحصل على شيء. فقط المعاناة. لا أستطيع الاستمرار في العيش هكذا. نريد التغيير. حان الوقت لحياة طبيعية.”
هذه الشهادات تعكس شعور اليأس والغضب الذي يشعر به الكثير من سكان غزة. الاحتجاجات الأخيرة لا تعكس فقط الغضب، بل تعكس أيضًا رغبة حقيقية في التغيير. في نظر المواطنين، لم تعد حماس تمثل الشعب الفلسطيني، بل أصبحت تمثل مصالح مجموعة معينة تسعى للسيطرة دون الاهتمام بحياة المواطنين.
في حين أن الاحتجاجات أخذت زخماً، فإن رد السلطة المحلية كان محدودًا. ورغم محاولات حماس قمع الاحتجاجات، إلا أن الشعب في غزة أظهر إصرارًا على التغيير ولم يبدِ أي نية للتوقف عن الاحتجاج. خلال الأسابيع الأخيرة، أدت النشاطات السياسية المستمرة إلى زيادة الوعي في المجتمع المحلي والعالمي حول الأوضاع في غزة. كما قرر العديد من النشطاء الشباب والمنظمات المحلية الانخراط بشكل مباشر في الاحتجاجات بهدف تحسين الحياة في غزة وتغيير الوضع القائم.
في الاحتجاجات الأخيرة، شاركت أيضًا مجموعات من القطاع الخاص. بدأت المنظمات غير الحكومية والنشطاء الاجتماعيون في غزة بالانخراط العلني في الاحتجاجات، مؤكدين أن الحكومة الحالية فشلت في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين. وتدعي المنظمات الاجتماعية أن الوقت قد حان لمنح سكان غزة الفرصة لاختيار طريقهم بأنفسهم بدلاً من الاعتماد على حكم الجماعات المسلحة الذي يؤدي إلى المزيد من المعاناة.
يبدو أننا أمام فترة من التغيير في قطاع غزة، حيث يعبر الشعب عن رغبتهم في تحسين ظروف حياتهم وخلق مستقبل أفضل. حماس، التي كانت في السلطة في القطاع لمدة عقد من الزمن، تتعرض لضغوط متزايدة من الشعب الذي بدأ يأخذ زمام الأمور بيده. لا يسعى المواطنون في غزة فقط لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، بل يسعون أيضًا لإحداث تغيير سياسي يسمح لهم بالعيش بكرامة وسلام، بعيدًا عن الصراع المستمر.
الاحتجاجات في غزة تمثل شهادة حية على طموح الشعب الفلسطيني لتحسين أوضاعه وتغيير واقعه. إنها لا تعكس فقط تطلعات سياسية، بل هي أيضًا نداء إنساني لحياة أفضل، وخدمات أساسية، ومستقبل يعكس آمال الفلسطينيين.